تناقضات في تحالفات ” الحداثيين” و ” المحافظين” الخارجية : هل تكسب “حكومة الجملي” دعما من باريس و واشنطن ؟ .. بقلم كمال بن يونس

تتواصل تحركات الكواليس و الضغوطات الداخلية و الخارجية المباشرة و الخفية على رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي والأطراف السياسية التي أعلنت أنها ستدعمه أو سوف تعارضه قبل تشكيل فريقه و بعده ..

ورغم تأكيد أغلب القوى السياسية “الحداثية ” و”المحافظة ” داخل البرلمان وخارجه على استعدادها للتعاون مع رئيس الحكومة المكلف تمهيدا لتحسين مناخ الأعمال وأوضاع الشعب والبلاد ، فقد كشفت الأيام الماضية خلافات عميقة بين كبار صناع القرار السياسي والاقتصادي ، بما يوشك أن يعمق أزمة الثقة بين القيادات النقابية والحزبية من جهة وبين لوبيات المال والإعلام والسياسة من جهة ثانية ..

ولئن انخرطت أطراف سياسية فرنسية وأوربية وأمريكية في المعارك السياسية والانتخابية بين الدستوريين واليسار والإسلاميين منذ مطلع 2011 ، بما في ذلك بمناسبة انتخابات سبتمبر واكتوبر الماضيين ، فان السؤال الكبير اليوم : هل سوف تكسب حكومة الحبيب الجملي ” القريبة ” من حزب النهضة دعما من صناع القرار في باريس وبروكسيل وواشنطن ؟

أم يحصل العكس خاصة أن أغلب الاطراف السياسية ” الحداثية الليبيرالية واليسارية ” المحسوبة على فرنسا والغرب خسرت السباق الانتخابي في تونس ؟

وهل سوف ترضى باريس وواشنطن ب” همينة المحافظين ” على المشهد السياسي التونسي بعد أن خسر أبرز ” أصدقائها ” وحلفائهما المعركة في الجزائر بعد” الحراك الشعبي” ، ثم في ليبيا بسبب فشل مخطط هيمنة اللواء خليفة حفتر وأنصاره على طرابلس وغرب ليبيا ؟

والسؤال الذي قد يفرض نفسه بعد ذلك : هل ستدعم سفارات باريس وواشنطن والعواصم الاوربية والخليجية مشروع ” حكومة الوحدة الوطنية ” التي سوف يشكلها السيد الحبيب الجملي ، مثلما سبق لها أن دعمت حكومات الترويكا والمهدي جمعة والحبيب الصيد ويوسف الشاهد ، أم يحصل العكس بسبب تخوفها من ” تغول قيادات الإسلام السياسي”؟

وهل سوف تقبل تلك العواصم ” هيمنة المحافظين ” على قصري قرطاج والقصبة وعلى رئاسة البرلمان ؟

واذا سلمت باريس وحليفاتها عن مضض بانتخاب رئيس السيد قيس سعيد رئيسا للجمهورية مع التمادي بوصفه ” محافظا ” فهل سوف ترحب بانتخاب رئيس برلمان ورئيس حكومة يصنفان بدورهما من بين ” المحافظين ” أي السيدين راشد الغنوشي و الحبيب الجملي ؟ أم سوف تشج معارضيهم على إضعافهم وربما على الاطاحة بهم ؟

لا شك أن كثيرا من المواقف التي يعبر عنها منذ أعوام رموز التيار” المحافظ ” ، بزعامة قياديين في حركة النهضة والأستاذ قيس سعيد ، تزعج صناع القرار في مفوضية الاتحاد الأوربي في بروكسيل وفي باريس ، وبينها الموقف من المساواة بين الجنسين في الإرث وحقوق ” المثليين ” ..

وتوشك الهوة أن تتعمق بين بعض العواصم الغربية من جهة والرئيس قيس سعيد وقادة حزب النهضة من جهة ثانية بسبب تقاربهم مع زعماء ” اتئلاف الكرامة ” الذين رفعوا سقف شعاراتهم السياسية المعارضة لما وصفوه ب” السياسات الفرنسية والاوربية الاستعمارية الجديدة ” ولسياسات اسرائيل والاطراف التونسية والعربية التي انخرطت في مسار” التطبيع ” معها ..

وستجد حكومة الحبيب الجملي نفسها بين نارين :

+ إما مسايرة القيادات ” الثورية ” في حركة النهضة وحلفائها ، وهو ما قد يحرمها من ” صداقاتها ” في العواصم الغربية وداخل القيادات النقابية واليسارية والليبيرالية داخل البلاد ..

+ أو الابتعاد عن ” ائتلاف الكرامة ” وحلفائه وهو خيار قد يساهم في مزيد شعبيته وتحسين حظوظه في المواعيد السياسية والانتخابية القادمة ..وهو الذي نجح في أن يحصل على 21 مقعدا بعد جهد انتخابي وإعلامي متواضع ونافس لأول مرة بشكل جدي قائمات حركة النهضة التي في رصيدها 50 عاما من العمل الميداني ..

وفي الحالتين يوشك الرئيس قيس سعيد ورئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي ورئيس البرلمان راشد الغنوشي وأنصارهم أن يواجهوا ضغوطات قوية من جهات لشقها تناقضات جوهرية : ” اليبيراليون ” المقربون من السيد نبيل القروي وقيادة ” قلب تونس و” الدستوريين ” الذين يخشون اعادة فتح ملفات الفساد المالي والسياسي ، و” اليساريون ” الذين قد يستخدمون ورقة النقابات والغضب الشعب من تدهور الاوضاع المعيشية من اجل تنظيم تحركات اجتجاجية واضرابات قد تعطل تشكيل الحكومة الجديدة ..أو قد تتسبب في اضعافها وربما في اسقاطها في ظرف وجيز..

وفي كل السيناريوهات قد تكون البلاد مقبلة على مرحلة من التعقيدات والغموض والمغامرات بسبب

اختلاف أولويات كبار الفاعلين السياسيين والنقابيين الخارجية وتضارب مصالح الاطراف و”

المحاور “الاقليمية والدولية التي يعتمدون عليها ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *