حافظ قائد السبسي.. النداء سيعود بقوّة و سيفوز بالانتخابات

هل كانت مشكلة رضا بلحاج النقطة التي أفاضت كأس حافظ قائد السبسي المدير التنفيذي لنداء تونس والمثير للجدل؟.. الرجل يوجد اليوم في مفترق طرق صعب أياما قليلة قبل انعقاد مؤتمر الحزب، بعد أن انشق عنه عدد كبير من القادة الندائيين وتعدد الاشارات حول صعود حزب «تحيا تونس» الذي سيكون بالتأكيد الحزب المنافس الأول للنداء والأخ العدو.

لكن حافظ قائد السبسي يفاجئك بإصراره وعناده وأحيانا بشراسته محاولا إقناعك أنه على حقّ وأن النداء سيكون رغم كل شيء الحزب الفائز في الانتخابات المقبلة؟

استفاد من مركز أبيه ومن اسمه وتاريخه لكنه يعي كذلك وفي نفس الوقت أن هذا الامتياز يمثل عائقا كبيرا وسببا رئيسيا في وضعه اليوم موضع الاتهامات التي يوجهها له خصومه المتزايدون بالاستبداد بالرأي والسعي إلى تملّك الحزب.

حافظ قائد السبسي ينفي كل هذه الاتهامات مذكّرا أنه لم يأت حديثا ولا صدفة إلى السياسة وأنه إذ يقرّ أن الحديث عن التوريث السياسي عبث فإنه مع ذلك لا يجب نسيان أنه صاحبَ والده الباجي قائد السبسي في كل مراحل تأسيس «النّداء» وهو ما يعطيه، في نظره، امتيازا على الذين تعاملوا مع هذا الحزب من منطلق الربح والخسارة. وكان لنا معه هذا الحوار الشمل والذي يتحدث فيه بعد صمت طويل.

****************

لنبدأ من استقالة منسّق عام الحزب رضا بالحاج وردّكم على الاتّهامات الموجّهة اليكم بمحاولة “السطو” على الندء؟

للتوضيح قمنا بتجميد بلحاج وتم احالته على اللجنة القانونية ولديه الامكانية للدفاع عن نفسه ، ونحن لن نقوم بثلبه مثلما فعل لأنّ الشعب سئم من الثلب و الصراعات . رضا بلحاج قدم استقالته في السابق عندما كان رئيس اللجنة السياسية وواقفت آنذاك على هذه الاستقالة بسبب خلافات مع كتلة نداء تونس في البرلمان . ثم كوّن حزب “تونس أولا” وقام بانتقادنا . وبعد الانتخابات البلدية تحصّل حزبه على صفر فاصل على غرار أحزاب اخرى انشقت عن نداء تونس. ثم عبر عن رغبته بالرجوع فقلنا له أنت مؤسس في النداء ومن حقك العودة فعاد الى الحزب وأخذ مكانه داخله مع أنّه كان هناك رفض كبير لعودته وكان هناك 4 اشخاص فقط من أصل 20 يرغبون في عودته لكن رغم ذلك أقنعناهم بضرورة عودة بالحاج.
وبعد ان علمنا ان بلحاج يقود اجتماعات موازية بهدف تخريب الحزب قررنا تجميد نشاطه في اطار القانون الداخلي للحزب .

وماهي هذه الأعمال التخريبية التي قام بها بلحاج حتّى يتمّ تجميده ؟
اولا كما قلت فهو كان يقوم باجتماعات موازية دون اعلامي بصفتي المدير التنفيذي وكذلك دون اعلام المكتب السياسي ولم يستدع ايا من أعضاء المكتب .وبذلك يكون قد وضعنا كقيادة صورية للحزب وتولى هو القيام بأعمال فردية .كذلك كان له دور سلبي في لجنة المؤتمر وفي الوقوف وراء حملات التحريض في الصحف والاعلام إذ قام بحملة تشويه ضدنا وهدفه الرئيسي ازاحتي من الحزب .وانا اقول له ان المؤتمر القادم هو الفيصل ونحن سنرضى بنتائجه وللمؤتمرين حرية ان يطردوني عبر الانتخابات .

لكن ، قبل ذلك و بعده ايضا كيف عاد بلحاج الى الحزب ؟
انا من تولّى اقناع قيادة النداء بإرجاع رضا بلحاج الى الحزب رغم رفض عدد كبير لعودته بسبب الضغوطات التي قام بها لدفع عدد كبير من قيادات الحزب للخروج من النداء .

هذا يعني أنّك أنت من يقرّر داخل الحزب؟
لا اطلاقا القرار تم بعد التشاور مع قيادات النداء…ما حصل أنني توليت اقناع قيادة الحزب بارجاعه لكنني لم أتّخذ القرار بمفردي.

لكن تواصل نزيف التجميد و الانشقاقات ألا يثير مخاوف حقيقية و يطرح مخاطر من مزيد التقسيم و التشتّت داخل حركة “نداء تونس ” ؟
الوضع داخل حركة نداء تونس ليس وضعا مثاليا و لكنه بكل تاكيد ليس وضعا مأساويا . هناك مكاسب حققناها واخطاء ارتكبناها ومن واجبنا ان نحافظ على مكاسبنا وان نعمل عل تطويرها و ان نتجاوز ايضا الاخطاء التي ارتكبناها .

لكن هناك اليوم من يشكك في اجراء مؤتمر للنداء ؟
هذا التشكيك في غير محلّه نحن نقوم باجتماعات مع لجنة المؤتمر وقريبا تبدا المؤتمرات الجهوية وعملية توزيع الانخراطات للمؤتمر وهناك أجواء ايجابية في هذا الصدد .هناك رزنامة كاملة يجب احترامها .في البداية كان من المنتظر اجراء المؤتمر في 1 و 2 مارس وانا نبهت الى أنّ هذا التاريخ لن يكون ملائما لاستكمال التحضيرات لأنّ الحزب كبير ويتطلب مجهودات ليشمل كافة مناطق الجمهورية.
كما أنّ لجنة اعداد المؤتمر تدرس الآن كل التحضيرات وسيتم الاعلان قريبا عن موعد المؤتمر
انجاز المؤتمر الوطني ليس هدفا في حد ذاته و هو ما يجعلنا حريصين على التأني و على تجنب التسرع و اعتقد ان هذا التمشي هو الاسلم و هو ما تؤكده الايام الاخيرة .وحسب تقديري سينجز المؤتمر في أوائل شهر أفريل وسيعود النداء بقوة وسيفوز بالانتخابات.

هناك من يقول أن الانخراطات في الجهات توزّع للمواليين لحافظ قائد السبسي ؟
هذا غير صحيح… اولا انا لا أتدخل في موضوع الانخراطات ولا اعرف حتى لون بطاقات الانخراط .هناك لجنة ادارية مختصة بموضوع الانخراطات و تتولّى السهر على مراقبة هذه العملية .ولا اعلم في الحقيقة عدد الانخراطات . لدي ثقة في الندائيين كي يقوموا بالتصويت لي . هدفنا ارجاع النداء الى مكانته الطبيعية وايادينا ممدودة لإرجاع كل الندائيين الى حزبهم .

هل سيرشح المؤتمر الباجي لعهدة رئاسية جديدة ؟
بعد القيام بالمؤتمر سوف يحدد المؤتمرون هذا الموضوع .قواعد الحزب لا يرون حلا آخر غير ترشيح الباجي قائد السبسي لأنه ضمانة للشعب التونسي في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها تونس فالديمقراطية لم تترسخ بصفة نهائية .وهناك مخاض سياسي في البلاد .

انت متّهم بالسعي إلى الوراثة ويتهمّك خصومك باستغلال اسم والدك الباجي قائد السبسي لقيادة الحزب ،كيف تردّ على ذلك ؟
انا دخلت منذ اليوم الاول في العمل السياسي وكنت من اوائل المنادين بتكوين حزب نداء تونس وانا من اقترحت اسم نداء تونس استنادا الى مشروع نداء الوطن الذي ساهمت في انجازه في ولاية المنستير مع ثلة من المناضلين .والفكرة كانت مطلوبة لخلق التوازن السياسي بعد تغول الترويكا وكانت انطلاقة سريعة ناجحة .
نحن نظام ديمقراطي ومبني على الاقتراع…وحملات التشويه لن تغير رأي الشعب وهذه الاتهامات مردودة على اصحابها .
الباجي قائد السبسي لن يورّثني منصبه…ثقة الناس والانتخابات هما الفيصل. كما انه لا يمكن الحديث عن توريث في ظلّ نظام ديمقراطي تعيشه تونس اليوم. خلال بداية تجربتي لم يكن الباجي قائد السبسي رئيس جمهورية… فهل كوني ابن الباجي اصبحت تهمة.
لا يحق لأي احد أن يحرمني من حقي في السياسة بسبب ما يعتبرونه توريثا .

قيل انك تدخلت في عمل الحبيب الصيد ابان رئاسته للحكومة ويقال ان الشاهد اسس حزبا ليحمي نفسه من تدخلاتك؟
هي مجرد اتهامات انا لم اتدخل في عمل الحبيب الصيد ولا يوسف الشاهد . والحبيب الصيد لم اتصل به ليقدم لنا اي امتياز او مصلحة شخصية ويوسف الشاهد كذلك لم اتدخل في عمله. وحزبنا لم يكن بحاجة الى التدخل في التسميات لان لدينا الاغلبية .
واقولها للشعب التونسي اني لم اتدخل يوما في تسمية وزير او عمدة او معتمد او مسؤول او مدير عام من عائلتي اومن اقاربي بل كانت تطرح الاسماء وينظر فيها الحزب وفق القانون .
بل اكثر من ذلك …خلال فترة الحبيب الصيد كنا نعطي مقترحات التسمية في رئاسة الحكومة لكن في احدى المرات وجدنا أنها تغيرت.لكن اقول ان الاتهامات بالتدخل في التسميات مردودة على اصحابها.

ندائيون كثيرون غاضبون اليوم عن حزب النداء بسبب عدم تنفيذ برنامجه الانتخابي ويقولون انك احد الاسباب في ذلك ما ردّك؟
نداء تونس لم يحكم بمفرده بل كان مجرد شريك في الحكم. برنامجنا يتكون من 300 صفحة لم يطبق منه اي شيء .صحيح أنّه في الظاهر يبدو النداء هو الذي يحكم لكن هو في الحقيقة لا يحكم بسبب طبيعة النظام السياسي الذي لا يتيح الاغلبية .الحزب لم يعطل ابدا عمل أي حكومة بل كنا ندعم كل مشاريعها . و في العموم النداء لا يتحمل المسؤولية وحده بل النهضة هي من تتحمل المسؤولية هي و الائتلاف الحاكم.
نداء تونس هو اليوم حزب موجود في جهاز الدولة وليس حزبا حاكما ولا معارضا.

لكن انت عبرت عن معارضتك لحكومة يوسف الشاهد وتدعو لإسقاطها ، لماذا ؟
لأنها ببساطة حكومة اثبتت من خلال جميع المؤشرات انها لن تنجح في قيادة البلاد . اليوم الدينار انهار في عهد الشاهد .ولم نسجل أي تحسن في المؤشرات الاقتصادية وتونس اصبحت مصنفة في اللوائح السوداء وهناك ارتفاع لنسبة التداين . اليوم جل المؤشرات سلبية .
اليوم اصبح هناك حزب جديد في الساحة السياسية …نعني هنا حزب “يحيا تونس” المنسوب الى يوسف الشاهد…كيف ستتعاطون معه في نداء تونس” ؟
هذا الحزب مازال مجرّد فكرة او مشروع سياسي و لم يصبح حزبا رسميا…

نعم ولكن معطياتنا تقول إنه سيقع الاعلان رسميا قريبا جدا؟
على كل حال هو حزب مبني على افكار وشخصيات من النداء. لكن دعني اقول لكما بصراحة هنا ان التجارب التي خرجت من حزب نداء تونس لم تنجح ولا اعتقد ان هذه التجربة ستنجح .
كذلك كلّ المشاريع المولودة من صلب الحكومات لا يمكن ان تحقق أي نتائج لأنها فوقية وغير نابعة من القواعد ومن ارادة الشعب . وفي الحقيقة لا يوجد ما يدعو المواطنين للالتفاف حول هذا الحزب و للتصويت له .
بل بالعكس اقول ان الاعلان عن تأسيسه و الكيفية التي وقع اعتمادها بتسخير اجهزة الدولة ساهم في عودة عدد هام من الندائيين للحركة و في التحاق اطارات جديدة بنداء تونس و قريبا سترون شخصيات وطنية عديدة تلتحق بالحزب لأن الجميع يعلم أن الاحزاب التي تولد في ظروف اصطناعية و بعيدا عن الحراك السياسي بتناقضاته و حيويته لا يمكن ان تعيش طويلا .
لكن هذا الحزب لم يؤسس بإرادة أفقية وإنما انطلق من الجهات بلقاءات شعبية كبيرة…
الاجتماعات التي قام بها هذا الحزب لم تكن شعبية لأنّ الولاة والوزراء هم من أشرفوا عليها ودعوا المواطنين لتأثيث تلك اللقاءات .لم تكن هناك ارادة شعبية لحضور تلك اللقاءات مثلما كان الأمر مع نداء تونس .هذا المشروع مبني على معاداة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي و معاداة نداء تونس . الى حد اليوم لم يقدموا للشعب اي برامج اجتماعية أو اقتصادية .

أنت متّهم أيضا بانك السبب في جعل العلاقة متأزمة بين الباجي ويوسف الشاهد ؟
الشاهد التحق بالحزب ولم يكن معروفا ولم يلعب دورا في مسار الحزب بعد أن انشق عن الحزب الجمهوري ، وتم استقباله مع شخصيات اخرى ونحن كنا آنذاك على أبواب الانتخابات .
لكن بعد تعيين الشاهد لرئاسة الحكومة كانت نتائجه سلبية . وحينها رأى حزب نداء تونس أنّ ساعة تغييره قد حانت للقيام بإصلاحات جديدة.

ألا يتحمل حزب النداء الذي تديره أنت جزءا من مسؤولية تردّي النتائج الاقتصادية باعتبار أن النداء لم يوفّر الدعم السياسي للحكومة؟
هو مسؤول عن نتائج عمله التي كانت سبب تأزم علاقته برئيس الجمهورية ولم تكن لي أي علاقة بهذا الموضوع .

لو يحقق حزب «تحيا تونس» نتائج وازنة، هل هناك امكانية للتحالف معه في الأفق ؟
حتّى ذلك الوقت سيكون لكل حادث حديث والتوازنات السياسية هي التي تحكم المشهد السياسي. والنداء يفتح باب الحوار مع الجميع ولا يستثني أحدا لكن أعتقد أن شرطنا على الشاهد في تلك الحالة كان فك ارتباطه مع حزب النهضة .فالنداء قطع علاقته بالنهضة بسبب الاختلاف في البرامج والافكار والرؤى .

ولكن طموحات وخطاب هذا الحزب أكبر من تقييمك وهناك من لا يستبعد أن يؤدي انتشار هذا الحزب الجديد الى “ابتلاع” النداء؟
ليست هذه هي المرة الاولى التي يتأسس فيها حزب يدعي انه سيعوض النداء و لكن كل المحاولات لم تنجح و لا اعتقد ان محاولة الشاهد ستكون الاستثناء و اما حديث رموز هذا المشروع الحزبي على انهم سيفوزون في الانتخابات و حديث بعض رموز النهضة عن انهم سيتحالفون معهم بعد الانتخابات فهذا دليل على أنّ هذا المشروع الحزبي لن يأتي بالجديد و أن ما يحرك مؤسسيه هو البحث عن السلطة فقط حتى و ان اقتضى الامر التحالف مع حركة لها مشروع مجتمعي متناقض مع المشروع الحداثي الذين يتباهون به .

ولكن كيف تلومون الشاهد على التحالف مع النهضة والحال أنه سبق لكم أن تحالفتم مع هذه الحركة ؟
هذا لم يحصل اطلاقا . لقد التقينا مع هذه الحركة في ائتلاف من أجل ممارسة الحكم و ذلك استجابة لما فرضته صناديق الاقتراع و نتيجة رفض أحزاب كنا نعتبر انها اقرب لنا سياسيا لتأسيس تالف حاكم معنا . وقد حرصنا في الأثناء على الحفاظ على هوية حركتنا و التزامها الحداثي في عدة مناسبات لعل من أهمها مبادرة رئيس الجمهورية الهادفة الى تكريس المساواة في الارث . وتمسكنا بهذه الثوابت هو الذي ادى الى الانتقال حاليا الى ما يمكن اعتباره قطيعة سياسية مع حركة النهضة..

ألا تخشى ان تؤدي هذه القطيعة الى توتر غير مرغوب فيه في الحياة السياسية ؟
القطيعة لا تعني العداوة و هي ليست دائمة لأن الحياة السياسية لا تخضع للاهواء و الرغبات بل للمواقف و للوضوح .وما يفصل بيننا هو القانون و ضرورة اعتماد الشفافية .
والوضعية الحالية تسببت فيها حركة النهضة التي أرادت خلق شرخ داخل حركة نداء تونس و أيضا ممارسة ما يمكن اعتباره ابتزازا سياسيا لرئيس الجمهورية و هو أمر مرفوض.

هناك حديث تم تداوله في الآونة الاخيرة على نطاق واسع حول وساطة قطرية بينك وبين رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ؟
هذا غير صحيح .ولم ألتق الغنوشي لا في قطر ولا في تونس. آخر مرة اجتمعت به كان خلال مشاورات وثيقة قرطاج بحضور جميع المشاركين في المفاوضات .واستغرب من مثل هذه الاخبار .وانا لا ارغب في اي وساطة خارجية رغم ان لدي علاقات جيدة بعدة اطراف دولية مبنية على الاحترام المتبادل .

المصدر : الشروق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *