في ذكرى انتصار تموز 2006 .. بقلم بحري العرفاوي

انتصارات المقاومة و كل انتصارات المقاومة في أي بقعة من العالم و في أي زمن إنما هي انتصاراتنا و إننا نجد أنفسنا فيها منتصرين و مُسهمين و مؤتمنين و مدعووين إلى دعم أي نصر بانتصارات أخرى، إننا لسنا مجرد مؤرخين و لا ناقلي معلومة و لا مشاهدي ملاحم و بطولات.
إننا إذ نحيي ذكرى انتصارات أمتنا فإنما نحييها منجذبين إلى المستقبل لا مشدودين إلى ماض و لا مُستعيضين بنصر عن هزيمة لأننا لم تتملكنا حالة “المهزومية” بما هي حالة يأس و فقدان ثقة بالنفس و تسليم بالضعف و العجز و انقياد إلى مسارات يرسمها العدو سواء في مسارات التفاوض أو مسارات التوسع.
الذين يُشككون في انتصارات أمتهم أو يسخرون من المتكلمين في الإنتصار عليهم الإنتباه إلى مخاطر مواقفهم تلك وآثارها السلبية على “الوعي” و على “الأمل” لدى عموم الناس ولدى شبابنا خاصة.
لسنا نشير إلى الذين يتمنون الهزيمة للمقاومة فأولئك ستقتلهم خيباتهم وحسراتهم قريبا و ربما يُحاكمون ككل الخونة و تقول فيهم دماء الشهداء أحكامها.
إننا ننبه أناسا صادقين ولكنهم يسيئون تقدير الموقف و تنوء أنفسهم بعبء الخيبات و الخيانات فيكادون يفقدون الأمل في أمة لا تكف عن التحلل و التفكك والتبعية والضعف، نذكرهم بأن الإنتصارات إنما هي بناتُ الشدائد ولا معنى لنصر زمن رخاء ويُسرٍ.
الانتصارات تُنتزع من الشدائد و تُنحت في صخر و تُرفع على هامات الشهيدات والشهداء و الأحرار. حين نرى شبابا في عمر الماء ينسابُ متدفقا من ينابيع غزة يواجه الرصاص ساخرا و يستشهد مبتسما و حين نشاهد أمهات الشهداء يزغردن لا يبكين و لا يُصدَمن و حين نرى قادة حماس مع الجماهير قُبالة قناصة الكيان الصهيوني لا يُمكن إلا أن نكون انتصاريين آملين واثقين من أن الأمة حبلى دائما و أنها ولودة ولادة رغم عقوق كثير من أبنائها و خيانة جل حكامها.
و حين نستدعي التاريخ و نستحضر تجربة مجموعة من شباب حزب الله يواجهون الكيان الصهيوني بالكاتيوشا حتى دحروه في 2000 ثم صمدوا قبالة أعتى أسلحته 33 يوما في حرب تموز ثم ها أصبحوا يُرعبونه و يتهيّب حربا جديدة معهم، من عايش شباب حزب الله أسبوعا في الجنوب يفهم سر انتصارات المقاومة .
إن الانتصارات التي تحققت والتي ستتحقق إنما هي انتصاراتنا نحن، نحن بوعينا وإرادتنا و دعائنا و كتاباتنا و معاركنا الفكرية و صمودنا أمام أوحال التلبيس و الخلط والتشويه و التشويش، المعارك القادمة ستكون أعنف و أشد ضراوة و نحن فيها لسنا ننأى بأنفسنا عن خوضها لا فقط لأننا واثقون من نصر جميل ـ و سيكون بفضل الله ـ وإنما لأننا واثقون من عدالة معركتنا و مطلعون على خيانات الخونة و جرائم المجرمين.
نحن لم نبدل مواقعنا و لم نقم ب”مراجعات فكرية” و لم تنطل علينا حِيَل مُختبراتُ “الفتنة” و لم نصطف اصطفافا أملته التسوياتُ المائلة و الترتيبات الدولية الجديدة، نحن مازلنا على حبنا البِكرْ و على عهدنا الذي أنشدناه صغارا و شبابا و كهولا و مازلنا ونحن شيوخ ننشد نفس القصيد و لسنا “نشتغل” عند قوم يتخذون لأنفسهم في كل موسم خيمة أو مظلة، هذا سبيلنا لم نبدله و قاعدة المعركة عندنا : أوفياء للأمة قُبالة الاعداء كما قبالة الخونة والعملاء والجبناء ولسنا ننتبه إلى تصنيفات على أساس دين أو مذهب أو حزب أو قُطر أو جنس أو طبقة ، و لم نتهم أحدا بخيانة ولا بجبن ولا بغدر إلا من تجرأ على شهدائنا فلن يكبر قُبالتنا وفي زمن العاصفة، تكونُ السماء بلا عاطفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *