منية العيادي
قال وزير الخارجية الأسبق و رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية رفيق عبد السلام إن اسرائيل تمعن في سياساتها التوسعية و قضم الأرض و تهويد القدس، و استهداف المدنيين في الضفة و القطاع في تجاهل لكل قرارات الشرعية الدولية و حقوق الشعب الفلسطيني، و استمرار في سياسة الحصار و خنق الفلسطينيين داخل الخط الأخضر و فِي الضفة و القطاع.
و أضاف رفيق عبد السلام خلال ورشة عمل بعنوان “مستقبل القضية الفلسطينية في ظل وضع اقليمي و دولي متفجر” أن التراجع المريع للموقف الرسمي العربي و انشغال العرب بصراعاتهم البينية و صعود سياسة المحاور مجددا، ثم محاولة إعادة رسم هوية الصراع و الأولويات في المنطقة. فالبعض بات يتحدث عن الخطر الإيراني و الآخر يتحدث عن الخطر التركي أو خطر الاسلام السياسي و ما شابه ذلك ،بغرض التغييب المتعمد للقضية الأكبر و الأخطر في المنطقة، و هي قضية الصراع العربي الاسرائيلي، و التهرب من الالتزامات الوطنية و القومية و الإسلامية المرتبطة بفلسطين.
و قال وزير الخارجية الأسبق إن الأنكى و الأمر من كل ذلك، أن النظام الرسمي العربي بات يتجه إلى مقايضة فلسطين و القدس بالدعم الخارجي و لعبة التموقع في الحكم ، و فِي هذا السياق يتزايد الحديث عما أسماه البعض بصفقة القرن و غيرها من المبادرات الأخرى التي يراد من ورائها التخلص من أعباء القضية الفلسطينية و إعادة ترتيب الأولويات في المنطقة بمعزل عن معطيات التاريخ و الجغرافيا و الاعتبارات الاستراتيجية التي حكت المنطقة منذ أواسط القرن الماضي.
و أشار إلى أن تشكل موقف دولي منحاز بالكامل للصف الاسرائيلي على حساب الحقوق الفلسطينية و العربية ،خصوصا مع صعود حكومات يمينية في الولايات المتحدة الامريكية وبعض العواصم الأوروبية، و من ذلك القرار الامريكي بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب الى القدس، مع وجود لوبيات يمينية و صهيونية متنفذة في الادارة الامريكية و خارجها تعمل على فرض الرؤية الإسرائيلية على المنطقة، و ربما الدفع باتجاه موجة جديدة من الفتن و الحروب، سيكون حتما العرب و المسلمون هم وقودها و محركها و ضحاياها في نفس الوقت.
كما استنكر رفيق عبد السلام استمرار الانقسام الحاصل في الصف الفلسطيني على حساب الاعتبارات الوطنية الجامعة، في ظل وضع إقليمي و دولي يدفع باتجاه تعميق هذا الانقسام بدل العمل على تقريب الشقة و بناء أرضية الحوار المشترك بين مختلف مكونات الساحة الوطنية الفلسطينية على قاعدة مواجهة مشروع التهويد و الاستيلاء على القدس و الاستيطان .
و أشار إلى أنه رغم تراجع الاهتمام الرسمي بالقضية و تخلي النظام الرسمي عن الثوابت بزعم وجود مخاطر و مهددات اكبر، إلا أنه يتوجب الانتباه و ليس من اليسير تجاهل طبيعة المعطيات السياسية و الاستراتيجية التي حكمت المنطقة لعقود متتالية من الزمن، كما أن ما يدعو للتفاؤل هو أن بوصلة الشارع الفلسطيني و العربي و الإسلامي مازالت معدلة على فلسطين و القدس الى حد كبير، رغم محاولات تشويه الوعي و تزييف الواقع فهي الميزان الحقيقي الذي توزن به مواقف الدول و الأفراد و الجماعات.