دستور “مثير للجدل” عشية استفتاء 25 جويلية : مشهد سياسي جديد في تونس .. بقلم كمال بن يونس

Il

نشرت الرئاسة التونسية في «المجلة الرسمية» النص الكامل لـ«مشروع دستور 2022» الذي سيعرض على استفتاء شعبي يوم 25 يوليو (تموز) الجاري تمهيدا لانتخابات برلمانية مقررة ليوم 17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. ولقد أثار هذا «الدستور المقترح» ردود فعل متباينة بين المناصرين لمشروع الرئيس قيس سعيد عن «الحكم القاعدي ورفض التدخل الخارجي» ومعارضيه المتمسكين بدستور عام 2014. وأكد تفاعل الطبقة السياسية والنخب مع «مشروع الرئيس» تعمق تعقيدات المشهد السياسي وبروز مزيد من الانقسام والتشرذم داخل النقابات والأحزاب والمجتمع المدني. وهذا في مرحلة تؤكد عندها كل المعطيات المحلية والعالمية تراكم الصعوبات المالية للدولة، بما يوشك أن يؤدي إلى العجز عن ضمان الحاجيات العاجلة من غذاء ومحروقات… ناهيك من رواتب الموظفين والمتقاعدين ودعم المؤسسات العمومية المفلسة والطبقات الفقيرة والجهات المهمشة.

 

مقدمة الدستور التونسي المقترح حسمت بوضوح مع كل الطبقة السياسية التي حكمت تونس بين استقلالها عن فرنسا عام 1956 إلى إعلان «الإجراءات الاستثنائية» قبل سنة. وهو ما يشمل الأحزاب والأطراف الليبرالية واليسارية والنقابات التي دعمت قرارات 25 يوليو الماضي، وتوجهات الرئيس قيس سعيد لإقصاء حزب «حركة النهضة» وشركائها في حكومات العشرية الماضية.

 

إذ قطعت وثيقة «مشروع الدستور الجديد» مع دساتير وسياسات عهدي الرئيسين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، ثم مع «دستور 2014» وساسة «ما بعد 2011» الذين اتهمهم بالفشل والفساد. وهو ما يفتح باب التساؤل عن اتجاه البلاد بعد الكشف عن هذا المشروع الرئاسي لـ«دستور 2022»، وطبيعة تطور المشهد السياسي بعد «الخطاب الثوري» ومواقف «التمرد على القديم» التي وردت فيه، بما في ذلك الفصل الأول من دستوري 1959 و2014 فيما يتعلق بالهوية الإسلامية للدولة.

 

وحقاً، أمام صناع القرار والنخب وغالبية الشعب الآن خيار تقبل العودة إلى نظام «رئاسوي» تتمركز جل السلطات فيه بيد رئيس الجمهورية ويكون أقرب إلى «النظام الجماهيري».

 

– المدافعون عن الخطوة

 

تصدر المدافعين عن وثيقة الدستور الجديد مالك الزاهي، وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة نجلاء بودن، الذي يقدم في بعض الأوسط باعتباره من «أقرب المقربين من الرئيس سعيد» فكرياً وسياسياً، وجرى الترويج لاسمه مراراً، مع وزير الداخلية توفيق شرف الدين، من بين المرشحين لتولي رئاسة الحكومة المقبلة.

الزاهي رحب بوثيقة الدستور المقترح على الاستفتاء الشعبي قائلا «تعود للكلمات معانيها ولسلطة الشعب هيبتها… يتلاشى الخطاب الأجوف وتصبح الفصول الدستورية فصول الحصاد والأغنيات… نعم كان الليل طويلا على شعب جبار لا يهزم». وأضاف الوزير مشيراً إلى السياسيين الذين «تحكموا» بالمشهد السياسي قبل 25 يوليو الماضي «حاولوا سرقة أحلام الشعب وطمس حقه، ونسوا أن الأحلام تنبت كلما دفنوها وتزهر أملا يسبق النصر… وأن الأحلام كالعطر لا يمكن مواراته». وتابع «سخروا من إرادة شعب، واليوم نقرأ بكل فخر في الدستور الضامن لكرامة الشعب: نحن الشعب التونسي صاحب السلطة».

 

ثم وصف الوزير الزاهي الدستور الجديد بـ«دستور شهداء الثورة» واستعرض أسماء عدد من المتظاهرين الذين قتلوا موفى 2010 في محافظة سيدي بوزيد، ومنهم اسم فاضل ساسي، الذي قتل أواخر عهد الحبيب بورقيبة في «ثورة الخبز في يناير 1984». واعتبر أن ما تسميه المعارضة وأوساط من النخبة التونسية «دستور قيس سعيد» هو «دستور فاضل ساسي الشهيد الذي سقط برصاص النظام وإرهاب الدولة لمواطنيها» (أي نظام الحكم في عهد بورقيبة).

 

وفي الوقت نفسه، انطلقت المواقع الاجتماعية والإعلامية التابعة المساندة للرئيس سعيد لتحث التونسيين على المشاركة في استفتاء 25 يوليو حتى يكون «مبايعةً سياسية» شعبية للرئيس كي يمضي قدماً في ضرب «حركة النهضة» وحلفائها في الحكم والمعارضة خلال العشرية الماضية، وكل الأطراف السياسية المسؤولة عن «الفساد المالي والسياسي» منذ 1956 إبان عهدي بورقيبة وبن علي.

 

… وانتقادات مقابلة

 

لكن مما يلفت النظر أيضاً أن وثيقة الدستور الذي تقرر عرضه على «الاستفتاء الشعبي» بعد 3 أسابيع تعرضت بسرعة إلى انتقادات لاذعة. وجاءت هذه الانتقادات من نقابيين وخبراء أكاديميين وسياسيين من تيارات ليبيرالية ويسارية، إلى جانب قيادات الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية، بزعامة حمة الهمامي زعيم حزب العمال الشيوعي، وجبهة الخلاص الوطني بزعامة المحامي والوزير السابق أحمد نجيب الشابي، وقيادات من أحزاب الائتلاف البرلماني والحكومي السابق بينها «حركة النهضة» و«قلب تونس» وائتلاف «الكرامة».

 

وفي هذا السياق، أورد عادل كعنيش المحامي، المقرب سابقاً من الرئيس بن علي و«رئيس جمعية البرلمانيين» – التي ينتمي إليها البرلمانيون التونسيون منذ 65 سنة، أن مقدمة مشروع الدستور الجديد «تبنت محطات تاريخية ليست محل اتفاق» و«نهجاً ثورياً بأسلوب مبالغ فيه وغير مألوف في الدساتير الحديثة».

 

وندد كعنيش بـ«الشروط التعجيزية التي وقع التنصيص عليها في مشروع الدستور بالنسبة للمترشحين لعضوية البرلمان القادم»، من بينها منعهم من «القيام بأي عمل بمقابل أو بدون مقابل»… وهو ما يعني أنه لن يكون بإمكان الأطباء والمحامين والمهندسين والخبراء المحاسبين ورجال الأعمال الانتماء إلى المجالس النيابية إلا أن يتخلوا نهائيا عن مهنهم وشركاتهم، وإن كانت توفر لهم مداخيل تفوق بكثير «المنحة» التي تسند إلى عضو البرلمان.
كذلك سجل الإعلامي إبراهيم الوسلاتي، المسؤول السابق في قطاعات الصحافة والشباب والتعليم في عهد بن علي، أن «مقدمة دستور قيس سعيد نوهت بكل الدساتير التي عرفتها تونس منذ عهد قرطاج قبل أكثر من ألفي سنة ثم خلال القرنين الـ17 والـ…19 لكنه تجاهل «دستور 1959» الذي صاغه الوطنيون بزعامة الحبيب بورقيبة والتعديلات التي أدخلت عليه في عهد بن علي، كما تجاهلت (دستور 2014)…».

إلا أن الانتقادات الأكثر حدة كانت تلك التي صدرت عن زعيمة الحزب الدستوري الحر عبير موسي ورفاقها، الذين دخلوا منذ مدة في تحركات تطالب في آن معاً بـ«محاكمة قيادات الإخوان بزعامة راشد الغنوشي» وإسقاط حكم قيس سعيد ومشروعه السياسي «القاعدي»، مع اتهامه بـ«التحالف مع الإخوان» وارتكاب سلسلة من الغلطات أدت إلى «تبييض قيادات النهضة» بعدما رفع شعار ضربها وإبعادها عن المشهد السياسي. واعتبرت موسي أن حزبها، الذي يصنف الأول في استطلاعات الرأي من حيث الشعبية، من أكبر ضحايا مشروع دستور قيس سعيد.

– تهميش دور البرلمان و«سحب الوكالة»

في السياق ذاته، انتقدت سميرة الشواشي، نائبة رئيس حزب «قلب تونس» والنائبة الأولى لرئيس البرلمان السابق، بحدة مشروع الدستور المعروض للاستفتاء «شكلاً ومضموناً». وحملت مع عدد من البرلمانيين السابقين والخبراء الدستوريين، مثل أحمد إدريس وشاكر الحوكي وجوهر بن مبارك، على ما وصفوه بـ«مركزة كل السلطات بيد رئيس الجمهورية»، وإعداد فصول لتهميش دور مجلس النواب عبر إجراءات كثيرة من بينها: الحد من دوره الرقابي للسلطة التنفيذية وإعطاء الرئيس حق حله، وإحداث مجلس موازٍ لتعطيل مقرراته، وعرقلة محاسبة الحكومة والرئيس.

من جهة أخرى، تسبب تجنب الكشف عن طريقة انتخاب النواب و«الغرفة الثانية» للبرلمان في توجيه عدة أطراف سياسية ونقابية وحقوقية مجددا انتقادات لـ«مشروع الديمقراطية القاعدية والتصعيدية والجماهيرية» التي سبق للرئيس سعيد ومقربين منه أن دافعوا عنه خلال السنوات والأشهر الماضية ردا على «الديمقراطية المزيفة» التي اعتمدت منذ مطلع 2011 ثم بعد «دستور 2014».

وكان سعيد قد لخص مراراً، وبأسلوب كاريكاتيري، معضلة تضارب النفوذ قبل «الحركة التصحيحية» التي قادها في 25 يوليو الماضي، قائلاً «النظام السياسي في تونس يقوم على قاعدة «أنت لا تحكم وأنا لا أحكم وهو لا يحكم» بما يؤدي إلى «تقسيم السلطات وتبادل الترضيات» بين ما يسمونه بـ«الرئاسات الثلاثة»، بينما توجد في الدولة رئاسة واحدة ورئيس واحد».

لكن خصوم الرئيس من رموز منظومات الحكم القديمة والجديدة يعترضون على «الصبغة الثورية المبالغ فيها» و«المواقف الثورجية والشعبوية» لبعض فصول الدستور. ومن ذلك أنه سمح بـ«سحب الوكالة من النواب»، وهو توجه لم تألفه الدساتير السابقة، بل هو «شبيه بما عرف بالتصعيد والعزل في بعض البلدان التي تبنت أنظمة سياسية غير ديمقراطية وأنماط حكم «جماهيرية» على غرار ما وقع في ليبيا إبان عهد الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.

– ألفة يوسف والنخب العلمانية

أما على صعيد المفارقات، فبينها أن «الفصول الخاصة بالهوية الإسلامية والعربية» للدولة أثارت على السواء غضب «الإسلاميين والعلمانيين» و«المحافظين والليبراليين واليساريين التحديثيين». إذ احتج المحافظون على إلغاء الفصل الأول من
من «دستوري 1959 و2014» حول الصبغة الإسلامية والعربية للدولة. وفي المقابل، انتقدت ناشطات نسويات جامعيات، بينهن المستشارة السابقة للرئيس الباجي قائد السبسي سعيد قراج والكاتبة النسوية المثيرة للجدل ألفة يوسف ومديرة معهد الصحافة سابقا سلوى الشرفي، ما وصفنه بـ«إلغاء الفصول الخاصة بمدنية الدولة والمساواة بين المرأة والرجل في حق الترشح في الانتخابات الرئاسية»، وهي فصول سبق أن وافق عليها محافظو «حركة النهضة» في موفى 2013 وأدرجت في «دستور 2014». وهو ما قد يفقد الرئيس قيس سعيد وأنصاره دعماً نسائياً مهماً في معاركهم السياسية المقبلة.

كذلك هناك علامات استفهام تتعلق بدعم معارضيه بقيادات «التيارات العلمانية والمدنية» التي رحبت بـ«الإجراءات الاستثنائية» الصادرة عن قصر قرطاج قبل سنة، عندما توقعت أن يدخل سعيد معها في «حوار تشاركي، ثم في تحالف معهم بعد إبعاد الأحزاب البرلمانية الحاكمة الثلاثة (النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة) وزعمائها راشد الغنوشي ونبيل القروي وسيف الدين مخلوف.

والواقع أن ثمة مؤشرات عديدة تؤكد هذا المعطى. بل وتؤكدها أيضاً تصريحات الرئيس قيس سعيد، المتعاقبة منذ مدة، التي انتقد فيها معارضيه من النقابيين والسياسيين الذين قدموا مبادرة «التيار الثالث»… أي التيار المعارض في آن معاً لكل من «حركة النهضة» وما اعتبروه «القرارات الفردية للرئيس». ولقد تهكم الرئيس مراراً على هؤلاء، معلناً أنه لا يحتاج دعم «التيار الثالث ولا التيار الرابع أو التيار الخامس».

تحفظ من الاتحاد العام التونسي للشغل والحقوقيين

> في حين قدر خبراء حكوميون ونقابيون ومسؤولون من البنك العالمي وصندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي حاجيات الدولة التونسية المالية الفورية بما لا يقل عن 8 مليارات دولار أميركي، توشك تعقيدات المشهد السياسي أن تتعمق بسبب تطورات الخلافات بين الحكومة وقيادات الاتحاد العام التونسي للشغل وبقية النقابات ومنظمات المجتمع المدني وتنسيقيات «حراك 25 يوليو/ تموز» المساندة للرئيس. ومعلوم أن كل هذه الجهات تتنافس في تبني مطالب الفقراء والعاطلين عن العمل وأبناء الجهات والمحافظات المهمشة…

في هذا الإطار عادت المركزية النقابية العمالية إلى التهديد بتنظيم إضراب عام عمالي وطني وانتقدت «الإجراءات السياسية الأحادية الجانب» التي تصدر عن قصر قرطاج (أي رئيس الجمهورية) من دون حوار مع النقابات والأطراف السياسية الوطنية.

وبالفعل، تبنت قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل بزعامة نور الدين الطبوبي مبادرة لتعديل «دستور 2014» أعدتها مجموعة من خبراء القانون الدستوري برئاسة الأكاديمي أحمد إدريس. إلا أن الرئيس قيس سعيد تجاهل تلك المبادرة، مثلما تجاهل وفريق حكومته الإضراب العام الذي نظم يوم 16 يونيو (حزيران) الماضي في 160 مؤسسة عمومية تونسية بينها شركات الطيران والنقل الحديدي والبري والموانئ.

هل يتغير جوهر المشهد السياسي في الانتخابات المقبلة؟

> ثمة من يتساءل في تونس الآن عن إمكانية أن يؤدي توسع «جبهة معارضي استفتاء 25 يوليو» ومسار «الانقلاب على دستور 2014» إلى تغييرات جوهرية في المشهد السياسي والانتخابي المقبل.

إقبال اللومي، مدير إحدى كبرى مؤسسات استطلاعات الرأي في تونس، أورد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «شعبية الرئيس قيس سعيد تراجعت من حوالي 87 في المائة في موفى يوليو (تموز) الماضي إلى حوالي 50 في المائة حالياً… لكنها لا تزال قوية».

ومن ثم، توقع اللومي أن يحصل الرئيس وأنصاره على مساندة غالبية «الغاضبين من أداء كل السياسيين منذ 2011، وبينهم قادة «النهضة» ورموز الحكم في عهد بن علي (1987 – 2011).

من جهته، فسر الأكاديمي والحقوقي حمادي الرديسي، مؤلف كتاب «الشعبوية في تونس» في لقاء مع «الشرق الأوسط» هذا السلوك السياسي من قبل قطاع من الجمهور التونسي بـ«وجود استعداد لدى نسبة كبيرة من المهمشين والشباب والفقراء والأميين إلى انتخاب الشعبويين شماتةً في النخب». واعتبر الرديسي أن «التصويت العقابي» هذا أدى في انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) 2011 إلى انتخاب معارضي بن علي السابقين والقوائم الانتخابية التي تنتسب إلى «شعبويين» مثل المنصف المرزوقي وراشد الغنوشي ومصطفى بن جعفر.

وهذا السلوك السياسي «الانتقامي» نفسه أدى في انتخابات 2014 إلى إضعاف حزب «حركة النهضة» وانتخاب خصومها «الشعبويين» من أقصى اليسار من «الجبهة الشعبية» من جهة ومن الجهة المقابلة رموز لحكم عهدي بورقيبة وبن علي بزعامة الباجي قائد السبسي وحلفائه.

وأيضاً في 2019 أدى التصويت العقابي إلى انتخاب «شعبويين» جدد بينهم عبير موسي زعيمة حزب الدستوري الحر، وسيف الدين مخلوف زعيم حزب ائتلاف «الكرامة» الإسلامي الراديكالي، بل وقيس سعيد – بالذات – الذي أطلق في ذلك الوقت خطاباً اجتماعياً سياسياً «ثورياً»… كما تبنى مواقف دينية وثقافية «شعبوية» على يمين «النهضة» بينها منع المساواة في الإرث والحريات الجنسية وحقوق المثليين.

لكن الرديسي يتوقع أيضاً أن تفضي «غلطات» سعيد وفريقه في قصر قرطاج إلى إرباك المشهد السياسي وتوسيع دائرة معارضيه سواءً اتفقوا أو ظلوا مشتتين.

– فرضية نجاح الاستفتاء والانتخابات

> يتساءل البعض في تونس اليوم عن التداعيات المحتملة لنجاح الاستفتاء المقرر ليوم 25 يوليو الجاري ثم انتخابات ديسمبر (كانون الأول) المقبل؟

هذه الفرضية واردة جداً – وفق المتابعين – إذا ما نجحت مؤسسات الرئاسة والحكومة في التحكم بمضاعفات الأزمة الاقتصادية المالية الاجتماعية السياسية التي تحذر تقارير عديدة من أن تتسبب في انفجار اضطرابات اجتماعية وعمالية خطيرة.

ولعل من بين ما سيفيد سعيد وأنصاره كثيرا نجاحه في «تهميش» كبرى النقابات والأحزاب وبينها «حركة النهضة» وتحالف «جبهة الخلاص الوطني» ولكن من دون الدخول في مواجهة شاملة مباشرة معها ومع كل قياداتها.

وفي الوقت نفسه تراهن السلطة على جدية استطلاعات الرأي التي ما تزال تضع الرئيس سعيد في المرتبة الأولى «من حيث الشعبية»… ويتوقع أركانها أن يستفيدوا من انقسامات المعارضين للاستفتاء والخلافات بين قيادات الاتحاد العام التونسي للشغل من جهة وحراك «مواطنون ضد الانقلاب» و«جبهة الخلاص» و«النهضة» من جهة ثانية.

ويراهن آخرون، منهم الإعلامية سميحة البوغانمي، على نجاح الخطة الاتصالية لقيس سعيد وأنصاره التي أبرزت «الجوانب الإيجابية والشعبية» في الدستور المقترح مثل: منع الترشح للرئاسة بالنسبة لحاملي الجنسيات الأجنبية، ومنع الإضرابات في قطاعات القضاء والأمن والجيش، ومنع السياحة الحزبية في البرلمان المقبل، وإجبارية التعليم المجاني إلى سن الـ16، ورفض الولاء للخارج والتبعية للمحاور الأجنبية.

كذلك قد ينجح الاستفتاء لأن قيادات اتحاد الشغل وعدة نقابات قد تقرر على الأرجح أن تترك لمنخرطيها وأنصارها حرية الاختيار، بينما يشارك مئات الآلاف في الاقتراع تحت تأثير الحملات «الانتخابية التوعوية» التي يقودها الرئيس سعيد والمقربون منه، والتي تركز خصوصاً على «إبراز عيوب الخصوم الذين حكموا البلاد طوال 65 سنة»، والذين تحملهم مسؤولية تراكم ديون الدولة التونسية وارتفاع حدة معضلات الفقر والبطالة والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والتربوية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *