شوكات: الباجي أكثر سياسي فهم التونسيين.. والإرهاب لن ينتصر في تونس

حذر خالد شوكت الناطق الرسمي باسم الحكومة، في حديث مع «الشرق الأوسط»، من “انتصار “داعش” والميليشيات المتورطة في العنف والإرهاب في ليبيا ودول جوارها الأفريقي”.

وفي ما يلي نص الحوار الذي أدلى به شوكات لصحيفة الشرق الأوسط:

* يشبهك البعض بصفتك الوزير الناطق الرسمي باسم الحكومة وقياديا في حزب نداء تونس الحاكم، بـ«الطبيب النفساني» الذي يحاول إبراز الإيجابيات وترجيح التفاؤل.. ألم يحن وقت الإقرار بإخفاقاتكم؟ وبتعمق الهوة بينكم وبين شعب تونس، وخاصة الشباب والمهمشين وأبناء الجهات الداخلية؟

أعتقد أن الباجي قائد السبسي أكثر سياسي فهم التونسيين بمختلف ميولاتهم وأفكارهم وتوجهاتهم، اليسارية والليبرالية والإسلامية والقومية والوطنية. لقد فهم قائد السبسي الإسلاميين واليساريين أكثر من زعاماتهم، وفهم ملايين “الدستوريين” و”التجمعيين” الذين انخرطوا في حزبي الرئيسين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، أكثر مما فهمهم الرئيسان السابقان. لكن الأزمات الهيكلية الموروثة عن العقود السابقة ثقيلة اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا وسياسيا. وفي هذا السياق يمكن أن نفهم استفحال مشكلات تونس الجديدة، وبينها البطالة والخلل في التوازن بين الجهات والفئات.

في نفس الوقت لا يخفى أن حكومة الحبيب الصيد، التي أنتمي إليها، بدأت مسارا حقيقيا لتغيير المنوال التنموي، وتحسين البنية الأساسية في كل الجهات، وإصلاح قوانين الاستثمار والجباية. لقد ورثت تونس عن النظام السابق نظاما اقتصاديا تقليديا يعتمد على التبعية للخارج وعلى “الريع” الذي توفره مؤسسات اقتصادية عالمية لتونس، مثل الشركات المتعددة الجنسيات في قطاعي الطاقة وصناعة السيارات. لكن التوجهات الجديدة التي تعتمدها حكومتنا سوف تدخل تونس في “نادي الكبار” رغم تأثرها سلبا بالتطورات الاقتصادية السلبية في الاتحاد الأوروبي، الشريك الاقتصادي الأول لتونس بنسبة تفوق 70 في المائة.

إضرابات وتخوفات

* لكن الإضرابات والاعتصامات والمظاهرات التي ساهمت في الإطاحة بحكم زين العابدين بن علي، وبحكومات ما بعد انتفاضة جانفي 2011، لا تزال تربك البلاد والمستثمرين، وتهدد – حسب البعض – بإسقاط حكومتكم، وفي نشر مزيد من البطالة والفقر والتهميش، وهو ما يساعد على انتشار العنف والإرهاب والتشدد.

في عهد الديكتاتوريات تختفي الاحتجاجات الاجتماعية والشبابية والسياسية بسبب القمع، إلى أن تنفجر “القنبلة” في وجه الجميع. لكن في عهد الديمقراطية يتمسك الشباب والنقابيون والمعارضون بحقهم في التحرك العلني والتظاهر والاحتجاج. ونحن ندعو الجميع إلى احترام القانون وأولويات البلاد. ثم إن الحوار الاجتماعي والسياسي متواصل بين النقابات من جهة ورئيسي الدولة والحكومة والوزراء من جهة ثانية، وهو ما قد يفضي لحلول للمشكلات العالقة. وإذا كانت الأعوام الماضية أفرزت توافقات حول الدستور والخيارات السياسية لتونس الجديدة، فإني أعتقد أن المرحلة القادمة ستفرز توافقا حول الأولويات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والتنموية.

خطر «داعش» والقاعدة

* لكن تعاقب العمليات الإرهابية والبلاغات الأمنية الرسمية حول الإرهاب في تونس، يوحيان بأن تونس لا تزال مهددة بخطر تنظيم داعش والقاعدة وحلفائهما، لعمليات جديدة ضد مؤسسات سياحية وسياسية تونسية.

الإرهاب لن ينتصر في تونس؛ لأن تماسك الطبقة الوسطى والنخب التونسية يشكل “حزام أمان” قادر على التصدي لظاهرة الإرهاب. بل أزعم أن تونس قد تشهد عمليات عنف وإرهاب جديدة، لكن انتصار ظاهرة الإرهاب في تونس مستحيل، بفضل عراقة الطبقة الوسطى والنخب، وتماسك الاقتصاد والدولة هنا.

كما أن وضع تونس يختلف عن أوضاع دول عربية وأفريقية وإسلامية شقيقة، انتصرت فيها ظاهرة الإرهاب. ورغم ذلك أعتبر خطر “داعش” و”القاعدة في المغرب الإسلامي” وتنظيمات مماثلة، خطرا حقيقيا في تونس وليبيا وشمال أفريقيا، إذا اعتبرنا أن المقصود إمكانية تسجيل عمليات إرهابية جديدة مماثلة للهجمات السابقة على المتحف الوطني، أو أحد الفنادق السياحية، أو وحدات الأمن والجيش الوطنيين. لكن المجتمع التونسي أثبت مرارا، وخصوصا في مدينة بن قردان الحدودية مع الشقيقة ليبيا، تعاونه مع قوات الجيش والأمن ضد الإرهابيين.

حرب جديدة في ليبيا

* وماذا لو تعقدت الأوضاع في ليبيا مجددا، بما قد يبرر تدخلا عسكريا أجنبيا وشن حرب واسعة جديدة في أغلب أقاليم ليبيا، التي تبدو مهددة بـ”حرب عالمية بالوكالة” على غرار الحرب التي تعصف بسوريا والعراق منذ سنوات؟

موقفنا في حزب نداء تونس وفي الحكومة ورئاسة الجمهورية واضح، من حيث دعمنا لمسار التسوية السياسية في ليبيا. وفي هذا السياق استقبل رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، فايز السراج رئيس مجلس الرئاسة الليبية، الذي وقع اختيار أعضائه عليه بعد توافقات الأطراف الليبية، في أعقاب مفاوضات الأمم المتحدة في الصخيرات المغربية. وفي نفس السياق أيضا تندرج الزيارة التي أداها رئيس الحكومة الحبيب الصيد ووزير الخارجية خميس الجهيناوي إلى طرابلس، حيث عقدا جلسة عمل مع مجلس الرئاسة الليبي بزعامة فايز السراج، تأكيدا على دعم تونس للتسوية السياسية وخيار حقن الدماء، واستبعاد خيارات الحرب والتدخل الأجنبي والتدويل لأزمات المنطقة. إنها مرحلة انتقالية لكني أعتقد أن العقلاء والحكماء سينتصرون. نحن متفائلون بمستقبل تونس وليبيا، وأعتقد أن الإرهابيين والدواعش وحلفاءهم سينهزمون رغم خطورة التهديد الإرهابي الحالي لكل بلدان العالم من أوروبا إلى أميركا، وصولا إلى دولنا العربية، وبينها تونس وليبيا وشمال أفريقيا.(الشرق الأوسط)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *