حمادي الجبالي : هناك خرق مستمر للدستور.. وقد أترشح للانتخابات الرئاسية

– نحن نعود إلى الوراء ممارسة وفكرا وهذا يمثل خطرا علينا

– هناك فراغ وانخرام في التوازن السياسي في البلاد ينذر بعواقب وخيمة

– النخبة السياسية والثقافية ليست في مستوى شعبنا

– ما نراه اليوم من خطاب وتصرفات يؤشر لعودة هيمنة الزعيم الأوحد  والحكم الفردي

– هناك ناقوس خطر لا بد أن ندقه يتعلق ببلادنا وديمقراطيتنا ودستورنا

– عندما قدرت أن ثوابت الحركة  بدأت تهتز غادرت تنظيم حركة النهضة

– الهدف من المبادرة هو التخلص من الحبيب الصيد

أنا الآن بصدد التفكير مع غيري في مبادرة لإنقاذ البلاد

 

 

اعتبر حمادي الجبالي رئيس الحكومة الأسبق في حوار مطول خص به «الصباح» أننا في  بداية منزلق ضرب الدستور مشيرا إلى انه  يلحظ منذ انتخابات 2014 خرقا مستمرا لهذا الدستور يعيدنا  إلى نقطة الصفر أي حكم الفرد المفضي إلى ديكتاتورية جديدة فيلغي جميع مكاسبنا.
اللقاء تعرض أيضا الى علاقة حمادي الجبالي بحركة النهضة حيث اعتبر أن قراره بالانسحاب  من الحركة نهائي مادامت الاسباب التي انسحب لأجلها على حالها…
وفي ما يلي نص الحوار:

 

أجرت الحوار: منال حرزي

 

* تغيبت عن حضور مراسم تكليف  يوسف الشاهد واعتبرت في تدوينة على صفحتك الاجتماعية أن مبادرة الوحدة الوطنية خطيرة شكلا ومضمونا كيف ذلك؟
من أعظم مكاسب ثورتنا ولأول مرة في تاريخ تونس يتفق الشعب ونخبته على مرجعية تجمعنا: وهي أن الدستور يرسخ هوية المجتمع التونسي ويبني الديمقراطية السياسية والديمقراطية الاجتماعية  عماد كل استقرار وتنمية.
غير أننا مع الأسف نلحظ منذ زمن وبالأحرى منذ انتخابات 2014 خرقا مستمرا لهذا الدستور يعيدنا  إلى نقطة الصفر أي حكم الفرد المفضي إلى ديكتاتورية جديدة فيلغي جميع مكاسبنا.
هنا أقول وبكل وضوح: لا يحق لنا السكوت عن هذا ففيه ظلم لشعبنا لأنه يضرب الحريات ويكرس مزيدا من الفوارق الاجتماعية الفئوية والجهوية.

* هل يعني ذلك أن هذه المبادرة هي عودة إلى الاستبداد؟
أنا لا تهمني التسميات والأشخاص فقط  أريد رؤية الخط البياني في كل هذا المسار. هذه المبادرة لابد أن نحللها بعقلانية وبهدوء في مقصدها وأسلوبها هل هي مطابقة لما نص عليه للدستور؟ وهل جاءت لتكرس الديمقراطية الاجتماعية والسياسية أم لا؟ أقولها بصراحة : لا
لقد تم اختيار الحبيب الصيد كرئيس حكومة بتزكية من الأحزاب الممثلة في الائتلاف التي بدأت تجتمع وتبحث على أرضية اجتماعية واقتصادية أي على برنامج حكم ولآخر لحظة كان يحظى السيد الحبيب الصيد بالإجماع والدعم خاصة من حزب النهضة.
وفجأة وبدون علم أو استشارة أي طرف يعلن السيد رئيس الجمهورية عن مبادرته بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية. السؤال الذي يفرض نفسه هنا: لماذا هذه المبادرة؟  وهل استوفت الشروط الدستورية؟ الواضح وفي المحصلة المستهدف منها هو السيد الحبيب الصيد ولست بصدد الدفاع عن الشخص.
الدستور ينص صراحة أن الحزب الأغلبي هو الذي يرشح رئيس الحكومة وما على  رئيس الجمهورية إلا إبلاغ البرلمان بهذا المقترح للمصادقة أو الرفض إذن الأحزاب من خلال البرلمان هي التي تختار رئيس الحكومة.
وبالنظر إلى هذه المبادرة شكلا ومضمونا تعتبر خرقا واضحا للدستور.

* برأيك ما الذي دفع برئيس الجمهورية إلى الإعلان عن هذه المبادرة وما الهدف الأساسي من ورائها؟
الهدف منها هو التخلص من الحبيب الصيد

* لماذا؟
السيد الحبيب الصيد لم يعد يحظى بالرضا منذ ما يقارب الأربعة أشهر.

* رضا من ؟
لو كان رضا  الأحزاب التي اختارته وزكته فهذا حقها الدستوري أما أن لا يحظى الرجل برضا فلان أو علان فهذا هو الخطير وهذا منافي للدستور.
رئيس الحكومة يحظى في الدستور بقامة وبصلوحيات واسعة لم نرها تحترم مع السيد الحبيب الصيد.
لا بد أن تكون ذاكرتنا حية عندما وضع دستور 1959 خرقه بورقيبة خطوة خطوة طيلة عهده حتى  صرنا إلى الوضع الذي أنتج انقلاب 1987 ظلما واستبدادا وتفشيا للفساد. فورثه بن علي في هذا التمشي بل عمقه  فخلعته الثورة التونسية.

هل ترى أن هناك اليوم  ضربا ممنهجا لإقصاء الدستور وآلياته ومبادئه؟
الواقع يدل على ذلك. حذار نحن في بداية منزلق ضرب هذا الدستور. وهذا يمثل مؤشرا خطيرا في حين أن جزءا من هذه الأحزاب وخاصة الممثلة في الحكومة ولو ظاهريا يرون أن الأمور تسير على ما يرام. هذه مسؤوليتها.
الحكومة الجديدة مرتبة على مستوى الأسماء والقسمة والمهام مسبقا وحتى الملاحظات والتحفظات لم تؤخذ بعين الاعتبار وفجأة أسدل الستار. وفي هذا أيضا خرق للدستور.
وما نراه اليوم من خطاب وتصرفات يؤشر لعودة هيمنة الزعيم الأوحد  والحكم الفردي.  من الضروري   احترام الدستور مهما كانت وضعيتنا وظروفنا. الدستور ملاذنا في زمن العسر قبل اليسر. الأصل أن يكون  أول من يحترم الدستور رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وإطارات الدولة ومؤسساتها  شعبنا ينظر الينا ويحتاج إلى قدوة حسنة في بناء الصرح الديمقراطي . مع الأسف رمزية المبادرة تدل على عكس ذلك

لكن اتهمت من خلال هذه التدوينة انك على علاقة بالعملية الإرهابية الأخيرة  حتى انك صرحت بأنك سترفع قضية في الغرض هل من تفسير؟
كل استبداد له أرضية وحاضنة تنتج عقلية الرأي الواحد والفكر الواحد فلا أحد يعارض أو حتى يناقش والمعارضة هي مهمة اجتماعية وحجر زاوية في كل بناء ديمقراطي لذلك قننها الدستور.
هذه العقلية الأحادية تندرج في  سياق : الآن  Silence on tourne
لذلك نرى الآن تدحرج منظومة الإعلام عندنا بكل أشكالها المسموع والمقروء والمرئي والتي تجندت أغلبها بعد نتائج  انتخابات 2011 لضرب التجربة الديمقراطية ونحن نتساءل أين هي الآن؟ لا نسمع لها ركزا. فهذه الاتهامات تندرج في هذا السياق وهي جوقة من تلك المنظومة لا تستحق إلا الشفقة.

اعتبرت في تصريح إعلامي لك أن جلسة سحب  الثقة من حكومة الحبيب الصيد مثلت نقطة تحول فارقة في وضع تونس ما بعد الثورة، كيف ذلك؟
الجميع كان يدعم الحبيب الصيد على غرار رئيس الجمهورية والأحزاب الحاكمة بمن في ذلك حركة النهضة . اعتبر الآن  أن هناك ناقوس خطر لا بد أن ندقه يتعلق ببلادنا وديمقراطيتنا ودستورنا. ولا بد أن يقوم رجال بكل ديمقراطية وبكل حرية  ويقولوا  لا يمكن أن نقبل بهذا الأمر وهذه ليست دعوة مثلما فعلوا من قبل إلى اعتصامات من قبيل اعتصام الرحيل والأموال التي صرفت آنذاك من الداخل والخارج حيث تجندت كل الوسائل بما في ذلك دعوة الجيش للقيام بانقلاب عسكري.
ومرة أخرى تمتحن النخبة السياسية والثقافية، ومرة أخرى يسقط أغلبها في الامتحان فهي لم تكن في مستوى تطلعات شعبها.

* هل تعتقد أن هناك إرادة اليوم لضرب الحريات؟
سيأتي ذلك بطريقة أو بأخرى. لان التاريخ تطور والوسائل تطورت على سبيل المثال حمادي الجبالي بدا يزعج، فلنبدأ معه بالتشويه وتحطيم الصورة.
يرى البعض أن الهدف من مبادرة الوحدة الوطنية هي الحد من صلاحيات رئيس الحكومة حيث يشير بعض الخبراء في القانون إلى أن هناك نظاما آخر موازيا بصدد  التشكل  في قصر قرطاج  بالتوازي مع نظامنا البرلماني، ما رايك؟
قامت دعوة إلى تحوير الدستور إلى نظام رئاسوي وروّجت للفكرة بعض الأحزاب. كل الدلائل تشير الى  أننا ذاهبون إلى هذا المنوال. وهذا ما يثير المخاوف. البعض يعتقد أن لدي  إشكالا  مع بورقيبة. نعم ولكن ليس إشكالا شخصيا وإنما معياريا. أرى في رجوع هذه الأصنام والأموال التي أنفقت عليها كان الأولى أن يجهز بها على سبيل المثال مستشفى القصرين كما أكد ذلك أبناء الجهة لم يكن اعتباطيا وإنما فيه من الرمزية الشيء الخطير فهي رسالة موجهة إلى الشعب مفادها أنك دائما تحتاج الى السيد والمنقذ والأب حتى ولو قمت بثورة. في النهاية أنك تحتاج دائما الى وصاية.

* كيف تنظر الى  تركيبة حكومة يوسف الشاهد  التي تشهد مشاركة بعض أحزاب المعارضة كما بعض الوجوه النقابية هل تتوقعها قادرة على إنقاذ الوضع في البلاد ؟
الأصل أن تتشكل من أحزاب ممثلة  في البرلمان وهي بالتالي حكومة محاصصة حزبية. ولكن بالفهم والمعنى الراقي للمحاصصة فكل الديمقراطيات تقوم على ذلك أي أن تقتسم الأحزاب الفائزة المقاعد الوزارية وتقدم قائمة ترشحات إلى رئيس الحكومة الذي يختار منها الأفضل والأكفأ.
لكن وهنا الفارق فالوزير وبعد تعيينه صار ينتمي إلى فريق حكومي تحت إشراف رئيس حكومة ومقيد بدستور وقوانين الدولة  وإلزامية البرنامج المتفق عليه. فتعود  المرجعية الوحيدة إلى مؤسسة رئاسة الحكومة وتنقطع مرجعيته في إدارة وزارته إلى حزبه. لا أن يكون الحزب متدخلا في شأن إدارة الوزارة وقراراتها وتعييناتها كما نشاهد الآن وهو ما حصل البعض منه خلال فترة الترويكا.

* هل ترى أن مبادرة الوحدة الوطنية هدفها إخماد بعض الأصوات من المعارضة؟
نعم، هذا يتضح من سياق الأحداث. وهنا أريد  أن اسأل من كانت أصواتهم ترتفع في السماء أين هم الآن؟

* اعتبرت أن موقف حركة النهضة من مبادرة الوحدة الوطنية تذيّلا لا مبرر له، كيف ذلك؟
الواقع ينطق بذلك. حزب النهضة هو الحزب الثاني انتخابيا واليوم بات الحزب الأول. حزب النهضة كما اعرفه له مشروع حضاري في الدفاع عن الحريات ونصرة المستضعفين والمظلومين وبذلك التحم مع شعبه .

* النهضة سنة 2011  ليست هي  النهضة  سنة 2016  هناك تحولات عميقة عاشتها الحركة: هل تغيرت الحركة فعلا وهل هذا التغير وليد اقتناع  لا سيما أن البعض يصر على أنها مجرد ازدواجية في الخطاب؟
طبعا هناك تغيير ككل كائن حي. كل الأشياء تتغير إلا في الثوابت والمرجعيات مثل الهوية والحريات والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحوكمة الرشيدة. فعندما قدرت أن هذه الثوابت بدأت تهتز غادرت تنظيم حركة النهضة. فالانتماء الى حزب هو عقد اختياري بين طرفين ملزم لهما ما دامت تلك الثوابت قائمة فالتنظيم ليس مقدسا.
فعلى سبيل المثال اسم الحركة تغير من الجماعة الإسلامية إلى الاتجاه الإسلامي إلى النهضة وقد يتغير مرة أخرى لكن ما لا يتغير هو هذه الأرضية وهذه الروح.

* هل ترى أن  الروح تغيرت؟
بالنسبة لي لم تعد كما اتفقنا. لم أعد راض على الديمقراطية داخل النهضة وخارجها والعلاقة قائمة بينهما. قلت وبكل صراحة لم يعد يسعني هذا المكان وانسحبت بكل هدوء. فلا أريد أن احمل غيري مواقفي ولا أن أتحمل مواقف لا أرضاها.

* هل أن قرارك نهائي؟
نهائي، مادامت هذه الأسباب على حالها. فأنا الآن مستقل في مواقفي وتصريحاتي ولا رجعة في ذلك وهذا ليس تكتيكا ولا أدوارا في الخفاء مثلما يروج البعض.

* لكن يرى البعض أن رموز الحركة يصعب عليهم التحليق بعيدا عن الحركة هل ينسحب هذا على حمادي الجبالي؟
قد ألتقي ببعض الأشخاص  إذا تقاسمت معهم هذه القيم. ومع كل حزب أو شخص يقاسمني ذلك وسيرتكز اللقاء على هذه المبادئ.
أنا الآن بصدد التفكير مع غيري في مبادرة لإنقاذ البلاد قصد بث الأمل. هناك فراغ وانخرام في التوازن السياسي في البلاد  ينذر بعواقب وخيمة.
أحترم كل الأحزاب والأشخاص ولكنني لن اصمت أو أراوغ في قضايا مبدئية.

* ما رأيك في التقارب الشديد  بين النهضة والنداء وهنا لا أتحدث عن قيادات الحزبين وإنما عن الإجماع  الحاصل لدى شق كبير يرى أن أمور البلاد  والعباد تسير بتوافق الشيخين دون سواهما؟
هذا مظهر من مظاهر التخلف السياسي عندما تبنى مصائر الشعوب على علاقات شخصية. فالأصل ان تقام  العلاقة بين مؤسسات الحزبين وعلى أرضية برامج يتم الاتفاق عليها.

* على ما تلوم حركة النهضة؟
إن هذا الوفاق لم يبنى على قاعدة صحيحة كما أسلفنا. عندما كنت في النهضة اتفقنا على استراتيجية الوفاق الوطني والتشاركية والحوار فنقدي اذن موجه الى العلاقة غير الطبيعية بين الحزبين والقائمة على الشخصانية وهو ما ينسف الوفاق والتشاركية من أساسهما.

* في حوار لك لصحيفة «الشروق» الجزائرية اعتبرت ان النهضة تحالفت مع قوى الماضي، الردة والفساد كيف ذلك؟
لان كل المظاهر وكل الإشارات تدل على ذلك. ليس لي شأن خاص مع رئيس الجمهورية أو غيره لكن عندما نرى الخطاب والشكل والمحتوى والأفعال فإنني أخشى أن تمر سنوات وليس لنا من إنجازات سوى تدشين الأصنام. نحن نعود إلى الوراء ممارسة وفكرا وهذا يمثل خطرا علينا. لماذا لا تشرئب أعناقنا إلا إلى الوراء في صورته السيئة؟ ما أراه الآن في منظومة الحكم هو ثقافة الرجوع إلى  الماضي.
ما أخشاه هو انهيار الدولة لصالح لوبيات المصالح وهيمنة المال الفاسد الداخل والخارج على كل المستويات والمنظومات.

* لنتحدث عن فترة حكمك يحمّلك البعض مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع  وتحديدا فيما يتعلق بإغراقك الإدارة بسيل من لانتدابات على أساس التعويض لا الكفاءة فضلا عن تراخيكم في التعاطي مع الإرهاب، ما تعليقك؟
في ما يتعلق بأننا أغرقنا الإدارة بسيل من التعيينات فقد غاب عن البعض أن كل المؤشرات والإحصائيات تدل على عكس ذلك  فلم نتجاوز 25000 انتداب في السنة زيادة على إعطاء الحق الدستوري والقضائي لضحايا الاستبداد والشهداء والجرحى والذي لم يتجاوز في مجمله 9000 وما دون ذلك فهو إرث ثقيل من انتدابات وتعيينات واتفاقيات من الحكومتين اللتين سبقتنا رحلتها لنا ظلما وتعسفا. وأرشيف الدولة موجود. أما في ما يتعلق بالإرهاب فهو نتيجة منظومتي حكم بورقيبة وبن علي وكنا أكبر ضحاياها فأخطر إرهاب هو إرهاب الدولة. جاءت الثورة بحرية الكلمة والتنظم الذي استفاد منه الجميع والدستور والقانون فوق الكل. ولم نسقط في أخذ الناس بجرائر غيرهم وكنا نراقب ونتابع هؤلاء الذين أرادوا فرض رأيهم على الشعب بالقوة وحين تأكدنا من تورطهم في العنف والإرهاب أعلنا منظمتهم إرهابية وخارجة عن القانون فقاومناها وتصدينا لها.

* كنت في  فترة ما  ماسكا بزمام الحكم: هل يصعب فعلا بعث مشاريع تنموية في الجهات الداخلية؟بماذا اصطدمتم هل أن المسالة تتعلق بالبيروقراطية أم انه لم تكن هناك إرادة كافية؟
لن ابرر النقائص. لكنني أريد أن أذكر أن مهمتنا في تلك المرحلة هي التأسيس ولهذا دعونا آنذاك إلى حكومة وحدة وطنية لأن التأسيس يهم الجميع كتابة الدستور والذهاب إلى انتخابات حرة ونزيهة.
بعد ذلك تستقر الحكومة وتنفذ برنامجها اذ كنا في شبه حكومة لتصريف الأعمال وأردنا أن ننجز ما هو مستعجل ومقدور عليه.
لقد ارتكبت جميع الأحزاب الحاكمة منها والمعارضة  خطأ الإغراق بالوعود أثناء الحملات الانتخابية في حين ان الواقع معقد ومغاير تماما. فعلى سبيل المثال مشاريع البنية التحتية فكانت العوائق كثيرة خاصة البيروقراطية الإدارية.
تونس تحتاج الى ثورة إدارية  وهناك أيضا عقلية «التعرقيل» وقطع الطرق والإضرابات العشوائية والاعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة.
ورغم ذلك كله فقد أنجزت حكومة الترويكا الأولى ما لم ينجزه غيرها سابقها ولاحقها.

* ما هي مشاريعك المستقبلية؟
ما أستطيع تأكيده هو أنني لم أتقاعد ولم استقل من خدمة الشأن العام. خدمة تونس ومستقبلها واجب وطني. كنت ولازلت وسأبقى مناضلا من أجل قضية الحريات في بلادي وما يبنى عليها من تنمية وعدل اجتماعي ورخاء اقتصادي. سأتشبث برسالتي مهما كان الثمن.
أنا  استبعد الآن إنشاء حزب  سياسي وسأقوم  بدور مجتمعي واجتماعي ربما يكون في إطار جمعية ذات صبغة عامة تساهم مع غيرها في بث الأمل في شبابنا خاصة من خلال برامج ومشاريع وأنشطة  متعددة الأوجه تنفذ على أرض الواقع.
أما مستقبلي السياسي فسأحدده في الوقت المناسب. فكل الاحتمالات واردة بما فيها المشاركة الانتخابية أكانت رئاسية أو غيرها.

* في الختام كيف تقرا الوضع مستقبلا؟
رغم الواقع الخطير فإنني متفائل بالمستقبل، متفائل بشباب تونــس وحتمية انتصار قيم الثورة وإبداع الإنسان التونسي في التغلب على كل الصعوبات فتونــــس لن تكـــــون إلا أرض الحريــــــــة والعدل والديمقراطية والاعتدال وستبقى مهدا للربيع العربي.

تونس – الصباح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *