سياسيون و عسكريون يحذرون من تبعات تشريك الأمن و الجيش في الانتخابات

منية العيادي – مغرب نيوز

 

  • تخوفات من تسريب معارك الأحزاب و السياسيي إلى ثكنات الجيش و الأمن 

 

تصاعدت مؤخَرا عدَة أصوات و آراء من سياسيين و عسكريين تنادي برفض و إسقاط مشروع القانون المقترح الذي يقضي بتمتيع أعوان الأسلاك المسلَحة من جيش و قوات أمن داخلي و ديوانة من ممارسة حق الانتخاب و الذي اقترحه عدد من النوَاب و لم يتمَ الحسم فيه بعد و اعتبره البعض مدخلا لتسييس السلكين الأمني و العسكري و ضربا لقاعدة الحياد التي ينص عليها الدستور  .

 

أمير اللواء المتقاعد محمد المؤدب، إعتبر أنَ هذا الإجراء لا يأخذ بعين الإعتبار خصوصيَة تلك الأسلاك و واقع بلادنا الذي يطرح اشكاليات عديدة كما اعتبره دعوة مفتوحة للعسكريين و الأمنيين للتَسيس  ما ينذر بنهاية حياد المؤسَستين و مقتضياته التي ينص عليها الدستور و أشار إلى خطورة احتكاك العسكريين و الأمنيين بالسياسة سواء على مستوى الانقضاض على السلطة أو على مستوى تفكك الوحدات العسكريَة و تشتيتها و تعريضها لمناورات و لحسابات سياسية و ولاءات حزبيَة و انعكاس ذلك سلبيَا على نجاعتها في أداء مهامها.

و رأى المؤدب -على عكس البعض الذين يرون أنَ عدم تشريك الأسلاك العسكريَة و الأمنيَة في الانتخابات فيه إقصاء لهذه الفئات من ممارسة حق سياسي – أنَ ذلك لا يعتبر إقصاءا بل يعد تعليقا لحق الانتخاب طيلة مدَة “حمل السلاح” و هو إجراء مطابق للدستور و ضرورة تبررها خصوصيات الأسلاك.

و قال إنَ “جلَ الحريات و حقوق المواطنة في الدستور التونسي ليست مطلقة”، و أن الأسلاك المسلحة من جيش و أمن و ديوانة و الخاضعة لقوة سياسية مدنية “لها خصوصية متأتية من حملها للسلاح، وهي قوات محمولة على الحياد و الانضباط ” في إشارة إلى الفصل 18 من الدستور و الخاص بقوات الجيش الوطني و الذي ينص على أنَ  “الجيش الوطني جيش جمهوري و هو قوَة عسكرية مسلحة قائمة على الانضباط، مؤلفة ومنظمة هيكليا طبق القانون، و يضطلع بواجب الدفاع عن الوطن واستقلاله و وحدة ترابه، وهو ملزم بالحياد التام. ويدعم الجيش الوطني السلطات المدنية وفق ما يضبطه القانون” و في إشارة أيضا إلى الفصل 19 الخاص بقوات الأمن ” الأمن الوطني أمن جمهوري قواته مكلفة بحفظ الأمن و النظام العام و حماية الأفراد و المؤسَسات و الممتلكات و انفاذ القانون في كنف احترام الحريَات و في إطار الحياد التَام”  و فسَر الانضباط بميزتي التفرغ للواجب فقط و نكران الذَات الذي اعتبرهما جانبا من الخصوصيَة و طبيعة المهمَة .

و أكد أن من أولويَات هذه الأسلاك هو النَجاح في مهامها و اعتبره هدفا “يسمو  على بقية الحقوق الفردية و المدنية نظرا لخصوصياتها” مضيفا أنَه “لا يمكن لهذه الأسلاك حيازة الأسلحة والتمتع بكافة الحقوق .. فذلك قد يمثل خطرا و تغولا” مشيرا إلى أن حرمانها من الحق في الانتخاب لا ينقص من مواطنتها لأنه ليس من ضمن أولوياتها.

أمير اللواء حذَر أيضا من المخاطر على المستوى الفردي و المؤسساتي” نتيجة إقحام المؤسسات الأمنية و العسكرية و الديوانة في الشأن السياسي، وهو ما قد ينعكس على الوحدة المطلوبة لنجاح المهام الموكولة الى تلك القوات، فضلا عن تدني مستوى الانضباط الذي قد يصل الى حدود العصيان، على حد تعبيره و دعا إلى النَظر في الأولويات الحقيقية لهذه الاسلاك، ومن بينها توفير المعدات اللازمة لها خاصَة في محاربتها للإرهاب و الاهتمام بأوضاعها الاجتماعية.

 

العميد المتقاعد و رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل “مختار بن نصر” قال إنَه لا يمكن فهم الحياد المنصوص عليه في الدستور إلاَ على أنَه حياد سياسي و قال إنَ مشاركة هذه الفئات في الانتخابات هو ضرب لقاعدة الحياد و هي قاعدة دستوريَة “فكيف لضابط مثلا أن يفكر بطريقة حزبيَة و أن يتمع إلى أعضاء حزبه و يحضر اجتماعاتهم سرًا أو علنا و يدلي بصوته أن يكون محايدا و يضطلع بمهامه في كنف الحياد” .

و اعتبر بن نصر أنَ الجيش التونسي لو لم يكن محايدا سياسيَا لما تصرَف بتلك الطريقة أثناء الثورة و لرفع السلاح دفاعا عن حزبه و هو ما حدث في عدة بلدان أخرى و أضاف ” قمنا بدراسة ل26 جيشا حول العالم فلم نجد هذا الاستثناء للجيش التونسي”

و قال “إذا وضعنا العسكري أمام إمكانية أن يلج إلى الحلقات السياسيَة و أن يفكر بشكل سياسي و أن ينتمي و لو نظريَا إلى أفكار سواء كانت إيديولوجية أو دينيَة أو غيرها نكون قد ضربنا قاعدة الحياد في الصَميم”.

كما أشار إلى أنَه منذ الحرب العالمية الثانية إلى اليوم وقع 120 انقلابا في العالم قادته جيوش لأنَها كانت مسيَسة من قريب أو من بعيد أما بالنسبة للبلدان العربية فقد وقع 24 انقلابا و على رأس القائمة سوريا و العراق و اليمن و السودان و مصر و بالتالي إذا تمَ الأخذ بهذه المعايير فنجد أنَ الجيش له من القوَة ما يمكنه إذا تسيَس من استعمالها.

من جانبه قال السياسي و وزير المالية الأسبق “إلياس الفخفاخ” إنَ إدخال الأسلاك الأمنيَة في زوبعة العمل السياسي و في ظل الوضع الذي تعيشه تونس اليوم سيخلق بلبلة داخل المؤسستين الأمنيَة و العسكريَة و مكوناتهما خاصَة و أن استطلاعات الرَأي  منذ 2011 إلى اليوم تثبت أن المؤسسة العسكريَة حائزة على ثقة كبيرة من أكثر من 90 % من المواطنين التونسيين مع تعافي المؤسسة الأمنية التي كانت على قطيعة مع المواطن و التي حازت الآن حسب نفس الستطلاعات على أكثر من 50 %  من الثقة و دعا الفخفاخ إلى الحفاظ على تلك الثقة و عدم إدخال هاته الفئات في التَجاذبات السياسيَة و الولاءات و هو ما قد يخلق الانقسامات بين أفراد المؤسَستين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *