حكومة جديدة في تونس .. بقلم كمال بن يونس

أدخل رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي تعديلا واسعا على حكومته شمل 11 حقيبة من بينها الداخلية والعدل وأهم الوزارات الاقتصادية والسياسية. كما شمل وزارة الحكم المحلي والبيئة المثيرة للجدل ، منذ اعتقال الوزير المشرف عليها الشهر الماضي بعد الاشتباه في تورطه في قضية فساد كبيرة تهم شركات تونسية وأوربية مختصة في النفايات.

وأورد المشيشي أن حكومته تتمسك باستقلاليتها السياسية عن كل الاحزاب، وتعتبر نفسها حكومة “كفاءات مستقلة ” مدعومة من نفس ” الحزام البرلماني”. ويضم هذا الحزام حوالي 130 نائبا من بين ال217 عضوا في البرلمان ، من أحزاب قلب تونس والنهضة وتحيا تونس والكتلة الوطنية وكتلة الإصلاح . وقد أعلن المنسق العام لمجموعة ” ائتلاف الكرامة ” المحامي سيف الدين مخلوف أن كتلته لن تمنح الثقة لهذه الحكومة في البرلمان بسبب ” انحياز” رئيس البرلمان وحزب النهضة راشد الغنوشي ضد نواب كتلته ، بعد أن اتهمهم بالتورط في تعنيف 3 نواب من يساريين من حزب التيار الديمقراطي .

ويدعم هذا التعديل الحكومي رئيس الحكومة هشام المشيشي في موقعه ، لأنه تمكن من خلاله من تعيين عدد من مستشاريه وفريقه في قصر الحكومة على رأس وزارات ” استراتيجية” ، من بينها الداخلية التي عين على رأسها “مساعده الأول في قصر الحكومة في القصبة”، أي الوزير الكاتب العام للحكومة وليد الذهبي. كما عين على رأس وزارة العدل شخصية مقربة منه هي القاضي يوسف الزواغي المدير العام السابق للديوانة . ويعوض الزواغي في منصبه القاضي محمد بوستة الذي كان يحسب على قصر قرطاج ، والذي انتقد بحدة في وسائل الإعلام الإضراب الطويل الذي شنته نقابة القضاة خلال ستة أسابيع موفى العام الماضي .

وكان هشام المشيشي قد عزل وزير الداخلية المحامي توفيق شرف الدين مطلع الشهر الجاري ، بعد أن اتهمه علنا بإتخاذ قرارات أمنية ، من بينها تسمية 40 مسؤولا أمنيا كبيرا ، دون التشاور معه ومع المدير العام للأمن الوطني وآمر الحرس الوطني .

وجاء قرار عزل شرف الدين بعد أيام قليلة من استقباله الرئيس قيس سعيد في مقر وزارة الداخلية ليلة رأس السنة بحضور كوادر من الوزارة والمشرفين على ” غرفة العمليات الأمنية ” في غياب رئيس الحكومة.

وأدلى سعيد بالمناسبة بتصريحات ، أثارت ردود فعل سياسية متباينة داخل السلطة وخارجها ، أورد فيها تأويلا للدستور اعتبر فيه أن رئيس الجمهورية هو ” القائد العام لكل للقوات المسلحة ” ، بما فيها قوات الأمن ، بينما كان متعارفا على أن صلاحياته تقتصر على الإشراف على وزارة الدفاع والقوات المسلحة العسكرية .

وربط المراقبون في تونس بين إقالة وزيري الداخلية و العدل المقربين من قيس سعيد والصراع العلني بين رأسي السلطة التنفيذية في قصري قرطاج والقصبة ورئاسة البرلمان في قصر باردو.

وكان توفيق شرف الدين ترأس الحملة الانتخابية للرئيس التونسي قيس سعيد في محافظة سوسة جنوبي شرقي العاصمة في صائفة 2019، بما ساعد خصوم قيس سعيد ، بينهم البرلماني سيد الفرجاني ، يتهمونه علنا بكونه من بين الوزراء” الموالين لقصر قرطاج ” وليس لرئيس الحكومة.

ويعتبر بعض الوزراء المقالين من بين “المتهمين بالانحياز ” لقصر قرطاج في خلافه مع رئيس الحكومة والأغلبية البرلمانية .

من جهة أخرى قدم التعديل الحكومي ترضيات لرئاسة البرلمان وللأحزاب والأحزاب التي تشكل ” الحزام البرلماني للحكومة ” من خلال تعيين الخبير الاقتصادي شهاب بن أحمد ، ، على رأس حقيبة الحكم المحلي والبيئة . كما أعيد تعيين نقيب المهندسين أسامة الخريجي على رأس حقيبة وزارة الفلاحة والصيد البحري ، التي تعتبر واحدة من أكبر الوزارات في تونس وأكثرها حساسية . ويعتبر الخريجي ” شخصية مستقلة مقربة من حزب النهضة ” وكان المشيشي قد عينه منذ أشهر وزيرا مستشارا في ديوان رئاسة الحكومة .

في نفس الوقت تكشف السيرة الذاتية للوزراء الجدد المعيين في الحقائب الاقتصادية والفنية أن أغلبهم من ذوي الخبرة في المؤسسات الدولية ومن بين خريجي كليات الحقوق والمدرسة العليا للادارة ، التي تخرج منها هشام المشيشي وأغلب فريقه .

من جهة أخرى تعهد المشيشي بمناسبة المؤتمر الصحفي الذي عقده للاعلان عن التعديل ، “بتوفير تلاقيح كورنا مجانا لكل المواطنين “، بالتعاون مع عدد من الدول الصديقة والشقيقة ، التي لم يسمها .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *