الذكرى الأربعون للثورة وقمة وارسو “الإقلاع” الإيراني في مواجهة “المُقعَدين”(1) .. بقلم الشاعر والكاتب البحري العرفاوي

1: الأربعون أو عُمُرُ الفُتُوّة
لو أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تحقق إلا بلوغ عامها الأربعين من زمن الثورة لكان ذاك كافيا لتأكيد انتصارها على الذين توعدوها ووعدوا خصومها بأنها لن تبلغ عامها الأربعين.

Résultat de recherche d'images pour "‫البحري العرفاوي‬‎"
لقد سبق أن حاول خصومها منذ نهاية ديسمبر 2017 تحريك الشارع في عدة مدن إيرانية على خلفية مطالب اجتماعية مشروعة وكانوا يريدون من ورائها إحداث “ثورة” على النظام الثوري المقاوم ومساعدة من يسهل التعامل معه في البيع والشراء على تسلم السلطة.
حدث أيضا أن تسلل مسلحون إلى استعراض عسكري بمدينة الأهواز بتاريخ 22 سبتمبر 2018نفذوا أصابوا فيه عددا من الأبرياء.
بلوغ الاحتفالية الذكرى الأربعين كان تحديا كبيرا وإنجازا رمزيا مُعَبّأً بالدلالات بوجه أعداء الثورة الإسلامية في إيران.
2:إيران الشدائد والانتصارات
منذ انتصارات الثورة في إيران عام 1979 تتالت عليها المؤامرات والتهديدات على عهد كارتر الذي هدده بأسطوله السادس ثم فرض الحصار الاقتصادي في عملية اختبار لصلابة القيادة الثورية، الإمام الخميني رحمه الله أمر بتجنيد عشرين مليون مقاتل لمواجهة أي غزو كما دعا إلى الاستفادة من فريضة الصوم كدُربة على الصبر لمواجهة الحصار الاقتصادي،كان ذاك درسا عظيما حين يفهم المستكبرون أن الشعوب لا يمكن إخضاعها بالرغيف وبكماليات العيش أو حتى ضروراته.
وصمُ السفارة الأمريكية بطهران ب”وكر الجواسيس” وطرد سفير الكيان الصهيوني ورفع علم فلسطين على نفس تلك البناية وإعلانها سفارة فلسطينية كانتا رسالتين للعرب والمسلمين وللقضية الفلسطينية بأن هذه الثورة إنما هي ثورتهم بل ثورة كل المستضعفين بوجه الاستكبار العالمي.
لم تكن الثورة الإسلامية في إيران انقلابا عسكريا تُستبدل فيه “شُخوصُ” الحكم بل كانت ثورة في فلسفة الحياة وفي روح الدولة وفي معاني الصمود بوجه الظلم والاستكبار، كانت ثورة ثقافية بالأساس جددت قاموس الخطاب في الحركات الإسلامية في البلاد العربية وأعطتها مضمونا اجتماعيا وجعلتها تربط بين الإسلام والناس كل الناس لا على أساس الهوية الدينية وإنما على أساس الهوية الإنسانية وهوية “الاستضعاف”.
المتابع لمسار الثورة الإسلامية الإيرانية يلحظ أنها لم تُغير فلسفتها ولم تتبرأ من مرجعيتها الإسلامية ولم تتنكر لفلسطين ولم تبخل في دعم الحركات المقاومة للاحتلال الصهيوني رغم ما تعرضت وتتعرض له من حصار ومن مقاطعة ومن حملات تحريضية.
دعم الثورة الاسلامية لحركات المقاومة هو الذي غير موازين القوى في لبنان بداية من انتصار 2000 إلى انتصار تموز 2006 وصولا إلى صمود غزة في كل معاركها الأخيرة مع الصهاينة بداية من 2008 إلى آخر معركة في 2018وصدمة “الكورنيت”.
الكيان الصهيوني اليوم يجد بأنه محاصر من قُوى مقاومة ومجهزة ومُعبأة انطلاقا من لبنان وغزة وصولا إلى العراق وسوريا.
3:وارسو “الحشد الأخير”
الرئيس الأمريكي ترامب مُتوعدا للإيرانيين فكان أن أعلن خروجه من الاتفاق النووي ثم أوعز للخليجيين بالتوحد ضد خصم مشترك أقنعهم بأنه أشد خطرا من العدو الصهيوني ثم كان مؤتمر مكة المكرمة في ماي 2017حشد فيه دولا إسلامية وعربية تحت عنوان واضح هو التحالف السني في مواجهة الخطر الشيعي وهو “عنوانٌ” من أخطر عناوين الحروب،إنه عنوانٌ للفتنة بين أبناء الأمة وقد اشتغلوا عليه ومهدوا له منذ أعلن بوش الابن عشية 11 سبتمبر 2001″سنجعلهم يقتلون بعضهم” وها هم المسلمون يقتلون بعضهم في العراق وسوريا وليبيا واليمن وربما تسع دائرة الفتنة إذا لم يتدارك قادة الشعوب وعلماؤها ونخبها أمرهم.
في مؤتمر وارسو كانت كلمة نائب الرئيس الأمريكي كلمة مطولة مشحونة بالتحريض المباشر ضد إيران واصفا إياها ب”الإرهاب الإسلامي” ليكشف في الأخير عن الهدف الحقيقي من المؤتمر وهو حماية الكيان الصهيوني الذي أصبح مرتعبا وأصبح بحاجة إلى حضن عربي أكثر دفئا وأوضح للعيان،يُريد أن يخرج التطبيع من السرية إلى العلن وكأنه يطمع أن الشعوب العربية الإسلامية قد تأتمر بأوامر حكوماتها فتنخرط في التطبيع الشامل بل لعلها ستُقاتل من أجل سلامة “دولة إسرائيل الكبرى”.
قمة وارسو التي حضرتها حوالي ستون دولة بمستويات مختلفة، إلى أي حدّ حققت أهدافها؟ وما هي آفاق تحركها مستقبلا لتفعيل “صفقة القرن” وإلى أي مدى سيصمد تحالفٌ تحت “راع” واحدٍ ولكن من “زرائب” مختلفة؟
يتبع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *