حركة النهضة تخوض المنازلة الكبرى بأحد فرسانها .. بقلم بحري العرفاوي

1حركة النهضة تحسم أمرها
بعد تردد طويل نسبيا حسم مجلس شورى حركة النهضة أمره بقراره ترشيح أحد رموز الحزب للانتخابات الرئاسية القادمة.
وكان المجلس قد انعقد سابقا ثم أرجأ اتخاذ قراره لمزيد تدارس الوضع وتعميق النقاش .


حسم النهضة موقفها لصالح ترشيح واحد من رموزها كان بعد ضغط كبير من قواعدها ومناضليها،جمهور النهضة عبر في مواقع وصفحات عديدة في الفضاء الافتراضي عن غضبه من تردد قيادة الحركة في حسم قرار ترشيح أحد رموزها للرئاسية بل فيهم كثيرون هددوا بعدم الانضباط لقرار الحركة إذا ما قررت دعم مرشح من خارجها وقال المحتجون أنهم سيصوتون لأسماء يعتبرونها معبرة عن أشواق الثورة ومستعدة لمواجهة الفساد والمفسدين.
كان ثمة وجهة نظر ترى أن ترشيح أحد رموز النهضة للرئاسة ليس قرارا حكيما وقد يجعل خصومها يتحالفون ضدها ويرى أصحاب هذا الرأي أن الموقف الأسلم هو في دعم شخصية توافقية بالاشتراك مع قوى سياسية أخرى ممن يؤمنون بالتشارك في الحكم ولا يدعون للإقصاء ولا يُشيعون خطاب الحقد والكراهية.

وقد تمت المصادقة على قرار ترشيح الأستاذ مورو بأغلبية مطلقة في دورة مجلس الشورى المنعقد بالحمامات يوم الثالاثاء 06 أوت الجاري حيث كان التصويت لصالح ترشيح الاستاذ مورو بنسبة 98 بالمائة.
الأستاذ عبد الفتاح مورو، الرئيس المؤقت لمجلس نواب الشعب، ونائب رئيس حركة النهضة، في أول تعليق له على ترشيحه للانتخابات الرئاسية قال:” أنّه مسرور بهذا الترشيح وهذه الثقة التي وضعتها فيه قيادات الحزب وكوادره،
واعتبر أنّ قرار ترشيحه، بأغلبية الحاضرين من أعضاء مجلس شورى الحركة، من شأنه توحيد الحركة ومنع انقسامها”
الاستاذ عبد الفتاح مورو اعتبر ” أنّ فوائد هذا الترشيح ليست على حركة النهضة فحسب بل على كل البلاد.”
:
كما اعتبر أنّه منذ هذه اللحظة “ليس مرشحا لحركة النهضة، بقدر ما هو مرشح للوطن وسيكون في خدمته من أجل الوحدة الوطنية ومن أجل رقيه وهو يستحق أن يكون أفضل مما هو عليه الآن”.
2:خصال الأستاذ عبد الفتاح مورو
الأستاذ عبد الفتاح مورو رمز من رموز الحركة الإسلامية ومن مؤسسيها الأوائل وهو من مناضليها في أغلب مراحلها، وهو رجل يجمع بين المعرفة الشرعية والمعرفة القانونية ما مكنه من حسن التواصل والخطابة والمحاورة وهو يتوفر على حضور بداهة وذكاء ولطافة قلّ توفرها في سياسي أو داعية سواه.
قد يكون عبد الفتاح مورو من الشخصيات النادرة في الحركة التي تحظى بمقبولية لدى عموم المواطنين من خارج الحركة لكونه شخصية تجمع بين الجد والمرح بين القوة واللين بين اللطافة والصرامة فهو ليس بالمتشدد في أحكامه ولا بالمتنازل عن مبادئه وهذا ما جلب له محبوبية واسعة لدى التونسيين حتى ممن يختلفون مع حركته أو مع مرجعيته الفكرية ومشروعه السياسي.
هذه المؤهلات مضاف إليه حماسة مناضلي النهضة ستجعل حظوظه في الدور الأول وافرة وسيكون منافسا جديا في الدور الثاني.
“محصول” الدور الأول لمرشح الحركة في الانتخابات الرئاسية سيتم “صرفه” سياسيا في المفاوضات قبل الدورة الثانية مع الجهة الأوفر حظا والأكثر قبولا بالديمقراطية وبمبدأ “التشاركية” في الحكم، ستفاوض الحركة على موقع يناسب حجمها وعلى “فُرص” تتاح لمناضليها لخدمة وطنهم وشعبهم من خلال أجهزة الدولة وآليات الحكم.

3: المنازلة الانتخابية ووحدة الحركة
دائما تكون “المعارك” و”المنازلات” فرصة لتجاوز الجماعات خلافاتها ولرص صفوفها وتوحيد وجهة بوصلتها نحو أهداف محددة.
قرار شورى النهضة ترشيح أحد رموزها للانتخابات الرئاسية سيكون له مفعول إيجابي في واقع الحركة الذي شهد تأزما بعد مراجعة التنفيذي لقائمات الانتخابات التشريعية وبعد ما حصل من تعديل رأى فيه كثيرون حيفا وإقصاء لهم أو تجريدهم من حقوقهم بعد أن انتخبتهم القواعد في مكاتبهم الجهوية.
تلك الخلافات ستتحول إلى مشاكل ثانوية وستتحد الحركة في خوض منازلتها الكبرى دفاعا عن صورتها وعن حجمها وعن حظوظها في المرور إلى الدور الثاني.
الأستاذ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة وإثر تصويت الشورى لصالح ترشيح عبد الفتاح مورو للرئاسية صرح لإحدى الإذاعات ب”أنّ ترشيح عبد الفتاح مورو للانتخابات الرئاسية هو خيار يعبّر عن ثقة الحركة في الديمقراطية وفي الجمهورية وفي الثورة التونسية…إن الوضع الطبيعي يقتضي أن تتنافس الأحزاب السياسية فيما بينها…لنا ثقة في عبد الفتاح مورو وهو أهل لها، وسنعمل على مروره إلى الدور الثاني”.
دفاع مناضلي الحركة وقادتها وقواعدها على حظوظ مرشحها في الرئاسية إنما هو دفاع عن مكانة الحركة وعن موقعها في المشهد السياسي وعن اقتدارها في مفاوضات ترتيب الحكم وتقاسم المسؤوليات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *