الشباب بين الكشافة و الحلول اليائسة

هو وإلاّ لا ..أو أعطوني  كأس دواء..

مطلع أغنية شعبية رمزية تردد في الأعراس والمناسبات الشعبية تذكر بمرحلة كانت الفتاة فيها قد تهدد أهلها بالانتحار عبر تناول  كأس دواء  مرة واحدة، إذا حرمت من الزواج من الحبيب.. و  فارس الأحلام..

أصبحت هذه الأغنية اليوم جزءا من  الفولكلور الشعبي .. وجميع من يرددونها يبتسمون ويضحكون ويرقصون على أنغام غنائية  تراثية..

لكن الأوضاع في تونس تطورت من  التهديد  بالانتحار والعنف و الحلول اليائسة  إلى الإقدام عليه..

وتشير دراسات علماء النفس والاجتماع أن أكثر من 98 بالمائة من الذين يحاولون الانتحار يستخدمونه  ورقة  للضغط على أهلهم وأحبائهم.. وليس في نيتهم الموت..

لكن التقديرات الجديدة عن ارتفاع حالات محاولات الانتحار وعن عمليات العنف وقتل النفس  الناجحة  مفزعة.. بل مرعبة..

آلاف محاولات الانتحار سنويا.. بينها حوالي 400 حالة  ناجحة ؟؟ ومئات آلاف حوادث العنف  الخفيف  والخطير في كل البلاد..

في نفس الوقت تتعقد سلوكيات ملايين الشباب والمراهقين والأطفال والكهول من الجنسين..

وينتشر العنف اللفظي والمادي..

واستفحلت الإصابات بالاضطرابات النفسية وأمراض الأعصاب.. إلى درجة أن بعض المصادر تقدر عدد  العيادات الخارجية  في مستشفى الرازي بمنوبة وأقسام الأعصاب في المستشفيات الجامعية بأكثر من 200 ألف حالة سنويا؟؟ فضلا عن  زبائن  القطاع الخاص.

فتيات وفتيان في عمر الزهور أصبحوا يلجأون إلى  الحلول اليائسة  بما فيها العنف والسرقة ومحاولة الانتحار أو الإدمان بأنواعه.. وصولا إلى السقوط في مستنقع  الإدمان  على المخدرات والأقراص المحظورة والحقن الممنوعة.. وغيرها من  أسلحة الدمار الشامل  وبينها المبالغة في تناول الكحول ثم تبادل العنف في الأماكن العمومية.

وحسب شهادة والد العسكري الشاب ذي 25 ربيعا الذي قتل طفل الـ4 أعوام في حي شعبي في قلب العاصمة قبل أسبوعين ، فإن ابنه يشهد منذ مدة اضطرابات سلوكية تسببت في رفع قضايا ضده لدى مصالح الأمن.

ما هو المخرج من هذه الدوامة؟

هل يمكن اختزال الحلول في بعض الإجراءات الأمنية والقضائية؟

قطعا لا..

الشباب يحتاج أولا من يفهمه..

وهو يحتاج إلى من يفتح الآفاق أمامه: من الآفاق المهنية إلى الآفاق الثقافية والرياضية والفكرية

ومادام البلد يستعد لاستقبال عطلة مدرسية وجامعية طويلة فلم لا تقدم الدولة وهيئات رجال الأعمال مثلا دعما ماليا سخيا لمنظمة الكشافة التونسية وغيرها من منظمات الطفولة والشباب عساها تنقذ مئات الأطفال والمراهقين والشباب من التسكع صيفا ومن الوقوع في فخ من تورط قبلهم في  الحلول اليائسة ؟

إن غالبية مدننا تضم مئات مقاهي البؤس وساحات  وسخة  وليس فيها إلا ناد محتشم للكشافة وآخر للأخر للشباب(؟؟) فلم لا تعطى الأولوية مجددا لدعم التربية الكشفية ولتشجيع الأطفال والشباب على قضاء جانب من العطلة الصيفية في المخيمات والمصائف المؤطرة؟

 كمال بن يونس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *