بيان ما بعد الانتخابات: ضعف الإقبال على الانتخابات التونسية يؤكّد مجدّدا الحاجة إلى توافق واسع

تونس العاصمة في غرّة فيفري 2023 — فشلت الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية التونسية التي أجريت يوم 29 جانفي مجدّدا في حثّ الناخبين على الاقتراع، ممّا يؤكّد رفض الشعب التونسي للعملية السياسية التي استهلّها رئيس الجمهورية يوم 25 جويلية 2021.

تؤكّد المشاركة الضعيفة غير المسبوقة للمرّة الثانية في غضون شهرين مجددا على ضرورة انخراط جميع الأطراف المعنيّة التونسية في حوار وطني شامل وشفاف لإحياء مسار الانتقال الديمقراطي المتعثّر في البلاد والتوصّل إلى توافق بشأن حلول للمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

تعكس نسبة مشاركة الناخبين المحتشمة، والتي تقدر بحوالي 11% في كلتا الدّورتين، انتكاسة للتجربة التّونسيّة في الانتقال الديمقراطي الذي خرج عن مساره بتولّي رئيس الجمهورية التحكم في جميع أدوات السلطة في جويلية 2021. وينبغي للقادة السياسيين وقادة المجتمع المدني، فضلا عن أعضاء مجلس نواب الشعب المنتخَبين حديثا، أن يسعوا نحو التوصّل إلى توافق واسع لإعادة البلاد إلى المسار الديمقراطي.

وعلى الرغم من تصريحات رئيس الجمهورية بأن الإجراءات التي اتخذها كانت ردا على فشل مجلس نواب الشعب في معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي عصفت بالبلاد منذ ثورة الياسمين في 2011، إلاّ أنّ العملية غير الشاملة غيّرت دستور البلاد الذي تمّ إقراره في 2014. كما تعتبر شيطنة معارضي هذه التغييرات واستهداف مختلف مؤسّسات الدولة من قبل رئيس الجمهورية تقويضا للهياكل التي تقوم عليها الدولة الديمقراطيّة الحقيقيّة. عزّزت التعديلات الدستورية التي دخلت حيز النفاذ في أوت 2022 صلاحيات الرئيس وقلّصت تلك المتصلة بالسّلطة التشريعية، وهو ما يدعو إلى مراجعتها.

يرحب مركز كارتر بالمبادرة الجديدة التي أطلقتها أكبر نقابة عماليّة في تونس الاتّحاد العام التونسي للشغل والرّابطة التونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان والهيئة الوطنيّة للمحامين بتونس والمنتدى التّونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية من أجل المشاركة في حوار وطني. وإضافة إلى ذلك، يعكف عدد من أعضاء مجلس نواب الشعب المنتخَبين حديثا على تشكيل ائتلاف برلمانيّ يركّز على برنامج إصلاح يشمل تعديل دستور 2022، ودعم ارساء فوري للمحكمة الدّستورية، وتعديل القانون الانتخابي والنظام السياسي والمرسوم 54 الذي يحدّ من حرية التعبير.

يجدّد مركز كارتر توصياته التي قدّمها إثر الدّورة الأولى للانتخابات ويحثّ البرلمان المنتخَب حديثا على الانضمام إلى الجهات الفاعلة التي باشرت بمبادرة الحوار الوطني وتناول القضايا التالية على وجه الاستعجال:

الحاجة إلى وضع قانون انتخابي جديد يعيد تأسيس هيئة انتخابية مستقلة؛
مراجعة وتنقيح النظام الانتخابي لتسهيل وضع سياسات وطنية فعّالة؛
وضع سياسات تتناول مسائل مهمّة من قبيل الفساد وإصلاح قطاع الأمن والإدارة العمومية؛
إعادة التوازن بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية؛
تعزيز التوعية المدنية وتحسيس الناخبين لإشراك عامّة الشعب في مشاورات وإصلاحات الحوار الوطني التي سيكون لها تأثير على حياتهم اليومية؛
تعزيز الأحزاب السياسية وتوطيد أواصر الديمقراطية الداخلية للأحزاب، ممّا يؤدّي إلى تمثيلية أكثر فاعلية للأحزاب السياسية، بما في ذلك تمثيلية المرأة والشباب والفئات المهمشة.
يستحقّ الشّعب التّونسي حكومة شفّافة تسعى إلى معالجة القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية الملحّة التي أدت الى اندلاع الثورة. يجب على قادة تونس الاستجابة لهذه التطلعات وإعادة تونس إلى المسار الديمقراطي الذي شرعت فيه منذ سنة 2011.

نبذة عامّة

يتواجد مركز كارتر في تونس منذ سنة 2011، وحصل على اعتماد الهيئة العليا للمستقلّة للانتخابات لملاحظة المسار الانتخابي. أوفد المركز بعثة لملاحظة الانتخابات في جوان 2022 تحت إشراف فريق ملاحظين أساسي صغير يضم ثلّة من الخبراء الذين قدّموا تقييما لاستفتاء 25 جويلية. ونشر المركز، في جميع الولايات الأربع والعشرين، 14 ملاحظا على المدى الطويل في شهر أكتوبر وأكثر من 60 ملاحظا على المدى القصير في شهر ديسمبر بمناسبة الانتخابات التشريعية 17 ديسمبر 2022. وفي الدّورة الثانية، في شهر جانفي، أجرى المركز ملاحظة محدودة دون ملاحظين على المدى القصير، ولم يسجّل أي انتهاكات جسيمة يوم الاقتراع.

تتمثّل أهداف الملاحظة التي يقوم بها المركز في تونس في تقديم تقييم محايد لجودة العملية الانتخابية إجمالا، وتعزيز عملية انتخابية شاملة لجميع التونسيين، ودعم مسار الانتقال الديمقراطي في تونس.

يقيّم مركز كارتر العملية الانتخابية على ضوء الدستور التونسي، والإطار الانتخابي المحلي، والالتزامات والمعايير المستمدّة من المعاهدات الإقليمية والدولية والهيئات التفسيرية وممارسات الدول. وينفّذ المركز بعثة ملاحظة الانتخابات طبقا لإعلان مبادئ المراقبة الدولية للانتخابات لسنة 2005.

لاحظ المركز انتخابات المجلس الوطني التأسيسي لسنة 2011 والانتخابات الرئاسية والتشريعية لسنتي 2014 و2019، إضافة إلى المسار الذي أفضى إلى اعتماد دستور 2014.

# # #

مركز كارتر

نشر السلام. محاربة المرض. بناء الأمل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *