تطورات الأحداث في ليبيا و السيناريوهات الأربع… بقلم علي اللافي

اليوم الاثنين 15 أفريل  يكون قد مر 11 يوما بالتمام و الكمال على إطلاق العسكري المتقاعد خليفة حفتر عملياته الحربية للسيطرة على العاصمة طرابلس منطلقاً من الجنوب الليبي ومتمترساً في نقطة إستراتيجية هي غريان حيث البقية تحت مرآى العين طرابلس ومدن الغرب الليبي، وفي البداية اعتمد العسكري المتقاعد على عنصر المفاجأة إلا أن تلك المفاجأة قد صدتها مقاومة عنيفة سواء على المنحى السياسي الذي يمثله المجلس الرئاسي الذي أوعز لكل الأجهزة العسكرية والشرطية النظامية وغير النظامية من كتائب الثوار التي توحدت ضد عدوانه محاولا وضع مطلب الدولة المدنية بين قوسين ولتحقيق لحلفائه المحليين والإقليميين ألا وهو تكريس أنظمة عسكرية في المنطقة الشمال افريقية…

ولأن عنصر المفاجأة الذي كان حفتر يركن إليه قد فشل فقد تطول المعارك مما ينبأ بوجود سيناريوهات مختلفة لكل منها منحى تذهب إليه الأحداث، منها ما هو في صالح معسكر الدولة المدنية ومنها ما هو في صالح حفتر وحلفائه المحليين والإقليميين والدوليين، وطبعا لكل سيناريو أو اتجاه محاور سابقة منها من سيقوى موقفه ومنها من سيضعف ويمكن أن ينتهي للأبد ورغم خيبة الأيام الماضية وبداية ملامح لانقلاب داعمين في الداخل والإقليم وحتى من قوى دولية بعضهما منحه ضوء أخضر أخرى اكتفت بضوء أصفر بينما راهنت بعضها على الحسم الميداني لأحد طرفي الصراع أو ربما تعمدن إيقاع خليفة بلقاسم حفتر في الفخ لإخراجه من المشهد تماما، ويمكن تلخيص السيناريوهات الممكنة في أربع، وهي:

السيناريو الأول: وهو فوز معسكر الدولة المدنية وخسارة ميليشيات حفتر المهاجمة بل وبداية نهاية حفتر كشخص وأيضا كمشروع والتي سيترتب عليها عدة احتمالات كما ستؤدي تلك الخسارة من جانب حفتر إلى تقوية الاتفاق السياسي بل وربما التوجه مباشرة للاستفتاء على الدستور، وعلى مستوى المنطقة الجنوبية فسيخلق هذا الأمر واقعاً جديداً في الجنوب سيؤدي إلى غلبة طرف مكون التبو وبعض المكونات الثورية، كما ستكون هنالك هزة اجتماعية سياسية في برقة جراء هذه الهزيمة التي كان حطبها أبناء المنطقة الشرقية، أما على المستوى الرسمي للحكومة في طرابلس فسيتبوأ وزير الداخلية موقعاً مهماً مع تعديل وزاري مؤكد ولا مناص منه كما سيتم تحجيم الدعم الدولي والإقليمي لحفتر ويظهر أن لقاء السيسي مع حفتر هو إعلام أولي لحفتر بخروجه من الساحة في انتظار بقية ملامح الواقع الميداني والتي ستكون حاسمة خلال اليومين القادمين ….

السيناريو الثاني: ويتمثل في جنوح الطرفين لطاولة التفاوض ، ومنها الاستمرار في المسار الأول والذهاب إلى الملتقى الوطني الجامع بعد تطمينات دولية وإقليمية بالكف عن الدعم اللوجستي للحرب بعد الاتفاق على وقف إطلاق النار ، ومما سيزيد من قوة البعثة الأممية إلى ليبيا ، وقد يؤدي هذا السيناريو إلى تناقص فرص المخاطر الأولى المتمثلة في الانهيار الاقتصادي والشرخ الاجتماعي وانتشار الإرهاب والتدخل الدولي والتغول الإقليمي.. .

السيناريو الثالث: ويتمثل في بقاء الحال على ما هو عليه من استمرار للمعارك مما سيؤدي لاستنزاف قدرات الطرفين العسكرية، وانهيار اقتصادي سيشل أركان الدولة وحركتها وشرخ اجتماعي سيتزايد حال زيادة أمد الحرب، وكارثة إنسانية تطل برأسها لعدم اكتراث طرف حفتر بقوانين الحرب، ولهذا السيناريو مخطر كبير على معسكر حفتر وهو تناقص الدعم الدولي والإقليمي الذي بدأ يشعر بالخجل من إقحام بعض الأسماء الدولية فيه مثل فرنسا والذي لن يحتمل أمداً طويلاً يفتح الباب مشرعاً لتساؤلات منظمات حقوق الإنسان لفرنسا وهي متورط محتمل في هذا العمل، والذي من الممكن أن يهيأ الممر مفتوحاً لحسم المعركة سياسياً لصالح معسكر الوفاق والدولة المدنية، أما أهم مخاطر هذا السيناريو والذي لا يتمناه أحد هو تدمير العاصمة طرابلس .

السيناريو الرابع: ويتمثل في انتصار معسكر العسكريتاريا رغم أن ذلك يتطلب إجراما أكثر من الإجرام الحالي وسندا دوليا وإقليميا، وهو سيناريو جد مستبعد حاليا وخاصة بعد أحداث وتطورات أمس الأحد 14 أفريل 2019، ولكنه لا يزال قائما وإن كان بدرجة ضعيفة، وعمليا سيؤدي هذا السيناريو إلى نتائج وخيمة أهمها انهيار حلم الدولة المدنية وانهيار العملية السياسية بالكامل، كما سيتم اجتثاث التيارات المناوئة للحكم العسكري تاريخياً وعلى رأسها أنصار تيار الأخوان المسلمين في ليبيا بما في ذلك تيار دار الإفتاء والأحزاب الإسلامية على غرار العدالة والبناء، كما سيؤدي هذا السيناريو إلى محاصرة مدينة مصراتة بمزيد من الدعم الدولي وتغول للتدخل الإقليمي ، وربما يؤدي على الهامش إلى استقرار أمني بعد توقف المعارك، وفي الغالب فإن هذا التوجه سيؤدي إلى إضعاف ثورتي تونس والجزائر والتركيز عليهما بعد الانتهاء من ثورة ليبيا… .

عمليا أثبتت التطورات في الأيام الأخيرة وخاصة أمس الأحد ( لقاء السيسي – حفتر، تصريحات البعثة الأممية – إسقاط الطائرة – مغادرة الفرنسيين لغريان ) أن السيناريوهين الأول والثاني هما الأكثر ورودا مع بقاء كل السيناريوهات الأربع محتملة الحصول، وما على الأرض اليوم هو من سيتحكم في رجاحة أي من هذه الاحتمالات، ولكن يضل الاهتمام الأكبر من هذا كله المخاوف والمخاطر المحدقة بطرابلس جراء الحرب ، حرب اختار موعدها حفتر ولا نعلم من سيضع حداً لنهايتها وفي الترتبات الخطيرة على كل المنطقة الشمال افريقية وخاصة تونس والجزائر ثم لاحقا كل من هو ضد معسكر حلفاء حفتر الإقليميين وخاصة تركيا وقطر وبقية دول الخليج غير المصطفة تماما مع الإمارات والسعودية على غرار الكويت….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *