طنجة عروس الاطلس تتجمل وتجمع دول ضفتي المتوسط ….. بقلم اسيا العتروس

استعدادا لقمة مراكش حول المناخ
طنجة عروس الاطلس تتجمل وتجمع دول ضفتي المتوسط …
 
طنجة  تطوان الحسيمة كتبت اسيا العتروس
احتضنت منطقة طنجة  تطوان الحسيمة على مدى يومي 18 -19 جويلية منتدى ميد كوب 22 او “ Med Cop“حول المناخ ولذي جمع ممثلين عن مختلف الأطراف المتوسطية من سياسيين و خبراء وممثلين عن المجتمع المدني والمنظمات غيرالحكومية الى جانب الاتحاد من أجل المتوسط, وقد شكل اللقاء الذي يأتي بعد قمة باريس حول المناخ وقبل أشهر على موعد قمة مراكش في نوفمبرالقادم صرخة فزع حول التغييرات المناخية و تاثيراتها على المنطقة وضرورة البحث عن البدائل والحلول لمواجهة التحديات البيئية المعقدة بكل ما تعنيه من تقليص للثلوث البيئي والبحث عن الاستثمار في الطاقات البديلة لا سيما الطاقة الشمسية  الرياح كمصدر جديد للطاقة حماية للبيئة ولحق الأجيال القادمة  في محيط تتوفر فيه أسباب العيش الكريم .
لقاء طنجة الذي يستبق قمة مراكش بنحو خمسة أشهر شمل تنظيم عشرات الورشات والمنابر لتبادل الآراء والاقتراحات والمبادرات التي تنتظر التفعيل والتمويل المطلوب من الأطراف المعنية لإنقاذ محيط  بيئي بات مهدد بفعل التحولات المناخية ولكن أيضا بفعل تداعيات ضريبة التطور الصناعي وتفاقم مظاهرالتلوث والتدمير للبيئة و للمحيط المتوسطي لا سيما في دول جنوب المتوسط التي توشك أن تتحول الى مجمع للنفايات القادمة من مصانع دول الشمال , منتدى طنجة الذي سجل حضورا مكثفا حيث جمع نحو ألفي مشارك من مختلف دول حوض المتوسط وان سلط الأضواء على مخاطر العصر فقد أكد أيضا أن غياب الإرادة السياسية للدول الصناعية مسألة لا يمكن اسقاطها أو تجاهلها من الاتفاقيات المرتقبة التي ستكون ضمن أولويات قمة مراكش القادمة بما يمكن أن يوفرمناخا افضل للعيش للأجيال القادمة .تجملت طنجة وتفنن أهلها في تقديم أفضل صورة لاستقبال ضيوفها والترويج للوجه الجديد للمدينة التي يراد لها ان تكون نموذجا  يسوق لمدينة عربية متوسطية يحلو فيها العيش والتأكيد على مدى استعداد المغرب لاحتضان اللقاء القادم في مدينة مراكش  التي ستكون محط أنظار العالم وهو اللقاء الدولي الذي يفترض أن يجمع نحو ثلاثين الف من أصدقاء البيئة .
-طنجة اختبار حاسم
واذا كان “ميد كوب 22 ” للمناخ  بطنجة يسعى الى تأكيد البعد المتوسطي لمكافحة التغييرالمناخي وتنظيم التزام الأطراف الفاعلة واعداد المشاريع المناخية التي تساعد على تنفيذ خارطة طريق فعلية للتخفيف من التغييرات المناخية وتوفيرالتمويلات العمومية والخاصة أوما اصطلح على وصفه خلال المنتدى ب”العدالة المناخية ” واعلاء صوت المتوسط في النقاش المناخي , فان المثيرفعلا أن تكون مدينة طنجة التي احتضنت الحدث الى اختبار حاسم قبل القمة القادمة وأن ترفع الرهان استعدادا للحدث الذي سيجعل المغرب محط أنظار العالم .
والواقع أن طنجة التي فتحت ذراعيها لاحتضان ضيوفها من ضفتي المتوسط شكلت مفاجأة للكثيرين الذين يكتشفون هذه المدينة لأول مرة لا من حيث موقعها الجغرافي وما تتميزبه من طاقة بديلة ممثلة في الطاقة الشمسية والرياح التي لا تكاد تنقطع طوال أيام السنة , ولكن أيضا باعتبارها مدينة نموذج أوهذا على الأقل ما أراده منظموالمنتدى و سلطات المدينة التي تجمع نحو مليون ساكنا و تعد في ترتيب المدن المغربية سادس أكبر مدينة و تتميز بأنها نقطة التقاء البحر المتوسط و المحيط الأطلسي من جهة و بين القارة الافريقية و القارة الأوروبية من جهة ثانية حيث لا يفصلها عن السواحل الاسبانية غير ثلاثة عشر كيلومتر بحيث يمكن للزائر أن يقضي يومه في اسبانيا و يعود الى طنجة في أقل من نصف ساعة عبر السفن السياحية الرابطة بين الجانبين . وبالاظافة الى ما تميزت به المدينة من نظافة المحيط وغياب أكوام الاوساخ  المقززة التي دأبنا على مشاهدتها للأسف في شوارعنا ومدننا العربية الجميلة فقد كان واضحا أن النتيجة لم تكن من دون جهود أيضا وقد لا يكون من المبالغة الإقرار باننا وكلما نزلنا الى الشوارع الا وقعت اعيننا على أعوان البلدية في كل الأوقات يتناوبون على تنظيف الشوراع والكورنيش الذي لايكاد يخلومن المصطافين أوالمارة . وأما الملاحظة الثانية التي لا تغيب عن أعين ملاحظ  فتتعلق بما تشهده المدينة من تنافس بين سكان مختلف الاحياء على تجميل شوارع المدينة و تحويل الازقة والبوابات و أزقة المدينة العتيقة فيها الى لوحات فنية هي أشبه بالمتحف المفتوح الذي يقدم للزائر جملة من اللوحات الزيتية المستوحات من الثراث المغربي والامازيغي وتحديدا من شمال المغرب والتي يتفنن في تقديمها شباب مغربي لتغيير وجه المدينة والقطع مع الأفكار المسبقة بشأن ارتباط طنجة بالمخدرات والتطرف والعنف والفقر .وعموما فان في الملاحظة الثالثة التي سنتوقف عندها ما يمكن أن يعكس وجها جديدا يتطلع المغرب اليه لكسب جزء من تحديات بيئية مصيرية كثيرة و من ذلك أن طنجة قد قطعت مع استعمال الاكياس البلاستيكية بمقضى قانون تم اقراره العام الماضي .وسيفاجئ الزائربعدم استعمال التجار لهذه الاكياس واستبدالها بتلك الاكياس الورقية وهو ما جعل المدينة تتخلص من ذلك المشهد المشين وتناثر الاكياس السوداء في الشوارع وعلى الشواطئ وهي خطوة قد تحظى برضاء الكثيرين لا سيما المهتمين بحماية البيئة ولكنها أثارت انتقادات وسخط الكثيرين الذين اعتبروا أن منع استعمال الاكياس البلاستيكية ساهم في اغلاق عديد المصانع و قطع أرزاق الالاف وهو ما يستوجب  التفكير جديا في توفير البدائل  وتجنب التداعيات  الاجتماعية الخطيرة .
طبعا سيكون من الغباء الاعتقاد أن منتدى طنجة حمل في طياته كل الحلول البيئية المطلوبة أو أن مصطلح “العدالة البيئية “الذي يحلو للخبراء تداوله بات أمرا محسوما و لا شك أن منتدى طنجة الذي شكل مناسبة لمناقشة الرهانات الكبرى وأهمية تحالفات الماء والطاقة والامن الغذائي للتغيير المناخي  لا يزال في بداية الطريق لان الاعقد لم يبدأ بعد . وفي مجمله فان منتدى طنجة يعتبر خطوة ثانية بعد المؤتمر الأول للمناخ لدول حوض المتوسط في مرسيليا العام الماضي . وهو لقاء يسعى المنظمون الى ان يتحول الى موعد سنوي متداول بين دول المتوسط وان يساعد في إعادة اشعاع المتوسط مهد الديانات والحضارات والثقافات والفلسفة والعلم بعد ان اضحى مرتعا بل مقبرة للنفايات السامة وفضاءا شاقا لمواطنيه من الدول المختلفة في رحلة البحث عن الحرية والكرامة و قطعة الخبز ..
 طنجة عروس المتوسط  كما يحلو لاهلها وصفها كانت على موعد مع الحدث أوالاختبار الأول الذي استعدت له المغرب في انتظار الاختبار الحاسم عندما لاحتضان قمة مراكش حول المناخ لتحديد الأولويات .ولعله من المهم الإشارة الى أن لقاء طنجة يكتسي أهمية بالغة بالنظرالى أهمية منطقة المتوسط  الجيوستراتيجية وما تفرضه متطلبات العيش المشترك من ضرورة تضافر الجهود لحماية هذا الفضاء لا سيما امام النمو الديموغرافي المتسارع وتطورات الحياة وافرازات ضريبة التطور الصناعي و التكنولوجي و تنامي أسباب و مظاهر التلوث البيئي . إلياس العماري، رئيس جهة طنجة تطوان الحسيمة، الذي تولى قراءة كلمة الملك محمد السادس في افتتاح مؤتمر طنجة اعتبر ان الهدف من تنظيم المنتدى المتوسطي للمناخ ميد كوب22، هو التعريف بالمخاطر البيئية التي تعاني منها دول البحر الأبيض المتوسط.
واضاف العماري، في ندوة صحفية “أن ضفاف البحر الأبيض المتوسط التي كانت محط تلاقح العديد من الحضارات، في طريقها كي تصبح مقبرة جماعية لمواطنات ومواطنين يبحثون عن الحرية وقطعة خبز يابسة وقنينة ماء”، مشيرا إلى أن دول البحر الأبيض المتوسط من بينها المغرب أصبحت مقبرة للنفايات.
وأوضح العماري أن الإرهاب الحقيقي الذي يعيشه العالم يتجلى في تدمير المقومات الأساسية للبيئة وهو بمثابة إعلان الموت، مشيرا إلى أن احتضان مدينة طنجة للدورة الثانية لـ”ميد كوب 22″، يساهم في في إبعاد شبح الموت عن البحر المتوسط وعن المغرب.
بيان ميد كوب 22 “الصادر في أعقاب منتدى طنجة دعا الى ادراج مقاربات المتوسط في إطارالأمد الطويل وفي أفق أجندة إيجابية مناخية حقيقية تشرف على تنسيقها هيئة دائمة يكون مقرها في طنجة، وجعل المتوسط فضاء للامتياز يقيم الدليل على أن التخفيف والتكيف مع التغيرات المناخية لايمثلان إكراها، وإنما يشكلان كذلك رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للأبيض المتوسط.
-طنجة بين الأسطورة والواقع
كثيرة هي الاساطير الشعبية المتداولة حول مدينة طنجة و لكن اشهرها تظل منحصرة في اسطورتين . أما الأولى وقد تكون الاكثر تداولا بين سكان مدينة طنجة فتذكر أنه بعد الطوفان التي ضرب سفينة نوح  تاهت السفينة خلال البحث عن وجهة لها أو مرفئ أو يابسة ، وذات يوم حطت حمامة فوق السفينة وشيء من الوحل في رجليها، فصاح ركّاب السفينة “الطين جا، الطين جا”، أي اقتربت اليابسة، ومن ثم سميت المنطقة “طنجة“.
أما الأسطورة الثانية و هي مرتبطة بالاغريق فتقول أن  “بوسيدون” اله البحر و”غايا “التي كانت ترمز للأرض كان لديهما ولد اسمه ” أنتي ” وكان دائم الاعتداء على المسافرين، حيث كان يقتلهم دائماً ثم يحصل على جماجمهم ليصنع منها معبداً يهديه إلى أبيه، وقد أطلق “أنتي ” على المملكة التي كان يحكمها اسم ” طنجنة “أو تنجيس وهو اسم زوجته، إلى أن حصلت معركة حامية الوطيس بينه وبين هرقل، استطاع فيها هرقل أن يتغلب على  “أنتي ” ويتزوج زوجته وأن يشق البوغاز وهو من المضائق حيث يقع ما بين المغرب وأوروبا، ولقد أنجبت ” أنتي ” ابناً من هرقل اسمه” سوفوكوس ” وهوالذي أنشأ فيما بعد ” طنجيس “، على أساس أنها مستعمرة من مستعمراته. وبإمكان الزائراليوم التوجه الى راس سبارتيك Cap Spartel   أو مغارة هرقل و مشاهدة الموقع الذي يعتقد الكثيرون ان هرقل كان يتدرب فيه على المصارعة والاطلاع مباشرة على المنفذ الى المضيق وهوفي شكل خارطة القارة الافريقية اوهذا على الأقل ما يبدو للعين المجردة 
تِنجِيس إبنة الإله أطلس أو تيجيزيس ويعني ميناء أو طنجة اليابسة أشبة أو البيضاء أو ليلى كما أطلق عليها المسلمون لاحقا بموقعها الاستراتيجي بين المتوسط والأطلسي وبين أوروبا وافريقيا مشروع اقتصادي وبيئي واعد وهي اليوم ورشة مفتوحة لعديد المشاريع و الحضائر والبناءات العصرية الفاخرة على طول الكورنيش الذي  يمتد على ثلاثين كيلومترا والتي تشهد على صحوة اقتصادية وسياحية للمغرب الذي عرف كيف يستقيد من الازمات السياسية المتلاحقة في المنطقة و يجعل المغرب قبلة المستثمرين المحليين و الأجانب و قبلة امراءو ملوك الخليج الذين يقبلون على المملكة  مرفوقين بالعشرات بل بالمات من أفراد عائلتهم  لقضاء عطلتهم الصيفية وإقامة أفراحهم و يقدمون بذلك على استئجار عشرات الفنادق …  الأكيد أن مدينة طنجة قدمت لزوارها خلال منتدى “ميد كوب 22 ” أشبه بطبق  من المقبلات  و سيكون على مدينة سوسة التونسية التي تقرر خلال المنتدى أن تحتضن الدورة القادمة خلال عام ان تستعد للموعد وتستبق مختلف التحديات القائمة لتحمل الرهان وحمل المشعل لاحقا لانجاح الحدث  و التسويق للصورة التي تستحقها مدينة سوسة جوهرة الساحل ..
وفي انتظار قمة مراكش في نوفمبرالقادم يبقى الأكيد أن الاختبارالقادم لن يكون هينا وأن الأشهرالمتبقية قبل قمة المناخ ستكون حاسمة في الاستجابة لمختلف الصعاب حتى لا يظل مصطلح  “العدالة البيئية “مجرد شعار يرفعه المسؤولون الرسميون للاستهلاك الإعلامي فالمخاطرالبيئية الناجمة عن التلوث بمختلف انواعه باتت مصدر تهديد حقيقي للأجيال المتعاقبة و تحتاج الى الخبراء لتحديد الأولويات وتفعيل  الخيارات والسياسات المطلوبة  ..
و الأكيد أن طنجة , نقطة الاتقاء بين البحرالأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي والنقطة التي تلتقي عندها أفريقيا بأوروبا لن تكون سوى بداية …
اسيا العتروس إعلامية تونسية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *