الزعيم التونسي اليساري احمد نجيب الشابي ل”عربي 21″ : قمت بمراجعات فكرية وسياسية عميقة


+ لهذه الاسباب تخليت عن الشيوعية والبعثية والناصرية

+ “اليسار الديمقراطي” تحرر ايديولوجيا و انحاز للحريات والعدالة الاجتماعية

+ هكذا أقيم التجارب الشيوعية والبعثية والناصرية والاسلامية

++مسيرات 14 ينايرر أنهت الصبغة الحزبية للإحتجاجات على انقلاب 25 يوليو

تونس .عربي 21 .كمال بن يونس

يعتبر أحمد نجيب الشابي عميد مناضلي اليسار القومي والشيوعي التونسي ، وقد تميز ب”طول النفس” وبتزعمه منذ أكثر من ثلاثين عاما “اليسار الديمقراطي الاجتماعي ” الذي قام بمراجعات فكرية سياسية وقطع مع ” الانغلاق الايديولوجي” ورفض أن يلعب دور” المعارضة الصورية والوظيفية ” ..

تزعم الشابي في عهد بن علي التحركات المطالبة بالحريات العامة والفردية واضراب الجوع الطويل الذي نظم في 2005 وأسفر عن تشكيل أول ” جبهة ديمقراطية بين شخصيات يسارية وليبيرالية واسلامية ” .

وبعد ثورة يناير 2011 تراوحت علاقات الشابي بتلك الشخصيات وبقيادات حركة النهضة والاحزاب الشيوعية واليسارية بين المد والجزر . لكنه تصدر مجددا منذ منعرج 25 يوليو الاوساط التي تعتبر ما حصل في تونس”انقلابا على الدستور” وليس “حركة تصحيحية” وطالب بتنظيم “انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة ” ، كما ساند اضراب الجوع الذي شنته حركة “مواطنون ضد الإنقلاب” وشارك في تأبين المناضل الاسلامي رضا بوزيان الذي اتهم أنصاره قوة أمنية بالتسبب في قتله بعد مشاركته في مسيرة 14 يناير الماضي .

الاعلامي والأكاديمي كمال بن يونس التقى أحمد نجيب الشابي وأجرى معه الحوار التالي حول مراجعاته الفكرية والسياسية واستشرافه للمستقبل :

* لو نعود إلى البدايات ..ما هي مرجعيات أحمد نجيب الشابي التي جعلته ينخرط وهو في العشرينات من عمره في المعارضة لحكومات بورقيبة وبن علي ثم حكومات ما بعد ثورة 2011..رغم تحمله لمدة أسابيع حقيبة وزارية في الحكومة الأولى بعد الثورة ؟

++ ولدت في عائلة مناصرة بقوة للحركة الوطنية التونسية وفي وسط قومي عربي.. في مرحلة الحرب الباردة وتصفية الاستعمار..مرحلة بروز الزعيم المصري والعربي جمال عبد الناصر وخطبه النارية ضد الاستعمار ودعما للحركة الوطنية الجزائرية وتأميم قناة السويس..

نشأت مثل كثير من أبناء جيلي تحت تأثير برامج إذاعة صوت العرب وإذاعة “صوت الجزائر” قبل الاستقلال..

كان تأثيرتلك البرامج الوطنية الحماسية عميقا في نفسي وفي توجهي نحو المواقف الوطنية والقومية ..

في هذا المناخ سافرت أواسط الستينات الى باريس ، لدراسة الطب ، وكلي اهتمام بالمتغيرات في الوطن العربي وفي تونس بعد اغتيال الزعيم الوطذي الكبير صالح بن يوسف ومحاولة اغتيال الرئيس الحبيب بورقيبة في 1962 من قبل مقربين منه بزعامة المناضل الازهر الشرايطي ..كما تأثرت وقتها بانعقاد القمة العربية التاريخية التي عقدت في سبتمبر 1964 في الاسكندريةو وعدت بتوحيد الوطن العربي..

في باريس كنت ابحث عن سبيل النضال السياسي بنجاعة أكبر..

وقد علمت ان اليساريين والمعارضين وصلوا الى هياكل اتحاد الطلبة في فرنسا فقررت ان التحق بهم ..خاصة ان التيار الماركسي الشيوعي كان مهيمنا وقتها مع حضور للقوميين الناصريين واليساريين الذين شكلوا لاحقا مجموعة” آفاق ” التونسية (“برسبكتيف”) ، والتي كانت في تلك المرحلة في طور بلورة هويتها الفكرية السياسية ..وكان من بين رفاقي في فرنسا وقتها خميس الشماري ..

وتزامن حراكنا الأول في فرنسا بحرب التحرر الوطني في فيتنام وانتصار ” الكاسترية” ( حركة فيديل كاسترو ) في كوبا ..

في نفس الوقت ازدهرت في أوساط المثقفين في الجزائر وفي المنطقة أدبيات تؤكد على العدالة الاجتماعية وعلى معالجة معضلات الفقر والاضطهاد مثل ” الملعونون في الأرض” Les damnes de la terre ل”فرانز فانون” ، الذي ربط بين معاناة الشعوب التي عانت من الاستعمار وقضايا الحيف والظلم والتخلف ..

تأثرت بهذا الكتاب وبسلسة منشورات فرانسوا باسبيرو، التي كانت توزع الكتب اليسارية العالمية في الحي اللاتيني بباريس وكان الشباب والطلاب يرتادونها ..

بدأت أتشكل يسارا مع تأثر بالمد اليساري الشيوعي عالميا وبالقومية الناصرية عربيا ..

نكسة 1967 ونهاية القومية العربية ؟

+ لكنك ابتعدت عن القومية الناصرية أواخر السبعينات ؟

++ فعلا ..بسبب الزلزال الكبير الذي سجل وقتها في المنطقة أي حرب 1967 العربية الإسرائيلية ..أو حرب ” النكسة “التي أسفرت عن انهيار المنظومة القومية واحتلال سيناء والجولان والضفة الغربية والقدس وقطاع غزة في 6 أيام ..

كانت صدمة كبيرة ..

استفزت الهزيمة المثقفين والمناضلين العرب .. وتساءلنا عن سر انتصار دولة صغيرة جدا مثل اسرائيل على مجموعة من الدول العربية في وقت انتصرت فيه دولة آسيوية صغيرة مثل فيتنام على الولايات المتحدة أقوى دول العالم ، رغم تجنيدها حوالي 184 الف عسكري امريكي في الحرب ..

كانت ردود الفعل على هزيمة 1967 ” تبسيطية ” و” سهلة ” : الإسلاميون اعتبروا أن الابتعاد عن الإسلام تسبب في النكسة وأن “الحل في العودة إلى الإسلام” ..

أما بالنسبة لنا معشر الشيوعيين واليساريين فقد اعتبرنا أن انتصار فيتنام كان دليلا على أن الرهان لا يجب أن يكون حول طبقة البورجوازية الصغيرة ، التي يرمز لها قادة مصر والزعماء القوميون العرب ، بل على الطبقة العاملة ..

استهواني مع رفاقي الشباب “التفسير الطبقي” والفكر الماركسي خاصة أن تلك المرحلة تزامنت مع اندلاع الثورة الثقافية الصينية أو ما عرف ب”الثورة الثقافية الكبرى ضد البورجوازية التي اخترقت قيادة الحزب الشيوعي الصيني..”

وكانت تلك الثورة الثقافية أثرت بقوة في جيل من الشباب اليساري عالميا ، في مرحلة تعاقبت فيها الانتقادات ل” النموج السوفياتي” للشيوعية والاشتراكية ..

تشكل لدى وعي يساري جديد تحت هذه التاثيرات ..

محنة السجن ..والمناظرات داخل الزنزانة

+ لكنك عدت إلى تونس وسجنت ما بين 1968 و1970

++ صحيح ..

حصلت ” المحنة السجينة ” فحكم علي ب13 سنة وعمري 24 عاما ..ثم بلغ عدد السنوات التي صدرت ضدي 32 عاما ..

هذه المحنة السجنية كان لها بعدان : بعد سلبي وبعد ايجابي..

البعد السلبي هو الحرمان من الحرية ..

أما البعد الايجابي فكان أننا كنا نقضي وقتنا داخل الزنزانات في الدراسات والمطالعات والمناظرات ..

برز بينا جدل ” حاد ” ..وانفجرت تناقضات فكرية وسياسية بين البعثيين والشيوعيين ومجموعة “آفاق” اليسارية..

وكان الصراع شديدا في مناخ سجني متأزم أصلا ..

كانت الحصيلة أن انحزت أكثر نحو ” الايديولوجيا الماركسية اللينينية “..تحت تأثير بعض كتابات كارل ماركس ، وخاصة كتاب رأس المال ، وكتاب فلاديمير لينين : ” ما العمل “؟

كان لينين يقول :” بسبب فاصلة قد يتغير مسار الصراع مع الطبقة الرأسمالية العالمية ..

( يبتسم ثم يواصل قائلا “): لذلك كنت اقرأ كتاب “ما العمل”عدة مرات حتى لاأخطئ في فهم كتاب ” المنظر المعلم ” حول منهجية الانتصار على الرأسمالية ..بما يؤكد تأثري وقتها بلينين ..

أصبحت مواقفي وأفكاري ” راديكالية ” ..وتأثرت بفكر أقصى اليسار ..

بقينا عامين في السجن ..ثم وقع الإفراج عنا بقرار من الرئيس بورقيبة فهاجرت إلى فرنسا وعدد من الرفاق بينهم عزيز كريشان ورزق الله وبن جنات بينما أعيد إلى السجن رفاقنا الذين لم يهاجروا مثل الاخوة نور الدين بن خذر ورشيد بن للونة وجلبار النقاش ..وقد التحقت بهم مجموعات من السجناء السياسيين اليساريين في محاكمات السبعينات..أغلبهم من حركتنا السرية ” العامل التونسي “..

مواجهات 1978 مع بورقيبة

+ أواخر السبعينات عدت إلى تونس وقد قمت بمراجعات فكرية سياسية ؟

عشية حوادث جانفي 1978 النقابية وتحديدا في 27 ديسمبر 1977 عدت الى تونس وواكبت المواجهات العنيفة والدامية بين نظام الحبيب بورقيبة والنقابات بزعامة الحبيب عاشور ..

عشت تجربة جديدة من الاختفاء والسرية ..لاني كنت محاكما غيابيا ب33 عاما سجنا ..في 3 أحكام غيابية من أمن الدولة ..

عدت إلى تونس من فرنسا عبر الجزائر لان حركتنا ” العامل التونسي” في الداخل ” تكسرت” بسب القمع والمحاكمات والانشقاقات ..

وكانت الأحداث تسير بنسق سريع فقلت لا يمكن أن نبقى على هامش الأحداث فعدت ..

رجعت سرا عبر الجزائر وبقيت في السرية 3 أعوام ثم غادرت خلسة عبر الجزائر ثم عدت في 1981 عبر المطار بعد استلام حكومة محمد مزالي للسلطة واعلانها الانفتاح السياسي والتعددية الإعلامية والحزبية في البلاد ..

في فترة السرية كان لدي وقت للقراءة والتأمل..

في تلك المرحلة قرأت الجدل حول أحداث تشيكوسلوفاكيا 1968 ثم أحداث أوربا الشرقية .. التي سبق أن انتقدها مفكرون وزعماء شيوعيون واشتراكيون بارزون ..

وتأثرت ببيان مثقفي براغ ردا على قمع انتفاضة “ربيع براغ” ..

برزت وقتها “أدبيات المنشقين السوفيات “، أو ما عرف ب” أدب سيبيريا “الذين كنا نروج نحن الماركسيون واليساريون ” عملاء السي اي ايه”..

عندما توفر لدي الوقت وطالعت أدبيات بعضهم فاكتشفت انهم مثقفون مفكرون عمالقة ..وان أصواتهم من سيبيريا تشق الحجب وتحمل قيم الحرية ..

انهيار ” ثورة الصين الثقافية ”

+في الاثناء تطورت الاحداث في الصين وانهارت الثورة الثقافية الصينية والماوية فأثرت في الحركة اليسارية التونسية والعربية والعالمية ..

++ فعلا ..

لقد كنت زرت الصين في 1974 وعدت منها إلى أوربا منبهرا.. وقد قدم لنا المسؤولون الصينيون صورة جذابة عن الماوية ( نسية الأى الزعيم ماوتسي تونغ ) والثورة الثقافية الصينية ..

لكن الزعيم الصيني مات في سبتمبر 1976 وانهارت الثورة الثقافية الصينة واعتقلت قياداتها وبينها زوجة موات سي تونغ ..

طرحت تساؤلات من بينها : لماذا اهتز العالم أجمع عند اسقاط زعيم الشيلي سلفادور الندي الاشتراكي في الشيلي واغتياله من قبل الجنرال اوغستو بينوشي ، المدعوم من قبل س ياي ايه ، ولم يتحرك عند سقوط الثورة الثقافية الصينية واعتقال رموزها وزعمائها ؟

قررت إعادة قراءة تاريخ الثورة السوفياتية والثورة الصينية والحركة الشيوعية والاشتراكية العالمية ..

انقلابات وصراعات أجنحة

++ ماذا اكتشفت ؟

– اكتشفت ان الصراعات الحقيقية في الصين وروسيا كانت دوما صراعات اجنحة داخل الجيش ..وأن فلاديمير لينين تزعم انقلابا في اكتوبر 1917 ولم يتزعم ثورة شعبية ..

أعاد الألمان الزعيم لينين من منفاه إلى روسيا في قطارصغير خاص ..بعد أعوام من منفاه ورفاقه في سويسرا وارويا الغربية ..

عند اجتماع مجلس السوفيات قرر فلاديمير لينين تنظيم انقلاب واستلام السلطة ..دون اعلام السوفيات ..ووضع الجميع امام الامر المقضي..

بعد ذلك ب3 اشهر حل البرلمان ..

في نفس الوقت طالعت كتب معارضين شيوعيين للحزب الشيوعي السوفياتي من بينها كتب المفكر الالماني كارل كاوتسكي غريم لينين القديم في ” الاشتراكية العمالية ” ..

كنا نعرف فقط كتابه عن ” الزراعة ” لأن لينين سمح به .

طالعت كتاب كارل كاوتسكي عن ” دكتاتورية البروليتاريا ” التي انتقد فيه استخدام ” البولشفيك” للقوة ، وأوضح أنها تختلف عن مقولات كارل ماركس وحديثه مرارا معدودة عن ” دكتاتورية البروليتاريا ” ..

وقد رد لينين على كتاب كاوتسكي بكتاب ” الثورة البروليتارية والمتمرد كاوتسكي” .

وقد رد لينين في هذا الكتاب على كاوتسكي ودافع عن فكرة استخدام القوة و” دكتاتورية البروليتاريا ” للدفاع عن الثورة وتكريس الاشتراكية ..

قرأت كتاب كاوتسكي فاكتشفت عبقريا نجح في تشخص كل عاهات النظام السوفياتي منذ 2017-2018، بينما كنا مع أغلب الشيوعيين واليساريين ننتقده ونروج معلومات مغلوطة عنه وعن أفكاره ..

الاشتراكية الديمقراطية

+ وماذا كانت الحصيلة ؟

++ هذه المراجعات دفعتني نحو التخلي نهائيا عن لينين ومقولات الطبقية والصراعات الطبقية و أصبحت اعتقد مع كاوتسيكي أن ” لا ديمقراطية خارج الديمقراطية ” ..وتدريجيا أصبحت ” ديمقراطيا اشتراكيا مقتنعا حتى النخاع بالترابط بين الديمقراطية والاشتراكية “..

من السرية إلى العلنية

+ وهل واكبت وقتها الانفتاح الإعلامي النسبي في تونس على المنشقين عن الحزب الحاكم وعن بورقيبة على المعارضين وعلى النقابيين والحقوقيين ؟

++ منذ آخر السبعينات تزامن التصعيد مع النقابات بانفتاح سياسي وإعلامي في تونس ..

خلال نفس الفترة تعاقبت التطورات في تونس وبينها التحركات الاجتماعية وتأسيس الصحف المستقلة والمعارضة ، وعلى رأسها صحيفة ” الرأي ” ، ثم تأسيس أحزاب معارضة علنية بينها حزب “حركة الديمقراطيين الاشتراكيين” بزعامة الوزير السابق أحمد المستيري ورفاقه المنشقين عن حزب بورقيبة ..ثم تأسيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان من قبل شخصيات ليبيرالية وديمقراطية معتدلة ..

شعرت أننا معشر اليساريين قدمنا تضحيات وعرفنا السجون والمنافي دون أن ننجح في أن يكون لنا تأثير كبير في الواقع ..

وأدركت أنه إذا توفر المجال للتحرك السياسي والاعلامي في سياق قانوني وعلني فلا بد من خوض التجربة رغم حدودها ..

اكتشفنا أن جريدة الرأي، المستقلة – المعارضة ، التي ترأسها الوزير السابق الليبيرالي حسيب بن عمار، كانت توزع علنا عشرات الاف النسخ وتصل إلى كل الفئات والجهات وانفتحت على كل التيارات والاطراف السياسية.

في المقابل كنا معشر الشيوعيين واليساريين نوزع نشرية سرية لا تصل الا الى اقلية من المناضلين والانصار ..

وفي كل مرة عندما تلقي قوات الامن على شخص يحملها تسلط عليه عقوبات قاسية بتهمة توزيع مناشير او نشرية غير قانونية ..

اقتنعت بعد تغيير 1981 والمسار الذي تزعمه رئيس الحكومة الجديد محمد مزالي بضرورة اقتحام المجال السياسي العلني والقانوني ..

قطعية مع ” أقصى اليسار”

+ كيف تعامل رفاقك مع التطور افكري السياسي الخطير ؟

++ تسببت تلك المراجعات والتطورات في قطيعة بيني وبين عدد منهم من مروز ” أقصى اليسار ” وخاصة مع الرفيقين حمة الهمامي ومحمد الكيلاني ..

وتسبببت تلك القطيعة في تأسيسنا ” حزب التجمع الاشتراكي التقدمي” ، بينما أسس حمة الهمامي ومحمد الكيلاني ورفاقه حزب ” العمال الشيوعي ” من جهة ثانية ..

قطيعتي مع ” أقصى اليسار الشيوعي ” شجعتين على مزيد من القراءات والمراجعات الفكرية والسياسية وتغيير مواقفي ” الايديولوجية ” ..

قرأت الكثير عن ” العولمة” ..في مرحلة قطعت فيها تماما مع ” اللينينية ” لكني كنت أعتبر نفسي ماركسيا بالمعنى الإقتصادي ..

لكن المتغيرات العالمية بعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار جدار برلين وتزايد تأثير” العولمة الاقتصادية ” دوليا ، أقنعتني أن اقتصاد السوق هو الاقتصاد الذي يضمن إنتاج الثروة ..وأن تحسين أوضاع الفقراء والعمال يبدأ بخلق الثروة ..

واقتنعت بأن تحسين الإنتاج وخلق الثروة يمهد لمسار لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية والديمقراطية ..

هذه ” القطيعة الثانية ” نقلتني من ” اشتراكي ديمقراطي” إلى ” ليبيرالي اجتماعي”..

اقتنعت بالليبيرالية الاجتماعية التي تضع على رأس أولوياتها حماية اقتصاد السوق والعدالة الاجتماعية وحماية الطبيعة وحماية الفئات الهشة عن طريق تشريعات وقوانين ..

الحريات وحقوق الإنسان أولا

+ لكن أحمد نجيب الشابي المفكر والسياسي برز منذ التسعينات من القرن الماضي أساسا بمواقفه ” الليبرالية ” وبإعطائه أولوية مطلقة لمعركة الحريات وحقوق الإنسان وتأصيل ” القناعات الديمقراطية ” فلسفيا وبراغماتيا ؟

++ منذ مطلع التسعينات دخلت في منعرج أمني وسلسلة من المحاكمات ذات الصبغة السياسية .. بعد أن صعد حكم بن علي قمع معارضيه وخاصة منهم منهم الاسلاميين ، فخصصت وقتا أطول للقراءة والمطالعة ، إلى جانب دعم خيار النضال الوطني من أجل الحريات واحترام حقوق الانسان وتكريس التعددية والديمقراطية ..

كنت أقضي يوميا ساعات في مكتبة مركز دراسات دولي ” ساحة جان دراك” في ميتوال فيل في العاصمة تونس ..

في تلك الفترة عدت لقراءة مؤلفات ” عيون الفكر الديمقراطي العالمي مثل الفيلسوف الانجليزي ” طوماس هوبس (1588-1679 )،والفيلسوف التجريبي والمفكر السياسي جون لوك ( 1632-1704 )، وجون ستيوارت ميل ( 1806-1873 ) وادبيات المفكر الفرنسي مونتسكيو( 1689-1755 ) ..الخ

فاصبحت قناعتي العملية بالديمقراطية مؤسسة فلسفيا وفكريا وبراغماتيا..

تيار النهضة العربي الإسلامي

+ منذ التسعينات ومطلع الألفية الجديدة برز في أدبيات حزبكم وصحيفتكم ” الموقف ” وفي منتدياتكم الثقافية والفكرية والسياسية قدر كبير من المصالحة مع ” الهوية العربية الإسلامية ” و”تيار النهضة الفكرية والثقافية ” عربيا خلال القرنين 19 و20 ..بما في ذلك أدبيات الكواكبي والافغاني محمد عبده تيارات الاصلاح والنهضة في تونس بزعامة خير الدين باشا وزملائه ؟

++ هنا نصل الى بعد آخر من المراجعات بعد الحرب على العراق في 1991..هذه الحرب جعلتني أفكر بعمق وحيرة ..وأطرح أسئلة أخرى من بينها : لماذا هذه الحرب؟

لماذا يشن العالم الديمقراطي الحر الذي يقوم على “القيم الانسانية الكونية” مثل الحرية والديمقراطية حربا مدمرة مثل هذه ؟

دفعني ذلك إلى القيام ببحوث ودراسات حول الإسلام والمرجعيات الثقافية الإسلامية .

شخصيا اكتشفت ما يسمى حاليا ب”الاسلام السياسي التونسي ” في السرية في مرحلة 1978-1980 ..

كانت الصديقة الحقوقية اليسارية راضية النصراوي أجرت لي بيتا.. وحمتني ..وكانت توفر لي الصحف يوميا .. كما ووفرت لي جميع أعداد مجلات المعرفة والمجتمع ..

قرأتها جميعا ..

ثم درست كتاب الباحث البريطاني ريتشارد فالبس Richard Phelps الذي أعد أول دراسة مطولة عن مدرسة الإخوان المسلمين المصريين وتيار الإسلام السياسي في مصر..

ثم اكتشفت كتابا آخرين مثل مؤلفات الباحث الفرنسي جيل كيبيل حول الاديان و الإسلام المعاصر في أبعاده السياسية ..

تفرغت مدة لفهم مرجعيات تيارات الفكر العربي السياسي الإسلامي المعاصر من ابو الاعلى المودودي الى سيد قطب وعابد الجابري ومحمد أركون وعبد الله العروي ومحمد عمارة ..

أعتقد أن الحوارات الفكرية والسياسية في صحيفة الموقف وفي حزبنا كانت تفعيلا لكن كل واحد منا كان يقرأ لوحده ويتطور وفق دراساته وتطور مراجعاته..

استقلالية القضاء

+ في ظل تطورات مراجعاتك الفكرية والسياسية هل يمكن الحديث عن خيط رفيع بين المسارات وعن بعض الثوابت في مسارك النضالي الطويل ..

++ الثابت هو أنه منذ نعومة أظافري كنت مشدودا إلى قيم الحرية والعدالة الاجتماعية والتحرر الوطني ..

كان ذلك خلال النضال ضمن حركات اليسار، فقد كنا نتمسك بمطلبين كبيرين : استقلالية القضاء ودستورية القوانين لأننا كنا نتمسك بالفصل الثامن من الدستور 1959 بينما كانت كثير من القوانين مضادة له ..

وكنا نطالب دوما أن احترام حقوق الإنسان والحريات يبدأ باحترام استقلالية القضاء الذي كنا نعتبره أنه كان ” الذراع العسكري لنظام سياسي قمع المعارضين ..

بين عبد الناصر وحزب البعث ومعارضيهما

+ كيف كرستم “البعد العملي” لإنخراطكم فكريا وسياسيا في تيارات قومية ويسارية مختلفة ؟

++ البعد العملي بدأ في باريس لما تعرفت على القوميين البعثيين الذين اقنعوني بفكرة بسيطة وواضحة تعتبر أن “الزعيم جمال عبد الناصر لديه قدرة على تهييج الجماهير وتحريك الشارع والجماهير بينما حزب البعث ينظم الجماهير لتكون فاعلة في كامل الوطن العربي ..”

تأثرت أولا بطلبة فلسطينيين وعرب بعثيين ثم برزت شخصيات تونسية بعثية مثل مسعود الشابي الذي كان في المشرق وعاد الى فرنسا واثر في عدد من الشباب التونسي والمهاجر كنت من بينهم ..

في البداية استغربت أن يكون بعض الطلبة العرب في أوربا متاثرين بحزب البعث الذي كانت اذاعة ” صوت العرب من القاهرة” التي كنا متأثرين بها تصفه ب”الدكتاتورية العسكرية “..

حصلت بالنسبة الينا معشر البعثيين التونسيين قطيعتان مع حزب البعث :عندما انقلب حسن البكر وصدام حسين في 1968 على الرئيس حسن عارف وبعد انقلاب حافظ الاسد في 1970 على الرئيس نور الدين الأتاسي.

وبقينا معشر البعثيين في باريس وفي السجون التونسية أوفياء للزعيمين ميشيل عفلق ونديم بيطار اللذين كانا معتقلين في لبنان ..

دخلت للسجن وكلي ولاء للقيادة البعثية المدنية ..لكن عندما زكت تلك القيادة الانقلاب ارسلنا رسالة من السجن الى القيادة البعثية في العراق ..

كنا اربعة مساجين قوميين بعثيين : محمد الصالح فليس وعبد الله الرويسي وشقيقي رشاد الشابي وانا شخصيا ..

وقد انسحب الرويسي وشقيقي رشاد لاحقا من العمل السياسي الحزبي ..

+ هل كان القيادي القومي البعثي الحفناوي عمايرية معكم ؟

++ لا .. الحفناوي العمايرية انسحب لاحقا من الحركة البعثية في سياق مسار آخر..

بالنسبة لي منذ 1970 ، وبعد أن غادرنا السجن انخرطت في الحركة اليسارية الماركسية “العامل التونسي ” وتحملت مسؤوليات كبيرة فيها حتى عام 1979..

بعد ذلك وفي سياق المراجعات الفكرية والسياسية اسست مع مجموعة من المناضلين اليساريين والقوميين التجمع الاشتراكي التقدمي ..

في 2001 واكبنا المتغيرات وطنيا ودوليا وتخلينا عن الاشتراكية واستبدلناها بالديمقراطية واسسنا ” الحزب الديمقراطي التقدمي ” الذي انفتح على مناضلين من تيارات فكرية مختلفة باعتباره تحرر من الايديولوجيا ..

كل المتغيرات الثقافية والسياسية والاقتصادية الدولية ، ومن بينها العولمة ، أقنعتنا أكثر فأكثر بالقيمة الديمقراطية الجامعة وبالتحرر من ” المسلمات الايديولوجية “..

حزب التجمع الاشتراكي التقدمي أسسناه في 1981 على أساس التحرر من المرجعيات الايديولوجية والتمسك ببعض ثوابت اليسار العالمي والعربي..

في 2001 توسعنا أكثر وانفحتنا على مناضلين ديمقراطيين من مدارس مرجيعات مختلفة شرط الايمان بعلوية المرجعية الديمقراطية ..وبكون التعددية الثقافية والسياسية داخل نفس الحزب تثري وهي ملزمة للأطراف المشاركة ..

قريبا ..” كتاب العمر”

+ ماجديد “كتاب العمر” الذي سوف سوف تصدره قريبا؟

++ الكتاب في 408 صفحات ..وهو تحت الطبع ..

في الكتاب قسمان : الأول تضمن حياتي العملية والقسم الثاني سميته مقاربات تحت عنوان :” ما أرى”..

في هذه المقاربات 4 فصول : 3فصول كل منها ب40 صفحة : الاولى عن بورقيبة والبورقيبية ..والاستنتاج ان بورقيبة لم يكن صاحب ايديولوجيا ولكن صاحب تفكير عملي ..كان له موقع كبير في حياتنا الوطنية ..

الفصل الثاني حول العرب والعروبة والفكرة العربية : لماذا تطورت في المشرق ولم تتطور في مصر وفي شمال افريقيا ؟ ولماذا انهزمت تجارب القومية العربية ؟ وهل يعني ذلك هزيمة للقضية العربية والمشروع الوطني العربي بكل تضاريسه ؟

استنتاجي انه لا يمكن فسخ 400 مليون عربي في نفس المنطقة وتربطهم روابط روحية وحضارية قوية ..

يمكن ان تطرح الهوية القومية العربية مجددا لكن بأسلوب معاصر مع الاستفادة من تجربتين رائدتين عالميتين : كوريا من حيث ولوج الفضاء المعرفي واقتصاد المعرفة والاتحاد الأوربي باعتباره فضاء واسها قائما على الديمقراطية والتكامل الاقتصادي..

الثالث هو الإسلام السياسي بناء على قراءاتي وتقييماتي وللمتغيرات وللوقائع والاستخلاصات ..

والرابع وقد صدر في 80 صفحة هو المستقبل واستقراء مستقبل تونس بابعاده الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ..

تونس بعد انقلاب 25 يوليو

++ ما هي أهم الاستنتاجات بعد هذا الكتاب ؟وماهي رؤيتك لمستقبل تونس ؟

++ بناء على الاخفاق الاقتصادي والاجتماعي منذ الثورة التونسية في مطع 2011 لاحظت بروز “حنين شعبي ” للماضي ..

هذا الحنين له ما يؤسسه في الواقع ..

قمت بالمقارنة بين المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية قبل الثورة وبعدها لاكتشف ان قطاعا من الشعب التونسي كان محقا في الحنين الى الماضي ..

وتوقفت عند تحديات الحاضر وعلى رأسها ايجاد حلول لنزيف المالية العمومية والنهوض بالاستثمار وخلق الثروة وتوزيعها ..

تناولت معضلات الشركات العمومية والاجور ومناخ الاستثمار و..

استنتجت أن هذه التحديات لا يمكن ان توجد حلول لها بدون رؤية مستقبلية تخطط لإصلاحات على مدة 15 عاما على الاقل ..

التحديات الثلاثة ترفع ضمن إستراتيجية تهدف الى تحقيق التغيير في 3 اتجاهات :أولا المعرفة والتقدم المعرفي واقتصاد المعرفة الثانية اتجاهات إصلاح التعليم والثالث هو التنمية البشرية والجهوية وتكافؤ الفرص .

+ هل يمكن للشابي الذي تزعم حراك جبهة 18 اكتوبر2005 أن يتزعم المعارضة مجددا اليوم حول “المشترك الديمقراطي والحقوقي والوطني” بين العلمانيين والاسلاميين والليبييراليين واليساريين ؟

++ تجربة 18 اكتوبر لم تكن التجربة الاولى التي تحقق فيها العمل المشترك والتضامن بين العلمانيين والاسلاميين وبين اليسارييين والليبراليين ..

في محاكمات 1981 وقفت حركة الديممقراطيين الاشتراكيين ورابطة حقوق الانسان واوساط حقوقية يسارية وليبيرالية وصحف المعارضة مثل الراي والمستقبل والوحدة والطريق الجديد…مع حركة الاتجاه الاسلامي ضد القمع والمحاكمات ..

كان هناك خلافات مع ” الظاهرة الإسلامية ” وليس رفضا وتبريرا للاقصاء ..

ما بين نوفمبر 1987 و محاكمات التسعينات وجدت تجارب للتعايش والانفتاح بين العلمانيين والاسلاميين بما في ذلك بين النهضة والحزب الشيوعي والوحدة الشعبية من جهة و بين بن علي والسلطة من جهة وحركة النهضة من جهة ثانية .. لكن التجربة فشلت ..رغم مشاركة حركة النهضة في التوقيع على الميثاق الوطني ..

.تجربة 18 اكتوبر 2005 لم تكن مقطوعة عن الموروث الديمقراطي والعمل المشترك بما في ذلك فيما يتعلق بين العلمانيين والاسلاميين ..

أهمية تجربة العمل المشترك في جبهة 18 أكتوبر أن حكم بن علي فرض “رعبا” ومنطق إقصاء الإسلاميين واستثناءهم وحاول استئصالهم نهائيا من الحياة السياسية ..لكننا تجرأنا على العودة للعمل المشترك ..رغم الحظر ..

توافقنا حول 3 قضايا مشتركة : حرية التنظم وحرية الاعلام والصحافة والعفو التشريعي العام ..

نظمنا اضراب جوع احدث ضجة وطنية وعالمية ، فكرنا بعده في تأسيس “جبهة ” مشتركة ..لكننا قلنا لا يمكن أن نؤسس جبهة ونحن تشقنا خلافات حول اهداف مثل هذه الجبهة و مشروعنا المجتمعي ..

قمنا بتجمعات وتحركات مشتركة حول الحريات من بينها وقفات امام مقر الاذاعة والتلفزة ..تحت تاثير حركة ” كفاية المصرية “..التي كنت شخصيا متاثرا بها ..

كما انشانا منتدى 18 اكتوبر للحوار لمناقشة القضايا الخلافية واعداد ورقات مشتركة ..

وهنا تناولنا عدة ملفات وتوصلنا الى استنتاجات وتقدمنا خطوات ..لكن القمع منعنا من احداث ظاهرة ” كفاية ” في تونس ..

انضاف الى ذلك ظروف الحركة الإسلامية التونسية التي انقسمت في اخر عهد بن علي الى تيارين : احدهما مع الحوار والمصالحة مع السلطة والثاني معارض لذلك ..

ثم جاءت الاستحقاقات الانتخابية فانقسمت بعض مكونات ” جبهة 18 اكتوبر” بين خيارات و” تكتيكات “مختلفة..

كان بعضنا يؤمن أن الانتخابات لن تمكن المعارضة من الانتصار وان من مصلحتها ان تخوضها موحدة باستقلالية كاملة عن السلطة والمنظومة الحاكمة ..مادام الهدف توجيه رسالة سياسية من المعارضة والبرهنة على استبداد النظام ..وإقامة الحجة عليه..وكان هذا موقفنا ..

في المقابل كان بيننا من اعتقد أن الافضل المشاركة في الانتخابات من داخل المنظومة لاستغلال الموعد الانتخابي للقيام بدعاية سياسية وحزبية ..

لكن للاسف تفرقنا وذهبت ريحنا ..

وقد انسحبت عمليا من مبادرة 18 أكتوبر في 2007 واعلنت عن ذلك عمليا في 2008..

وقلت اني انسحبت على اطراف قدمي ..

واليوم الوضع مغاير تماما لأجواء أواخر عهد بن علي..

+ بعد ثورة 2011 ألم يكن من الأفضل إعادة تجميع قوى 18 أكتوبر؟

++ عندما وقعت الثورة تغيرت المعطيات .. مطلب الحرية تحقق بالكامل ولم تعد تجمعنا الحاجة الى الحرية والنضال المشترك من اجل تحقيقها ..

والنزاع اصبح حول خلافة النظام السابق ومن الذي سيتولى الحكم ..ودخلنا في منافسات ..

كانت 18 اكتوبر لحظة سياسية مهمة زعزعت النظام حول قضية الحريات ..وحققت تقدما في التبادل الفكري وساهمت في تعبيد الطريق عند صياغة الدستور الجديد..دستور جانفي 2014..

كثير من مكتسبات مبادرة 18 اكتوبر سهلت الصياغة التوافقية للدستور ..لكن تلك المبادرة انتهت قبل سقوط حكم بن علي ..

+ لاحطنا تفاعلكم مع ” تجربة حراك مواطنون ضد الانقلاب” وزياراتكم للمضربين وللمستشفى الذي أودع فيه المحامي والبرلماني نور الدين البحيري ثم مشاركتكم في جنازة المناضل الاسلامي رضا بوزيان وتوليكم تأبينه..؟

++ البعض يطرح مجددا تشكيل آلية تحرك ” الكل ضد واحد” ، كما عبر عن ذلك عزيز كريشان في تشخيصه لحراك 18 أكتوبر 2005..

هذا مطروح الان ..

المناخ السياسي مغاير ..

لا مجال لاعادة تنزيل نفس التجربة ..لكن لابد من متابعة النضال من أجل الحريات والديمقراطية وضمان حق التظاهر في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة ..

.. الخروج من الأزمة ليس مضمونا الآن ..

لكن منعطف 14 يناير /جانفي مهم جدا ..لانه رفع الصفة الحزبية للتحركات السابقة المعارضة لإنقلاب 25 يوليو على الدستور ..وأقنع قطاعا من السياسيين ب” المشترك” وبضرورة المضي نحو مسار سياسي جديد وانتخابات مبكرة .. وأصبح الهدف مجددا احترام الحريات وضمان الحق في التظاهر والتعبير عن الرأي المعارض بما في قبل العاصمة ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *