حمادي الجبالي : الشاهد منافسي الحقيقي.. و أنا الأجدر بأصوات أنصار “النهضة”

أكد حمادي الجبالي رئيس الحكومة الأسبق أنه معارض لمنظومة الحكم الحالية في تونس حتى وإن كانت حركة النهضة جزءا من هذه المنظومة لان البلاد تمر بمرحلة خطيرة وان توافق النهضة والنداء هو زواج لم يكن حسب الأصول وتسبب في تراجع شعبية النهضة. الجبالي الذي أثارت تصريحاته جدلا واسعا في فترة ما خاصة في علاقة بالخلافة، أكد في حواره انه يؤمن بخلافة الإنسان على الأرض. وقال إنه مسلم يؤمن بالكتاب والسنّة وله قناعاته التي يمارسها وفقا لما جاء في الدستور، موضحا «قناعاتي وخلفياتي مستمدة من قيم وثوابت لن أنكرها وهذه الثوابت موجودة في القران الكريم».. رئيس الحكومة الأسبق أكد كذلك وجود قضايا خلافية داخل حركة النهضة وأن الحركة كانت مؤمنة ومقتنعة بخياراته السياسية وأساسا مبادرته التي أطلقها بعد أول عملية اغتيال سياسي في تونس لكنها رفضت لأنها لا تريد حمادي الجبالي. كما تحدث الجبالي عن ترشحه للانتخابات الرئاسية ومراهنته على دعم أنصار النهضة مشددا على رفضه القبول بأيّ دعم خارجي «لأن كل مترشح يقبل مساندة قوى أجنبية له هو – من وجهة نظره – مرشحٌ برتبة عميل».
●  ما هو تقييمك للوضع في تونس؟
– أنا حاليا معارض للحكم القائم بصرف النظر عن وجود حركة «النهضة» داخل هذه المنظومة، لذلك أعتبر أن الوضع في تونس خطير.
●  لكن على المستوى الأمني هناك نتائج إيجابية، ما هو تعليقك؟
– الوضع عندما يكون جيدا تكون فيه تلبية لكل حاجيات الشعب الاجتماعية والاقتصادية والأمنية وليس فقط العنف السياسي أو ما يسمى بالإرهاب بل بصفة عامة أمن المواطن.
●  أتقصد بذلك أن الإرهاب مفتعل؟
– الآن أصبح الإرهابيون أنفسهم يحاربون الإرهاب، سأتحدث في المطلق، فهناك دول سياساتها إرهابية.. مثلا ما يجري في ليبيا وما يسعى إليه المشير خليفة حفتر الذي يريد دخول طرابلس بدعوى محاربة الإرهاب.
●  لماذا عارضت قيادات النهضة مبادرتك تشكيل حكومة كفاءات وطنية؟ وهل كانوا وراء إفشالها لإبعادك من الحكم؟
– لقد كان ضرب النهضة سياسيا الهدف الأساسي من عملية اغتيال شكري بلعيد التي ما زلت أعتبرها مؤامرة ضد الثورة والدولة… هناك قوى جذب الى الوراء وأطراف لم ولن ترغب في التغيير وهي رافضة ولازالت للثورة والشعارات التي أتت بها لأن مصالحها ضربت بعد نهاية منظومة الاستبداد.
ولأنني مقتنع بأن الثورة أكبر من «النهضة»، طالبت بتشكيل حكومة كفاءات وطنية حتى تبتعد الأحزاب عن الحكم، وكان هناك جزء من الترويكا مقتنعا بذلك وتحديدا حزب التكتل، لكن «النهضة» وكل قياداتها وكذلك «المؤتمر من أجل الجمهورية» رفضوا المقترح.. لذلك خيرت الانسحاب لأنه لم يكن هناك بديل.
●  وماذا عن «الجهاز السري» الذي يحاصر حركة «النهضة»؟
– لا اعتقد بوجود جهاز سري بل ان الاغتيالات السياسية كانت رصاصة الرحمة التي أطلقت لطمس الثورة، لأن جهات داخلية وخارجية ليس من مصلحتها استمرار المسار الثوري في البلاد.
●  لكن «النهضة» قبلت بحكومة كفاءات فيما بعد؟
– صحيح، لأن «النهضة» أرادت سياسة حمادي الجبالي لكن دون حمادي الجبالي.
●  هل كانت هناك خلافات داخل الحركة دعتك إلى الخروج منها؟
– نعم، توجد داخل «النهضة» قضايا خلافية، لكن قرار مغادرتي الحركة كان قرارا شخصيا ولأسباب موضوعية.
●  ما سبب هذه الخلافات؟
– فسح المجال للباجي قائد السبسي وعدم دعم مرشح يكون امتدادا للثورة كان سبب استقالتي من الأمانة العامة للحركة.
●  كنت قد دعوت لترشيح ممثل عن الحركة في الانتخابات الرئاسية، هل يوجد اسم معين؟
– أنا طالبت بدعم مرشح من منظومة الثورة، لكن خيار «النهضة» الوقوف على الحياد كان الهدف منه دعم الباجي قائد السبسي ولو بصفة غير مباشرة، لذلك اعتبرت ان اللّاموقف الذي اعتمدته الحركة هو في حد ذاته موقف.
●  لماذا عارضت التوافق بين «النهضة» و»النداء»؟ وهل لازلت على نفس الموقف؟
– سأظل على موقفي الأول والأخير.. فالتوافق أضرّ بالبلاد، ويجب ان نفهم جدوى هذا التوافق في الحكم الذي أعتبر أنه لم يكن ايجابيا وليس كما قالت قيادة النهضة أنها جنبت البلاد حربا أهلية وساهمت في الاستقرار.
توافق النهضة والنداء زواج لم يكن حسب الأصول، لذلك جاء قرار إنهاء الباجي قائد السبسي لهذه المحطة وكأنه أمر عادي.
●  هل تراجعت شعبية النهضة بسبب التوافق؟
– نعم، وفقا لنتائج الانتخابات لسنة 2014 تراجع عدد ناخبي النهضة الى 900 ألف ناخب بعد أن كان في حدود مليون و800 ألف ناخب في 2011 وتقلص أكثر خلال الانتخابات البلدية ليصل الى 400 ألف ناخب.
●  أعلنت مؤخرا عن نيتك الترشح للانتخابات الرئاسية، هل استشرت الحركة؟
– لا أرى أي داع لاستشارة حركة النهضة أو العودة إليها في قرار ترشحي للانتخابات الرئاسية، فأنا استقلت منها… لذلك لا معنى للعودة إليها لأنني بذلك أنفي عن نفسي الاستقلالية.
●  لكنك عبرت عن رغبتك في أن تلقى دعما من أنصار النهضة؟
– كمُنتمي سابقا للحركة وأحد أبنائها، أنا الأجدر بكسب أصوات الحركة، ولكن لن أقف عند هذا الحد. سأعمل على كسب الفئات الأخرى القريبة من الثورة وربما حتى من أنصار منظومة الحكم القديمة من الذين يريدون وجها سياسيا مستقلا.
●  وماذا لو رشحت النهضة ممثلا من داخلها؟
– أمر جيد وتزاحم ديمقراطي مطلوب
●   من تعتبره من الوجوه السياسية منافسا لك؟
– يبدو رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد بحكم موقعه السياسي الأقرب لذلك وقد نجده في الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية.
●   لماذا هذا التسابق نحو قصر قرطاج رغم محدودية صلاحيات منصب رئيس الجمهورية؟
– أوّلا، رئاسة الجمهورية هو منصب اعتباري كبير والرئيس منتخب من الشعب مباشرة لذلك منصبه مهم جدا ومؤثر.
●  لكن الوضع الحالي لا يعكس هذه الصورة؟
– أنا لست مع القول بأن صلاحيات رئيس الجمهورية محدودة، بل بالعكس هو مسؤول عن الأمن القومي بالمعنى الشامل وله صلاحيات ديبلوماسية واسعة.
الباجي قائد السبسي أفرغ صلاحياته من محتواها وجدواها ووصل به الأمر إلى حدّ التعدي على صلاحيات رئيس الحكومة.
●  وماذا عن دعوة توسيع صلاحيات رئيس الجمهورية؟
– رئيس الجمهورية الحالي لا يؤمن أصلا بالدستور، بل أكثر من ذلك يقوم بخرقه طولا وعرضا بتدخله في الشأن الحكومي.
●  كيف تعلق على من يدعون للعفو عن الرئيس السابق؟
– كل من يدعو إلى العفو عن بن علي هو حرّ، لكن أنا لن أنافق في هذه المسألة بدعوى أنني مرشح للانتخابات الرئاسية، فابن علي مطلوب قضائيا ومازال لم يحاكم في أكبر قضية وهي تحطيم المجتمع التونسي.
وباختصار إذا أراد الشعب التونسي من خلال استفتاء وطني العفو عن بن علي فأنا أقدر هذه الرغبة، أما أن تدعو شخصيات سياسيا لذلك فهذا أمر آخر.
●  يعني أنت ضد عودة بن علي إلى تونس؟
أنا لن أنافق في هذه المسألة، بإمكانه العودة وتسليم نفسه للقضاء التونسي.
●  لكن عندما كنت على رأس الحكومة جرت اتصالات بينكما؟
– صارت محاولات للقاء بن علي في المملكة العربية السعودية عندما كنت رئيس حكومة ورفضت ذلك.
●  عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري التونسي دعت إلى حلّ حركة النهضة، ما رأيك؟
– لا رأي لي في ما تقول هذه السيدة، فهي تطلق خطاب كراهية واستئصال وبلغ بها الأمر حتى الدعوة الى شنّ حرب أهلية داخل الشعب التونسي، لذلك فهي ليست جديرة حتى بالاهتمام وبالنقاش لأنها من خلال خطابها تفوقت على بن علي. ولا اعتقد ان الشعب التونسي سيقبل بهذا الخطاب الذي يرتبط بقوى خارجية ضد الثورة.
●  أنت امتداد للإسلام السياسي الذي تحاول حركتك الأم التخلص منه بدعوى أنها أصبحت «النهضة المدنية»، ما هو تعليقك؟
– أنا مسلم أؤمن بالكتاب ولي قناعاتي وأنا أمارس الحق الذي منحني إياه الدستور ولا أستمد نشاطي من الانتماء إلى الإسلام بل من الانتماء إلى بلاد فيها دستور يسمح بالعمل السياسي. قناعاتي وخلفياتي مستمدة من قيم وثوابت لن أنكرها وهذه الثوابت موجودة في القران الكريم.
●  هل مازالت تعتقد أن مطلب «الخلافة» مطلب شرعي؟
– نعم، أؤمن بخلافة الإنسان على الأرض.
●  مازالت بعض الملفات تلاحقك سياسيا وأساسا عملية تسليم البغدادي المحمودي إلى ليبيا؟
– سأظل إلى آخر عمري أعتبر تسليم البغدادي واجب أخلاقي وحق الشعب الليبي على الشعب التونسي.
●  لكن هناك حديث عن صفقة؟
– لا توجد أي صفقة، فقط هناك صفقة مع الثوابت والقيم، وتسليم البغدادي المحمودي حق عام خاصة بعد أن قُدمت إلينا كل المعطيات من القضاء الليبي، ولو كانت هناك صفقة لتم الكشف عنها لأن من رفضوا التسليم هم يحكمون اليوم.
●  اتهمت بالتخطيط لتفجيرات سوسة والمنستير في 1986، ألا تعتقد أن هذا الملف الذي ما زال يطرح سيحدّ من حظوظك في الانتخابات الرئاسية؟
– تفجيرات سوسة تمت عندما كان بن علي وزير داخلية وهو كان يبحث عن أدلة يثبت من خلالها أنني أقف وراء التفجير حتى يصبح وزيرا أول ويخطط لانقلاب.
بن علي نفسه اقتنع بأنني ليست لي يد في العملية ولم يتجرأ حتى على اتهامي، لكن من يثيرون القضية يعتمدونها لأغراض سياسية ومثل هذه التصرفات ستتواصل لأن القضية أصبحت سياسية إعلامية.
●  ما هو تعليقك على الإسناد الخارجي لبعض الأسماء المرشحة للانتخابات الرئاسية وبعض الأحزاب وخاصة البارزة؟
– هناك سياسيون ينتظرون الرخصة من الخارج وإرضاء القوى الدولية أصبح هاجسهم. أنا أتساءل ما معنى مرشح يحتاج الى دعم خارجي؟ فأنا اعتبر كل من يفكر بهذه الطريقة هو عميل.
●  لكن هناك أطراف سياسية تتلقى دعما خارجيا وخاصة الإسناد المالي؟
– هل سنحكم تونس بأجندات أجنبية؟ أخشى أن نتطّبع بهذه الحملات التي تحصل اليوم بالمليارات. من جانبي سأحاول تغيير هذا الواقع وترشحي سيكون بصفة مستقلة عن كل الأحزاب، ولست راضخا لأيّ قرار أجنبي ولا توصية.
●  ماهي الجهة الممولة في حملتك الانتخابية؟
– تمويل الحملة الانتخابية سيكون من مالي الخاص ومن دعم بعض الأفراد المقتنعين بتوجهات حمادي الجبالي، ولن اسمح لنفسي بأن يكون لي تمويل من أي جهة أجنبية.
●   يعني أنت لست في حاجة لدعم خارجي؟
– أنا مستقّل عن الأحزاب ولست راضخا لأي قرار أجنبي أو توصية ومن يقبل بغير ذلك فهو عميل لجهة معينة، ولن اسمح لنفسي أن تموّلني أي جهة أجنبية.
●  العديد من الأسماء السياسية هي من تطلب الانضمام لعمليات سبر الآراء لمعرفة حظوظها، هل أنت مستعد للقيام بهذه الخطوة؟
– رغم انه ليس لي ثقة في الكثير من هذه الشركات لأن أغلبها يعمل وفقا لقاعدة من يدفع أكثر، سأقوم بذلك، لكنني سأطالب بنتائج حقيقة وواقعية لأتمكن من معرفة حظوظي في السباق الى الرئاسية، ولن يكون سبر آراء على المقاس مثلما يفعل الكثيرون.
●  ما معنى على المقاس، ومن تقصد بذلك؟
– أذكر انه في 2014 الباجي قائد السبسي فرض من خلال استطلاعات الرأي رئيسا وهذا خطير، والخوف من أن يتكرر هذا السيناريو مع كل استحقاق انتخابي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *