النظام الاقليمي في الشرق الأوسط

تحظى منطقة الشرق الأوسط بأهمية بالغة لدى الباحثين في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية لما لها تأثير مباشر وغير مباشر على مختلف الأوضاع الإقليمية والدولية، فضلاً عن الانعكاسات التي تتركها على الشؤون الداخلية لدول وشعوب هذه المنطقة.

ونتج هذا التأثير عن عدّة أسباب جوهرية يمكن الإشارة إلى أبرزها على النحو التالي:

النزاعات الحدودية

شهد الشرق الأوسط الكثير من النزاعات الحدودية خلال النصف الثاني من القرن العشرين وبدايات القرن الحالي والتي تركت آثارها السلبية على أمن واستقرار المنطقة. ومن بين أبرز هذه النزاعات الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت لثماني سنوات، والادعاءات المتكررة لتركيا بشأن مدينتي الموصل وكركوك العراقيتين.

الصراعات العرقية والطائفية

تضم منطقة الشرق الأوسط الكثير من القوميات والطوائف التي تقاتلت فيما بينها في فترات زمنية مختلفة، كما حصل بين العرب والأكراد والتركمان والسنّة والشيعة في العراق وسوريا ولبنان والسعودية والبحرين ودول أخرى في المنطقة.

الصراعات الأيديولوجية

حصلت الكثير من النزاعات في الشرق الأوسط بسبب الاختلافات الأيديولوجية التي ظهرت في هذه المنطقة نتيجة تبني الأفكار القومية أو العلمانية أو الناصرية وغيرها، والتي تسببت أيضاً بنشوء أنظمة وحكومات متباينة فيما بينها، وأدت في كثير من الأحيان إلى وقوع صدامات دموية بين أتباع هذه الأيديولوجيات في العديد من دول المنطقة.

اكتشاف واستخراج النفط

أدى اكتشاف واستخراج النفط في العديد من دول الشرق الأوسط إلى بروز نزاعات بين الكثير من هذه الدول بسبب وجود الحقول النفطية والغازية المشتركة والتي تدعي كل دولة عائديتها لها. والأمثلة على ذلك كثيرة كالخلاف بين السعودية والكويت بشأن حقلي “الوفرة” و”الخفجي” في المنطقة المحايدة بين البلدين.

التدخلات الخارجية

أبتليت منطقة الشرق الأوسط بالكثير من التدخلات الخارجية في شؤونها بسبب أهميتها الاستراتيجية باعتبارها أحد أهم مصادر الطاقة في العالم، ولموقعها الجغرافي المتميز الذي يربط شمال العالم بجنوبه وشرقه بغربه، وأثر ذلك على حركة التجارة العالمية.

وبسبب تكالب القوى الأجنبية على هذه المنطقة تم تقسيمها إلى دول متعددة، كما حصل في اتفاقية “سايكس بيكو” عام 1916 بين بريطانيا وفرنسا والتي تم على أساسها وضع العراق والأردن تحت الوصاية البريطانية، وسوريا ولبنان تحت الوصاية الفرنسية، كما تقرر أن تقع فلسطين تحت إدارة مشتركة تم الاتفاق عليها بالتشاور بين بريطانيا وفرنسا وروسيا.

وفي عام 1917 وعدت بريطانيا بمنح فلسطين إلى اليهود طبقاً لما يسمى “وعد بلفور” المشؤوم والذي نجم عنه فيما بعد تأسيس الكيان الصهيوني الغاصب عام 1947.

ومن العوامل الأخرى التي أدت إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة يمكن الإشارة إلى ما يلي:

– قيام أنظمة قمعية ورجعية في العديد من دول المنطقة والذي أدى إلى اندلاع ثورات شعبية في هذه الدول كما حصل فيما يعرف بـ”الربيع العربي” خصوصاً في مصر وتونس وليبيا.

– النزاعات الفكرية كما حصل في مصر بين الأنظمة التي تعاقبت على حكم هذا البلد وحركة الاخوان المسلمين.

– وجود الكيان الصهيوني الذي ارتكب الكثير من المجازر الدامية ضد الشعب الفلسطيني وتسبب بالعديد من الحروب ضد دول المنطقة خصوصاً مصر وسوريا ولبنان.

– الخلافات الداخلية في البلد الواحد كما هو حاصل بين إقليم كردستان العراق والحكومة المركزية في بغداد حول ما يسمى المناطق المتنازع عليها ومن بينها كركوك وكيفية توزيع الثروات لاسيّما النفط.

– منح قواعد عسكرية من قبل العديد من دول المنطقة لاسيّما دول مجلس التعاون للقوى الأجنبية خصوصاً الغربية وفي مقدمتها أمريكا، الأمر الذي يثير حفيظة الدول الأخرى باعتباره يشكل تهديداً لأمنها القومي.

– ظهور الجماعات الإرهابية كـ”داعش” و”جبهة النصرة” و”القاعدة” وغيرها والتي ارتكبت مجازر وحشية بحق شعوب ودول المنطقة لاسيّما في العراق وسوريا واليمن.

– محاولة بعض الدول توسيع نفوذها في المنطقة كتركيا التي تسعى للسيطرة على مدينة الموصل العراقية وبعض المناطق في شمال سوريا بذريعة تشكيل حزام أمني لمنع قيام منطقة حكم ذاتي في جنوب تركيا على غرار إقليم كردستان العراق.

هذه العوامل وغيرها جعلت من الشرق الأوسط منطقة ملتهبة على الدوام، وما لم تتفق دولها على صيغة عملية لتطويق الأزمات التي تعصف بها من خلال تفعيل مبدأ الاحترام المتبادل ومراعاة المصالح المشتركة وعدم التدخل بشؤون الدول الأخرى ورفض أي تدخل أجنبي في شؤون المنطقة، والسعي الحثيث لمواجهة الجماعات الإرهابية والتكفيرية المتطرفة، سيبقى أمن واستقرار المنطقة عرضة للتهديد المستمر وستدفع شعوبها أثمان باهظة من دماء أبنائها وثروات أوطانها، ولهذا لابد من التعاون الجاد بين كافة هذه الدول لمواجهة المشروع الصهيوأمريكي المسمى “الشرق الأوسط الكبير أو الجديد “الذي يسعى لتمزيق المنطقة والاستحواذ على مقدراتها والتحكم بمصيرها خدمة للكيان الإسرائيلي وحماته الغربيين وعلى رأسهم أمريكا.

المصدر- الوقت الإيرانية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *