داعش.. من وإلى أين المفر؟!.. بقلم د.

بالتأكيد لن تجد داعش وزبانيتها أي مكان على أرض ليبيا.. ولن تفلح داعش بالرغم من كل المؤامرات والألاعيب الشيطانية التي يشرف على مصنعيها والقائمين على تنفيذ أجنداتها: أستخبارات أجنبية، بعض شخصيات من النظام السابق، بعض ضحايا النظام السابق (المغرر بهم) والمتأملين في عودة القذافي المنتظر!!!، بعض ضحايا الفقر والعوز والبطالة والذين وجدوا في الإسلام التكفيري مهربا لمواجهة ضنك الحياة وجور حكامها (أغلبهم أجانب)!!
نعم خسرت داعش في درنة بدون أي تدخل أجنبي ثم في صبراته بتنبيه بعد القصف الأمريكي وستخرج من سرت بإذن الله على أيدي أحرار ليبيا.. شباب 17 فبراير.. المتطلعين للحرية والرافضين لدكتاتورية العسكر.. ولكن.. السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان إلى أين المفر؟ وربما قبل ذلك من أين المفر؟
هل هو تفاؤل بخروج داعش؟
عندما يكون السؤال عن خروج داعش من أين؟ وإلى أين؟ بالتأكيد يعني ذلك أقرار بهزيمة داعش.. بالطبع هذا التفاؤل تصيغه عدة معطيات نعددها في النقاط التالية:
• النجاح السريع للخطوة الأولى في التقدم نحو سرت ووصول الأحرار إلى مشارف مدينة سرت من الجهة الغربية والجنوبية.
• فشل داعش في تكتيتكهم المعتمد على الصدمة الأولى بتفجيرهم الانتحاري، والذي كانوا يتوقعون منه فزع الأحرار وترددهم في التقدم أو على الأقل إعاقته التقدم ما أمكن!!!
• بعد دخول بعض الشخصيات العسكرية للجنوب والإعلان عن رجوعها لليبيا أعطى لهم بعض الإشارات المطمئنة للدواعش ولكن سرعان ما فقدوا الأمل بمجرد سيطرت الجيش الليبي مع التشكيلات المساندة من المنطقة الغربيى والجنوبية على خط وادي اللود وصولا إلى بونجيم وزمزم والبغلة والتوغل بوداي جارف والوصول إلى مشارف وادي الغربيات.
• بات البحر غير أمن لوصول أي أمدادات من أي جهة.. فموضوع الهجرة غير النظامية دفع بتمديد عملية صوفيا، ودخول سفن حربية بريطانية، فالتفكير في ارتكاب أي حماقة مستبعد.. ولو بقدر كبير!!!
• احتمالية تلقي الدعم من حفتر مباشرة ضعيفة فالمسافة ليست قصيرة ، ومع أن خطوط المصالح تتلاقى ولكن لكل طموحاته وأساليبه!!! ولا ننسى الخط الشرقي به حرس المنشآت النفطية المؤيد للمجلس الرئاسي كما ولا ننسى أن الطيران الليبي التتابع للمجلس الرئاسي سيكون بالمرصاد لهم بالرصد والقصف.
• تأييد الجامعة العربية للمجلس الرئاسي ورفض أي حل عسكري للصراع في ليبيا يسحب البساط من السيد حفتر لتكون داعش لوحدها أمام أحرار ليبيا.
• المناوشات العسكرية، بما في ذلك التنغيصات اليائسة والبائسة من قطع للكهرباء، ونقص في السيولة وغيرها، التي نسمع بها هنا وهناك على أطراف مدينة طرابلس محاولات كأخر حل للتخفيف عن الضغوط التي انهالت على رؤوس الدواعش في سرت وتأخير بسيط لنهايتهم المحتومة.
المعطيات أعلاه تزرع فينا التفاؤل بهزيمة داعش في سرت بإذن الله.. إذن فالسؤال التالي سيكون كم بقي لهم من رجال وعتاد للصمود أمام الحصار الذي يضربه الجيش الليبي والتشكيلات المساندة لسرت قبل اقتحامها؟ الإجابة المباشرة لا نتوقع أي صمود يذكر بل انهيار تام وفرار لبقايا داعش مثل ما حصل في درنه وصبراته، وربما يرجع ذلك للأسباب التالية:
• غياب الغطاء الاجتماعي بتفكك نسيجه بعد خروج آلاف من الأسرة والنزوح إلى مصراته والجفرة وبني وليد وكذلك طرابلس.
• تعدد جنسيات قياداته بعد فرارها إلى ليبيا من العراق والشام تخلق تصدع فيما بينها ويتزايد الشرخ بينهم وذلك للأسباب الأتية:
– اشتداد الأزمة عليهم بعد فشل تفجيرهم الانتحاري، مع بدء عملية البنيان المرصوص، في تحقيق هدفه والتقدم السريع وغير المتوقع لقوات الجيش الليبي والتشكيلات المساندة له والوصول إلى سرت في زمن قياسي.
– حسب ما ذكره الجنرال ديفيد رودريجيز قائد القيادة الأميركية في إفريقيا عن دواعش ليبيا “ليس لديهم أشخاص محليون.. الليبيون مختلفون أيضا في الطريقة التي يعاملون بها الأجانب” وهذا ما سيعمق الخلاف بين قيادات داعش الليبية والقادة من جنسيات أخرى وسيزيد من التصدع في صف أعضاء داعش قبل قياداتهم.
– استمرار هزيمة حفتر في بنغازي يقلل من الدعم المعنوي الذي يتلقونه بشن الحرب على بنغازي ودرنه ويضعف من سقف توقعات انتصارهم بسرت.
– بقرار الجامعة العربية الأخير القاضي برفض أي تدخل عسكري لحسم الصراع السياسي في ليبيا والإقرار بأن الحل الوحيد سلميا وعبر المجلس الرئاسي سيسحب البساط من تحت أقدام السيد حفتر ويعزل الدواعش ويضيق الخناق عليهم.
– تدخل ايطاليا بصورة مباشرة لوقف مصر دعمها للسيد حفتر سيهز من صورة التغطرس التي يظهر بها وستفقد داعش الأمل في أي نصر بسرت.
مما تقدم.. إذن لا أمل لداعش إلا مواجهة الموت على أيدي أحرار ليبيا.. والسؤال هل بالرعب والخوف الذي يعيشه أعضاؤها والانقسامات الحادة بين قياداتها سيتجرأ الجميع على دخول المعركة؟؟؟ بكل بساطة لن يدخل الجميع المعركة . والسؤال ماذا سيحل بهؤلاء الرافضين لدخول معركة خاسرة أمامهم؟ للأجابة على هذا السؤال.. سنكون أمام عدة سيناريوهات وربما على النحو التالي:
• خلع الجلباب والتخفي بين النازحين من مدينة سرت وهذا سيناسب الأعضاء وسيكون صعب على الأجانب وجميع قيادات داعش.
• الهروب إلى الأمام بعد القنوط والعياذ بالله بالانتحار.. وأخذ أقرب طريق للموت..
• الهروب.. والفرار من سرت!!!
نصل هنا إلى الإجابة على السؤال الذي بدأنا به مقالتنا إلى أين المفر؟

من وإلى أين المفر؟
الوجهة الأولى: يقول المثل الليبي: “يا ديار يا لاقي” وندعو بالسلامة لشعب مصر ولكن قد يتحقق هذا المثل ولا تجد آليات داعش العسكرية طريقا لها إلا نحو الجارة مصر وعبر الشرق وبترتيبات مع قوات السيد خليفه حفتر.. كما تم تأمين الطريق أمام الدعواش الفارين من هزيمتهم أمام أحرار درنة.. ويبقى السؤال الذي لا أعرف له إجابة: هل سيسمح السيد حفتر للدواعش وآلياتهم دخول مصر، والوصول لدواعش مصر، نكاية في قياداتها بعد سحب البساط من تحته؟!!!
•الوجهة الثانية: لا نستغرب مع كثرة الأساطيل أمام شواطئ ليبيا بما في ذلك السفينة الحربية البريطانية الأخيرة فقد تجد بعض القيادات الاستخباراتية المهمة جدا منفذا ضيقا وكأخر حل من خلال البحر!!!! للعمل في مواقع جديدة.
الوجهة الثالثة: بالنسبة للأجانب الذين سيسلبون جلابيبهم ويتحولون إلى مدنيين عادين فستكون وجهتهم الجنوب وربما بوكو حرام أو شباب الصومال كمحطة أولى عن طريق المهربين.. وما أكثرهم!!!.. أما الليبيون فسيكون لهم خيارين أما الذوبان في بعض الجيوب بالجنوب أو التسلل للنازحين بالمنطقة الغربية.
صحيح القرائن والمعطيات الميدانية تبشر بهزيمة داعش بسرت.. لكن إلى أين المفر؟ فما يعرضه الكاتب من تكهنات لا يجزم بها.. إلا أنه بات واضحا بأن مسلسل داعش في ليبيا والعراق والشام صار ينسج أخر حلقاته. بل في ليبيا داعش على شفا الهاوية وربما سنرى إصدارا جديدا للإرهاب وفي حلة جديدة في المستقبل وباسم أخر.. لا قدر الله.. حفظ الله ليبيا.. تدر ليبيا تادرفت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *