السبت جلسة البرلمان ل”مساءلة ” حكومة الحبيب الصيد : هل يكون ” البديل” من داخل” الحكومة الفاشلة “؟بقلم كمال بن يونس

 

·      هل يكون ” البديل” من داخل” الحكومة الفاشلة “؟

·     الحسم بيد السبسي والغنوشي والعباسي وبوشماوي والزار

تونس الصباح

أكد رؤساء الكتل البرلمانية للصباح أن الجلسة العامة المقررة ليوم السبت بهدف ” مساءلة رئيس الحكومة الحبيب الصيد” والنظر في طلب تقدم به من أجل ” تجديد الثقة ” في حكومته ستتوج بتصويت سيكون في كل الحالات لصالح اعفائه .

لكن المشاورات الرسمية والحزبية حول اسم رئيس الحكومة الجديدة وتشكيلة حكومته لن يبدأ الا الاسبوع القادم بعد أن تصبح الحكومة الحالية عمليا مجرد ” حكومة تصريف أعمال “.

وفي ظل تعاقب التسريبات و” تمرير” بعضهم أسماء لمرشحين ” افتراضيين ” لتعويض السيد الحبيب الصيد فإن تساؤلات عديدة تفرض نفسها من بينها : هل يعقل تعيين رئيس حكومة ” الانقاذ” من بين وزراء  الحكومة التي سيجري سحب الثقة عليها في تصويت علني  حول احفاقها ” و” فشلها “؟

فهل يمكن أن توكل مهمة ” الانقاذ” لوزير ” فاشل ” في حكومة ” فاشلة ” سحب البرلمان الثقة منها ؟

ثم اذا سلمنا أن الاخفاقات في العامين الماضيين كانت أساسا اقتصادية اجتماعية فمن يتحمل مسؤولية تلك الاخفاقات : الحبيب الصيد أم وزراء الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في حكومته أم حزب “النداء” الذي اختار الغالبية الساحقة من الوزراء والولاة والسفراء وكبار المسؤولين في الدولة منذ مطلع 2015 ؟

 هذه التساؤلات وغيرها ستفرض نفسها على اعضاء البرلمان والمراقبين يوم الجلسة العامة ” التاريخية ” لمجلس النواب الذي أراده الحبيب الصيد فرصة لتقديم ” حصيلة ” حكومته وعرض وجهة نظرها حول ” الاسباب الحقيقية ” لتعثرها في عدة مجالات ” بعيدا عن التضخيم والتوظيف”.

محاولات” تبييض “

الملفت للنظر أن الايام القليلة الماضية أفرزت تناقضات علنية جديدة بين ” القيادات التاريخية ” والأعضاء ” المؤسسين ” لحزب النداء : مناصرون للمدير التنفيذي حافظ قائد السبسي بزعامة رئيس الكتلة سفيان طوبال ومعارضون له بزعامة الوزير مدير الديوان الرئاسي سابق رضا بالحاج والنائب خميس قسيلة والمدير التنفيذي سابقا بوجمعة الرميلي ..

في نفس الوقت برزت تناقضات جديدة بين ” المؤسسين والقياديين الكبار” من حجم السادة رؤوف الخماسي ونبيل القروي والازهر العكرمي وخالد شوكات وخميس الجهيناوي وناجي جلول .. بينما فشلت كل محاولات ” راب الصدع” وتقوية كتلة حزب النداء لتفتك مجددا المرتبة الاولى في البرلمان ..

كما فشلت جهود ” تبييض” وزراء النداء في الحكومة المهددة بالاقالة وكبار المسؤولين في قصر الرئاسة ووزارات السيادة من بين ” المسحسوبين على حزب النداء” وعلى ” الأوفياء للرئيس”.

ولعل من أبرز ” مفاجآت ” الاسابيع والايام القليلة الماضية تعاقب ” التسريبات ” حول اسم بعض الشخصيات من الفريق الحكومي الحالي المرشحة لترأس الحكومة الجديدة ..بعد مجهود ” اعلامي / دعائي ” يهدف الى ” تبييضها ” وتضخيم ” خبرتها ” و” كفاءتها “..

وقد تقاطعت محاولات ” التبييض” للوزراء الحاليين بين مناصري وزراء من ” النداء” و” الرباعي” ومن بين المحسوبين على ” المستقلين ” ..بالرغم من نقاط الاستفهام الكبيرة جدا التي يثيرها البعض حول ” “الإخفاقات ” و” الفساد” و” وسوء التصرف ” في عدد من الوزارات ” الفنية ” مثل التعاون الدولي والتنمية والمالية والتجهيز والسياحة والجماعات المحلية والتجارة والصناعة ، و بعض وزارات ” السيادة “؟؟

هل فشلت الحكومة ؟

 التصريحات المتعاقبة التي صدرت عن السيد الحبيب الصيد والناطق الرسمي باسم الحكومة الوزير خالد شوكات تنفي فشل الحكومة وتفند ما روج عن ” عجز مؤسسات الدولة عن تسديد الرواتب والمنح وبقية التزاماتها المالية والاجتماعية ” ..كما تؤكد أن احتياطي الدولة من العملة الصعبة يقدر بحوالي 4 أشهر توريد ، أي 120 يوما ..ولا مجال لمقارنته مثلا بمرحلة الخطر التي وصلتها الدولة مرارا من بينها هبوط  عدد أيام التغطية للواردات ب4 أيام مثلما حصل في جويلة 1986 عندما اضطر الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة للتضحية برئيس حكومته محمد مزالي ..

في المقابل دعا وزراء حزب النداء وآخرون من حزبي آفاق والوطني الحر رئيس حكومتهم الحبيب الصيد الى الاستقالة (؟؟) عوض أن يبادروا بتقديم استقالتهم حتى يضطر البرلمان الى مساءلة الصيد .

وتكشف تلك المواقف حرصا من هؤلاء ” الوزراء المتحزبين ” على التبرؤ من شخص الحبيب الصيد بعد أن تأكدوا أن رئيس الدولة والزعيم المؤسس لحزب النداء قرر تغييره ” لأسباب عديدة “.

من المسؤول ؟

ولا شك أن السؤال الكبير الذي سوف يبقى مطروحا بعد جلسة البرلمان لإقرار تغيير الحكومة : من يتحمل مسؤولية الإخفاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ـ وإن كانت نسبية ـ هل هو شخص رئيس الحكومة أم كل أعضاء حكومته ؟

وهل هم الوزراء الندائيون فقط أم الساسة بكل ألوانهم بمن فيهم المحسوبون على “الرباعي” و” المستقلين ” و” خريجي كبرى المدارس” ATUGE ؟

حسب الخبير الاقتصادي والمدير العام السابق لمركز الدراسات الاقتصادية والاجتماعية  ـ سيريس ـ فإن ” الموضوعية تستوجب  تقييم الانجازات والإخفاقات وفق مقاييس علمية دقيقة ومن بينها المقاييس المعتمدة من قبل مؤسسات الدراسات الدولية مثل مقارنة الاحصائيات والجدوال الخاصة بتطور مؤشرات التنمية والدخل الفردي والاستثمار والادخار والتداين والتجارة الداخلية والخارجية والاستهلاك والتصدير ومؤشر الاسعار”..

ووفق هذه المقاييس يعتبر الدكتور رضا الشكندالي أن ” مسؤولية النجاحات والاخفاقات مشتركة تتحمل جانبا منها كل الاطراف المتدخلة في عمليات البرمجة والانتاج والتسيير ..ولا يمكن اختزالها في مسؤولية شخصية واحدة أو أكثر”.

مواقف الغنوسي والعباسي وبوشماوي والزار

كيف  سيكون المخرج من هذه ” الدوامة “؟

وهل يمكن أن تكون حكومة ” الوحدة الوطنية ” فعلا أقوى من الحكومة الحالية ؟

الاجماع كبير بين المراقبين أن الحسم سيكون بيد رئيس الدولة  والزعيم المؤسس لحزب النداء الباجي قائد السبسي والمقربين منه بناء على مشاورات ” حاسمة ” سيجريها مع الفاعلين السياسيين الكبار: من جهة مع راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة صاحب الكتلة الاكبر في البرلمان  ومن جهة ثانية مع زعماء اتحادات العمال ورجال الاعمال والفلاحين حسين العباسي ووداد بوشماوي وعبد المجيد الزار .

ولا يخفى أن الهدف الرئيسي لمبادرة 2 جوان الماضي كان تحقيق ” السلم الاجتماعية ” واعلان ” هدنة لمدة عامين ” تتوقف فيها الاضرابات والاعتصامات .

 وبحكم مقاطعة ” الجبهة الشعبية ” للمبادرة واعلان النقابات عدم مشاركتها في حكومة ” الوحدة الوطنية ” فان الخيار الوحيد أمام قائد السبسي قد يكون ضمان ” دعم سياسي واعلامي ” لمبادرته منالأحزاب التسعة الموقعة على ” اتفاقية قرطاج ” يوم 5 جويلة الماضي ، مقابل توزيع الحقائب الرئيسية في الحكومة الجديدة على شخصيات سياسية أو مستقلة تدعمها كتلتا الحزبين الكبيرين في البرلمان في البرلمان : النداء والنهضة .

وبما أن لهذين الحزبين 132 نائبا ستتمكن الحكومة الجديدة في تحسين أدائها بفضلهم دون الحاجة الى اضاعة الوقت في البحث عن ” تحالفات مكلفة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا” مع الكتل الصغيرة والمعارضين.

كمال بن يونس  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *