رئيس حكومة أم رئيس وزراء: حقيقة الدلالة و رمزية المصطلح … رياض الشعيبي

بعد أن تم تكليف السيد محمد الحبيب الجملي بتشكيل الحكومة، اختلفت (كالعادة) المواقف في تقييم هذا الخيار. سواء من حيث مقارنة هذه الشخصية بغيرها من المرشحين، أو من حيث كفاءتها وقدرتها على ادارة الحكومة الجديدة.

فمن حيث المقارنة، لا شك ان شخصيات اخرى، تبدو اكثر شهرة منه، دخلت معه السباق؛ لكن هل كان هذا كافيا بذاته لترجيح كفتهم على حسابه ؟
دعنا بداية نضع المسألة في اطارها: فحركة النهضة هي المعنية بالدرجة الاولى بهذا الترشيح؛ وان كان هذا الترتيب الاجرائي لا يعطيها حقا مطلقا في اختيار من تشاء. وهذا أمر تضبطه أعراف بصدد التشكل وتوازنات سياسية في الواقع ومتطلبات مرحلة جديدة. لذلك كانت جوامع عديدة بين مختلف المترشحين، وكل تفضيل أضحى قائما على اعتبارات نسبية من الطبيعي ان يختلف الناس في تقديرها. ويبقى الضابط الأهم في هذا الاختيار يتعلق بالمسقطات الثلاث: شبهة الفساد، وانعدام الكفاءة، والعلاقات الخارجية المشبوهة. ولا أعتقد صادقا ان من بين كل الذين رجحت أسمائهم من تشمله هذه الاستثناءات (ربما مع استثناء واحد غير متأكد). ومع ذلك فمن المؤكد أن العديدين داخل النهضة وخارجها لم يزكوا رئيس الحكومة الحالي. لكن هل من منطلق الاختلاف في التقدير النسبي أو بناء على مسقطات حتمية ؟ أظن الاجابة واضحة ولا تستدعي كل هذه الحملات التي نراها من هنا أو هناك.

بقي أن ننظر لقدرة رئيس الحكومة وخاصة في علاقته بحركة النهضة، على ادارة مصالح الدولة وفق ما تتطلبه المرحلة من مسؤوليات وما يضعه الدستور بين يديه من صلاحيات واسعة. أما بالنسبة لادارة الحكومة وفي غياب تجربة معتبرة له في موقع سيادي، ليس علينا الا ان ننتظر أدائه خلال الأشهر الأولى للحكم له أو عليه. لكننا سنتبين في مرحلة أولى قدراته من خلال ادارة المفاوضات في تشكيل الحكومة، وهو امر على غاية من الاهمية. فالتحدي الراهن بالنسبة اليه ان ينجح في توسيع القاعدة السياسية لحكومته. والخشية كل الخشية ان يؤثر ضعف تجربته السياسية سلبا على تلك المفاوضات، فيسارع للزهد في بناء هذا التحالفات بما يعيق تشكل المناخ السياسي والاجتماعي المساعد على عمل الحكومة الجديدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *