بوجمعة الرميلي : “أتحمّل مسؤولية ما قلته..والصيد مطالب بكشف من هدّده” – نور الدين بن تيشة: “ارتفعوا.. فالقاع ازدحم” !

أكد رئيس الحكومة الحبيب الصيد أنه تعرّض لضغوطات لدفعه إلى تقديم استقالته بعد إعلان رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي عن مبادرة لتشكيل حكومة وحدة وطنية،وأن هذه الضغوطات بلغت حدّ تهديده عندما خيروه من سماهم بـ”المتدخلين” بين “الاستقالة” أو “يمرمدوه” وفق التعبير الذي استعمله حرفيا والذي يستبطن نوعا من “البلطجة” السياسية التي مورست عليه دون مراعاة لمنصبه في الدولة.

ورغم أن الصيد اختار التكتّم على الأطراف التي هدّدته وفضّل عدم تقديم استقالته وعدم الرضوخ لهذه التهديدات والضغوطات، إلا أن تصريح رئيس الحكومة أثار ضجّة ما تزال متواصلة وربما ستحتّد أكثر عند ذهابه لمجلس نواب الشعب لـ”تجديد الثقة” في حكومته، ورتّب ردود أفعال متباينة وصلت حدّ التلاسن وتراشق بالاتهامات بين وجوه سياسية بارزة بعضها يتقلّد مناصب عليا في الدولة.

أمس فاجأ الوجه السياسي المعروف والقيادي –المؤسس في حزب نداء تونس بوجمعة الرميلي عندما كشف في “تدوينة” على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فايس بوك” على من يعتقد أنه قام بتهديد الحبيب الصيد بـ”التمرميد” إن لم يقدّم استقالته هو المستشار الأوّل لرئيس الجمهورية المكلّف بالعلاقات مع مجلس النواب والأحزاب نور الدين بن تيشه،الرميلي ذكر أيضا أن رئيس الديوان الرئاسي سليم العزابي أكّد لمهدي بن غربية أن رئيس الجمهورية يرغب أن يقدّم الحبيب الصيد استقالته…

هذه “التدوينة” كان لها وقعها على الرأي العام وأثارت جدلا واسعا،خاصّة “المتهم” ليس إلا المستشار الأوّل لرئيس الجمهورية.. لكن نور الدين بن تيشه وفي تصريح خصّ به “الصباح” نفى أن تكون هناك إثباتات على كل ما قيل،وأن رجل السياسة مدعو للتثبّت من كل معلومة قبل تبنيها كحقيقة.

بوجمعة الرميلي أكد بدوره لـ”الصباح” أنه يتحمل مسؤولية كل كلمة كتبها وأنه طلب التحرّي في كل ما بلغه من معلومات لأنها معلومات خطيرة قد تهدّد الدولة.

بوجمعة الرميلي: “المعلومات وصلتني وطلبت التحرّي حولها”

“كل كلمة وردت بـ”التدوينة” أتحمّل مسؤوليتها ولا أتفصّى منها أو أنكرها”، بهذه الكلمات ردّ القيادي في حزب نداء تونس في اتصال خصّ به “الصباح” حول سؤال يتعلّق بمدى صحّة “التدوينة” التي نُشرت على صفحته الرسمية وأثارت جدلا محتدما وردود فعل متباينة،متواصلة منذ صباح أمس.

وكان رئيس الحكومة الحبيب الصيد في حوار تلفزي على إحدى القنوات الخاصّة قد أكّد تعرّضه لضغوطات كبيرة عندما هدّده احدهم بقوله “كان ما تستقيلش نمرمدوك”،ورغم ان رئيس الحكومة لم يسمّ الجهات والأطراف التي قامت بتهديده الاّ أن هذا “التهديد” أثار موجة من الاستياء والشجب لدى الرأي العام الذي تعاطف مع الحبيب الصيد أمام ما وصفته بعض الشخصيات السياسية المعارضة بالـ”منطق المافيوزي” الذي تغلغل في مفاصل الدولة .

غير أن بوجمعة الرميلي أكّد أنه يملك معلومات عن الأطراف التي قامت بتهديد رئيس الحكومة بـ”التمرميد” وقال “وصلتني معلومات خطيرة تتعلق كلها برئاسة الدولة، قد تكون خاطئة أو صحيحة لذلك أطالب بالتحري الرسمي في شأنها، تفيد بأن نور الدين بن تيشة المستشار لدى رئيس الجمهورية هو الذي اتصل بمحمد بن رجب، الوزير السابق وأحد أصدقاء الحبيب الصيد، وأبلغه بالعبارة التي ذكرها رئيس الحكومة في مداخلته التلفزية والمتعلقة بـ”لاستقالة” أو ‘التمرميد”.

وفي إجابة لـ”الصباح” عن سؤال ما إذا كان يملك إثباتات تؤكّد صحة اتهامه “الخطير” للمستشار الأول لرئيس الجمهورية المكلّف بالعلاقة مع مجلس نواب الشعب والأحزاب السياسية بأنه يمارس على رئيس الحكومة نوعا من “البلطجة” السياسية عندما يهدّده بـ”التمرميد”،قال بوجمعة الرميلي:”أنا بلغتني معلومات قد لا أشكك في مصدرها ولكن قلت أنها قد تكون خاطئة ولذلك طلبت بالتحرّي والتثبّت في صحّتها،كما أن رئيس الحكومة يمكن أن يتكلّم ويكشف بالتحديد من قام بتهديده،وما قلته اعتبره ينبع من منطلق مسؤوليتي السياسية حتى لا تتكرّر هذه الممارسات التي لا تخدم مصلحة الدولة”.

وفي ردّه على سؤال أن الحبيب الصيد نزّه رئاسة الجمهورية من ممارسة هذه الضغوطات،قال الرميلي:”أنا قلت أنه بلغتني معلومات مفادها أن المهدي بن غربية أعلم الحبيب الصيد بأن سليم العزابي مدير ديوان رئيس الجمهورية أعلمه بدوره بأن الرئيس، سي الباجي، يريد من رئيس الحكومة أن يستقيل، وأن الرئيس نفى ذلك”.

بوجمعة الرميلي اعتبر أيضا في ذات “التدوينة” أن “خيار الحبيب الصيد طلب المجلس بالتصويت على الثقة هو الأكثر جدية وتحميل للمسؤولية للجميع نوابا ووزراء”.

وحول موقفه من مبادرة رئيس الجمهورية وما إذا كان مع رحيل أو بقاء الحبيب الصيد،أفادنا الرميلي:” أنا موقفي قلته وصرّحت به منذ البداية،موقف خالف موقف القيادة الحالية للنداء وربما عكس وقتها اختلافا في وجهات النظر،وهو أني رأيت أن رئيس الجمهورية محق في تقدير المرحلة بأنها صعبة ودقيقة وتتطلّب توحّد كل الجهود السياسية لإيجاد مخرج وحلول فاعلة لأزمات متراكمة وهذا الرأي لا يمكن لأحد المجادلة حوله،ولكن عمليا وحتى بعد امضاء “وثيقة قرطاج” واجتماع تسعة احزاب لتحديد اولويات الحكومة القادمة،فان الوحدة الوطنية المنشودة لم تتحقّق لأن هناك طيفا سياسيا كبيرا يعارض ما تم الاتفاق عليه،كذلك فان اتحاد الشغل الذي كان مدعوا الى هدنة بسنتين والى المشاركة في الحكومة،دعم المبادرة ولكنه لن يكون شريكا في الحكم ومسألة الهدنة ما تزال تبدو غامضة.”

ويضيف الرميلي:”بالنسبة لأولويات الحكومة القادمة،فإنها لا تختلف في شيء عن الأولويات التي ضبطتها أحزاب الائتلاف عند تشكيل حكومة الحبيب الصيد،وبالتالي لم يحدث تشخيص وتقييم دقيق للوضع القائم وإيجاد حلول على أساس هذا التقييم،وبالتالي نوايا هذه المبادرة كانت “طيبة” ولكن الإخراج والتوقيت لم يكن مناسبا”.

نور الدين بن تيشة:“ربي يهديه..”

في ردّه على “الاتهامات” التي لاحقته أمس،وحمّلت مسؤولية “إهانة” رئيس الحكومة الحبيب الصيد وتهديده بالـ”تمرميد” أكّد المستشار الأول لرئيس الجمهورية المكلّف بالعلاقات مع مجلس نواب الشعب والأحزاب نور الدين بن تيشة،في تصريح خصّ به “الصباح” أنه لن يردّ على ما قيل من “مهاترات” لأن رئيس الحكومة الحبيب الصيد ردّ في مكانه عندما نزّه رئاسة الجمهورية من أن تكون قد مارست عليه ضغوطا لتقديم استقالته،وفق تعبيره.

ويضيف بن تيشة:”لا يليق بالسياسيين ورجال الدولة كيل الاتهامات المجانية دون ان يكون لهم ما يكفي من المؤيدات والإثباتات على ما يقولون،ومن قال ذلك يجب أن تكون له البيّنة الكافية على ما يقول..”

وحول موقفه من تدوينة بوجمعة الرميلي يقول بن تيشة:”فقط أقول ربي يهديه..وأنا لن أجيب أو أحلّل ما قيل فقط ولا أن أناقش معلومات مغلوطة ولا أساس لها من الصحّة”.

ولم ينف نور الدين بن تيشه تفاجئه من أن يعمد أحد قيادات حزب نداء تونس الى اتهامه،ويقول:”فعلا لقد فاجأني الأمر ولا أعرف ما هي الأسباب التي تكمن وراء هذا الهجوم والاتهام ولكن أنا فقط سأتبنى مقولة طالما ردّدها نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي وهي “ارتقوا ..القاع ازدحم”.

محدّثنا نفى كذلك ما تروّجه بعض الجهات من أن هناك “لوبيات” متنفّذة داخل قصر قرطاج تعمل على تحقيق مصالحها الذاتية وقال: “هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين”.

منية العرفاوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *