تونس تتنفس برئتي ليبيا و الجزائر .. بقلم كمال بن يونس

لا شك ان الازمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والامنية تراكمت في البلاد وازدادت تعقيدا..
ولا خلاف حول غموض مستقبل الطبقة السياسية والنخب الحالية حكومة ومعارضة و اعلاما ومنظمات… لاسباب عديدة من بينها تعمق ازمة الثقة بين كبار صناع القرار داخل مؤسسات الدولة والمجتمع ومنظمات رجال الاعمال والنقابات والهيئات “المستقلّة”…
ولا بد من الاعتراف بان الازمات غير المسبوقة التي تواجه السلطات وزعماء النقابات ورجال الاعمال والاحزاب قد تنفجر في وجه الجميع… لان الحلول المقترحة قد تزيد الطين بلة… لانها تلوح بزيادات في الضرائب والاداءات المباشرة َوغير المباشرة وفي اسعار الكهرباء والغاز والمياه و المواد الغذائية… في وقت تراجع فيه الاستثمار فيما أغلق عشرات الالاف “الباتيندة”.. مع ما يعنيه ذلك من استفحال مشاكل البطالة و تراجع مداخيل الصناديق الإجتماعية و الدولة…
ورغم الانتعاشة النسبية في قطاعات السياحة والخدمات صيفا تاكد ان حوالي ثلث المؤسسات السياحية مغلقة منذ سنوات ولم تفتح ابوابها بعد بسبب تراكم ديونها لدى البنوك و تجاوزها سقف ال 4 مليار دينار..
في نفس الوقت تجاوزت ديون شركة الكهرباء والغاز وحدها لدى الدولة ال 12 مليار… اي ما يناهز قيمة العجز المالي ل “الستاغ”..
كما كشفت تقارير المعهد الوطني للإحصاء و البنك المركزي و البنك الدولي “خطوط حمراء” عديدة… من بينها تضخم المبالغ المرصودة “للدعم” وارتفاع حجم عجز الميزان التجاري وميزان الدفوعات.. َ
في هذا السياق العام جاء تبادل الزيارات الرسمية لكبار المسؤولين في تونس وليبيا والجزائر… وشملت المحادثات رؤساء الدول والحكومات ووزارء الخارجية والشؤون الاقتصادية في البلدان الثلاثة…
وهذا ايحابي…
بل هو ايجابي جدا…
لكن ماذا بعد تبادل القبلات والصور “العائلية” الباسمة و التصريحات المتفائلة جدا؟
هل من خطوات عملية لتنفيذ مئات القرارات والاتفاقيات السابقة التي قيل انها سوف تؤدي إلى تحقيق “نقلة نوعية” في علاقات الشعوب الثلاثة وتؤدي إلى تحسين اوضاعهم المعيشية في كل المجالات؟
… بعيدا عن التجاذبات و المبالغات بأنواعها لايجب الافراط في التفاؤل ولا “تقزيم” المشاركين في مشاورات الايام والاسابيع الماضية في الجزائر وليبيا وتونس… او التقليل من إيجابية تنظيم لقاءات” رفيعة المستوى ” ضمن جهود تكريس شعارات “تقاطع المصالح” و التكامل والشراكة و التضامن… الخ
لا افراط ولاتفربط…
نحن بعيدون كل البعد عن مرحلة تكربس قرارات تحرير تتقل المسافرين والسلع ورؤوس الاموال في كامل منطقة الاتحاد المغاربي والمنطقة المغاربية الاوربية… رغم اتفاقيات الشراكة العديدة…
ويعلم الجميع ان تطبيق قرارات عشرات المؤتمرات الوزارية و الرئاسية للاتحاد المغاربي يستوجب تحقيق مصالحة شاملة و نهائية بين الشقيقتين الجزائر والمغرب بنا في ذلك حول “ملف الصحراء”…
وينبغي بالمناسبة غلق قوسي “سوء التفاهم” بين الرباط وتونس واعادة سفراء البلدين إلى مواقعهما…
في الاثناء يمكن توظيف زيارة رئيس الحكومة الليبية ووزرائه إلى تونس وكذلك تبادل زيارات نجلأء بودن إلى الجزائر و مشاورات قادة البلدان الثلاثة من اجل” حلحلة “ملفين كبيرين :
+ الاول اقتصادي تنموي… من بين اولوياته تحرير التجارة والنقل في الاتجاهين… بما في ذلك ما يتعلق بملف المحروقات… ودعم فرص حصول تونس على”تسهيلات” وامتيازات وتخفيضات عند تزويدها بحاجياتها من الغاز والنفط والمواد الاساسية…
+ الملف الثاني امني جيو استراتيجي يهم اساسا الصراع الدولي متذ 12 عاما على ليبيا وثرواتها وصفقات إعادة اعمارها…الي جانب الصراعات بين القوى الاقليمية والدولية التي تورطت منذ 2011 في سلسلة من “الحروب بالوكالة” في كامل المنطقة
خاصة في ليبيا و بلدان “الثورات العربية” …
ولئن استبعدت الديبلوماسية التونسية عمليا منذ عامين من مسارات التأثير المباشر في جهود التسوية السياسية في ليبيا ، فان المعلومات المتوفرة حاليا تؤكد ان الجانب الجزائري اقترح على حكومتي طرابلس وتونس عقد لقاءات حكومية ثنائية موسعة تسير في نفس مسار” التحالف الاستراتيجي التونسي الجزائري”…
ولا شك ان تطورات الايام والاسابيع الماضية تكرس دعما جزائريا تونسيا لفريق عبد الحميد الدبيبة في صراعه ضد معارضيه وخصومه في طرابلس وبنغازي من بين الموالين لسلطات القاهرة وبعض العواصم الخليجية والدولية … بينهم فتحي باش اغا و الجنرال خليفة حفتر ورئيس مجلس النواب “السابق” عقيلة صالح…
بعبارة أخرى سيدعم التنسيق التونسي الجزائري مع حكومة الدبيبة دعما للقيادة الليبية المتحكمة في العاصمة طرابلس رفي غرب ليبيا، المدعومة بقوة من تركيا وايطاليا والمانيا وبريطانيا… رغم اعتراضات اليونان وفرنسا و بعض الدول العربية…
في كل الحالات ليس من مصلحة تونس الدخول في “لعبة المحاور” الاقليميةوالدولية… خاصة عندما يتعلق الامر بمستقبل جارتيها ليبيا والجزائر… اللتين تشكل “الرئة الثانية” التي تتنفس بها بلادنا…
وتزداد الحاجة إلى هذه “الرئة الثانية” عندما تزداد حاجة اقتصاد البلاد إلى كميات كبيرة من “الاوكسيجين”…بدءا من تأمين كميات كافية من البترول والغاز والمواد الاساسية وبينها الأدوية والمواد الغذائية… التي كانت تونس مصدرا كبيرا لها بينها الفوسفاط والحبوب و السكر… ووو
فليكن تبادل الزيارات والرسائل بين كبار المسؤولين في تونس وليبيا والجزائر مبادرة طيبة لتفعيل “الاتحاد المغاربي” المجمد متذ مدة طويلة… عبر تفعيل الشراكات الاقتصادية والسياسية يين الدول المغاربية الخمسة بما فيها الرباط… التي كانت وما ترال لاعبا اقليميا ودوليا مؤثرا… ومن مصلحة كل الاطراف المصالحة معها وطي صفحة الماضي…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *