المساجد في تونس بين التسييس و التطرف … فهل يكون التعليم الزيتوني هو الحل ؟

مغرب نيوز : ريم حمودة 

 

المساجدنقطة ضعف المجتمع الاسلامي 

تعتبر”المساجد ضميرُالمجتمع كماكان المسجد النبوي أول مسجد بني في الإسلام-القلب النابض للمجتمع الإسلامي الناشئ وقطب رحى كل نشاطات المسلمين ففي المسجد النبوي بالمدينة المنورة تأسس دور المسجد في المجتمع الإسلامي وتجسمت في حيز الواقع أعماله المتعددة وسرعان ما أثمرت إيمانا قويا وتقوى صادقة خالصة لوجه الله ومعاملة أساسها الرفق والرحمة واللين والمحبة والود. يحق للبلدان والشعوب الإسلامية أن تفتخر بما تحتضن من مساجد وجوامع متقدمة في تاريخ تأسيسها، عظيمة في بنيانها وعمارتها وذات ادوار متقدمة في بث العلوم والمعارف واحتضان طلبة العلم القادمين من كل صوب وفج. لذلك كانوا كلّما أراد مستبدّ انتهاك حُرمةدولة إلا وأخرس أصوات أئمتها وعلمائها وكلّما أراد عدوٌّ استباحةَعرضها و  كرامتها، إلا ودهس مساجدها مثلما فعل   “بونابارت” ذات يوم في جامع الأزهر، ويفعله الصهاينة المعتدون في المسجد الأقصى”.

تقزيم الجانب الديني في تونس ما قبل الثورة 

في الواقع تعتبر تونس من بين المنارات الإسلاميّة الكبرى من خلال جامع الزيتونة المعمور غير أنّ إمضاء تونس على بعض الاتفاقيات  الدوليّة همّش الدين و المؤسسة الدينيّة و قزّمدور المساجدكمحاولة لإستئصال الإسلاميين من المشهد ولعل هذا ما يفسّرسهولة إستقطاب الشباب التونسي من طرف التنظيمات الجهاديّة و الجماعات المتطرّفة إذ أن سعيهم للعلم الشرعي الذي صدّته الدولة و السلطة جعلهم يلتجؤون إلى فضاءات موازية للفضاء التربوي و الديني الرسمي متمثلة في شبكة الإنترنات و بعض القنوات التلفزية بالرغم من وجود نخبة  من الشيوخ التونسيين والعلماء الزيتونيين مثل الشيخ العلامة محمد الطاهر بن عاشور .

المساجد في تونس بعد الثورة 

بعد الثورة انتعشت الحياة الدينية في  تونس و عاد دور المسجدفبعدسنوات التصحر و الحيف و ضرب التعليم الديني كان ضروريّا أن ينتج عنها محاولة بعضهم إستغلال الجوامع بشكل أو بآخر خاصة أمام غياب رؤية واضحة لإصلاح التعليم الديني و لإحياء الدور التربوي و التثقيفي للمساجد.

في البداية كان الأمر  مفهوم و منطقي لدى اذهان لاتعترف بالحدود في علاقة بالحريّة الدينيّة و تحوّل بسرعة إلى سجال بسبب شعارات فصل الدين عن السياسة و غيرها ليكون السطو السلفي على عدد من الجوامع مدخلا لنقاش و جدل كبير يتعلّق بالدور الموكول للجوامع .

ضياع الشباب التونس و تحول المساجد الى بؤر للتطرف الفكري 

ھذه الھوة   انجر عنها ضیاع الشباب التونسي وتحولت المساجد في  إلى بؤر لتغلغل الإرهاب، وبث النعرة التكفيرية، والتحريض على القتل، إذ لا يختلف اثنان في تونس اليوم، أن الكثير من المساجد تحولت بعد الثورة إلى مكان للدعوة والتبليغ والتبشير والتنظير. لم يعدالمسجد الفضاء الديني بعدا دينيا فقط بل هو شأن أمني وسياسي وثقافي وعلمي، والمشكل لدى جميع الحكومات هو عدم وجد رهان لدى الدولة على الانتقال بالمجال الديني ليكون عنصرا مساهما في بناء المشروع الوطني حتّى لا يكون سهل الاختراق.

تدخل الدولة للسيطرة على المساجد و مراقبتها

خشیة وخوفا على ملامح المجتمع التونسي المعتدل في أفكاره وعقیدته حفزت مكونات المجتمع المدني للتحرك واستفزتاهل الاختصاص للسيطرة على المساجد و تحكيم مراقبتها و لكن رغم المجهودات المبذولة سواءا من قبل الدولة او المجتمع المدني فان النتائج تبقى نسبة باعتبار ان مازال هناك من يتصرف في المساجد بكل حرية.

بعض الاشخاص يغيرون منابر المساجد بالجنوب التونسي 

في الجنوب التونسي و خاصة بجربة مازال بعض الاتشخاص يسيطرون على بعض المساجد المعروفة  عبر تغيير المنابر و التحكم في  كيفية الصلاة و يزداد الامر سوءا خاصة عندما يكونبعض منهم  من غير التونسيين لا سيما و ان الكل يعلم ان الجنوب كان من اكثر الجهات بتونس التي فقدت شاببها في بؤر الوتر عبر استقطابهم للجهاد .

بين علي غربال الامام المعزول وزارو الشؤون الدينية : من الطالم و من المظلوم 

لقد نشا نوع من السجال و المناورة بين الاجهزة الرسمية للشؤون

الدينية و بعض الايمة على غرار ما حصل بين الامام المعزول علي غربال وزارة الشؤون الدينية  حيث يرى الاول انه يحذر الشباب و الاهالي من الاستقطاب و من محاولة شحنهم بافكار تكفيرية و تجنب بعض الايمة الذين يدعون للجهاد و السفر الى بؤر التوتر ملمحا لوجود امام مشهور بفكره التكفيري الا انه و رعم علم وزارة الشؤون الدينية بذلك فانه مازال مبجلا و مرحبا به و كان هذا الخطاب للامام علي غربال اثر صلاة العيد .لكن هذا الخطاب اثار ثائرة وزارة الشؤون الدينية لتعزله على الفور و انطلقت المعركة الاعلامية بين على غربال ووزير الشؤون الدينية الذي اقر عبر تصريح اذاعي ان هذا الامام يحرض الشباب على القتل و العداء و يهاجم الدولة و بالتالي فانه ليس اهلا يكون اماما خطيبا وان عزله قرارا صائبا .

الشباب التونسي هو الضحية 

بين الجاني و المجني عليه يبقى الشاب التونسي هو الضحية الاولى في مجتمع تاهت منه مرجعياته الدينية و اختلطت المفاهيم  في غياب كلي للاطر التنظيمية و الهياكل التربوية التثقيفية الرسمية . و في هذا الاطار بالذات وجب الحديث عن التعليم الزيتوني و مدى قدرته على ملئ العقول و احاطة الشباب و حمايتهم من التطرف و التكفير .

 

 التعليم الزيتوني ضرورة وطنية لحماية البلاد من الغلو والتطرف

إعتبر عضو الهيئة العلمية لجامع الزيتونة عمر اليحياوي أنّه “لم يظهر الفكر

التكفيري والغلوّ في الدين إلا بعد ضرب جامع الزيتونة واغتيال التعليم الزيتوني الأصلي”.

وقال اليحياوي “توجه الشباب المتعطش لدينه في ظل غياب منارة التعليم الديني الوسطي إلى القنوات الشرقية التي تعرض بضاعتها من مختلف المذاهب والتوجهات الشيعية والبهائية وغيرها الكثير وتلقّوا دينا مشوّها”.

عودة التعليم الزيتوني، حسب عمر اليحياوي ليست ضرورة شرعية فقط وإنما هي ضرورة وطنية لحماية البلاد من الغلوّ وضرورة سياسية لتوحيد الأمة كما فعل جامع الزيتونة من قبل.

وشدّد اليحياوي على أنّ مشايخ الزيتونة يسعون إلى إعادة الاعتبار للتعليم الزيتوني ودوره في درء الفتنة والضلالة والإرهاب وإرجاع التونسيين إلى ما عرف به من قبل من وسطية واعتدال.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *