منية العيادي
تتجه الأنظار اليوم إلى قبة البرلمان حيث ينتظر رئيس الحكومة يوسف الشاهد، و الداعمين له نتائج التصويت على منح الثقة لحكومته بعد التحوير الوزاري، الذي أدخله الاثنين الماضي عليها و الذي يعرض اليوم الاثنين، على البرلمان في جلسة عامة لنيل الثقة، في مناخ سياسي متأزم و معقّد اتسم بتوتر العلاقة بين الفاعلين الرئيسيين في المشهد السياسي .
فهل سينجح “الائتلاف الحكومي”، المكون للحزام السياسي الداعم للشاهد و الذي يتمتع بأغلبية برلمانية، و المتكون أساسا من حركة النهضة و كتلة الائتلاف الوطني و كتلة الحرة لحركة مشروع تونس و بقية النواب المستقلين، في فرض الأمر الواقع و يمنح الشاهد تذكرة العبور إلى المرحلة القادمة و الذهاب بالحكومة في تشكيلتها الجديدة إلى الاستحقاقات السياسية و الاقتصادية المقبلة .
الشاهد : أزمة تونس سياسية و ليست حكومية .. و حكومتنا أنقذت البلاد من مخاطر سيناريو اقتصادي كارثي
رئيس الحكومة يوسف الشاهد قال في خطابه اليوم إن الأزمة التي تعيشها البلاد سياسية بالأساس و ليست حكومية في ردّه على من يحاول تحميل الحكومة ما يحصل من أزمات.
و أضاف الشاهد أن تونس في حاجة إلى الاستقرار السياسي لتمكين الحكومة من مواصلة عملها بشكل يسمح مع تقدم الوقت بتحقيق أهداف السياسات العمومية التي وقع الانطلاق فيها خاصّة على المستوى الاقتصادي.
و اعتبر أن رفضه للتجاذبات الحادة لا يعني أنّ الحكومة فوق النقد مؤكّدا أن مردود العمل الحكومي كان سيكون أفضل و كل مر’ يقع أخذ الإجراءات و التعديلات الضرورية لتحقيق مزيد من النجاعة.
و تابع : انتظرنا من الفاعلين السياسين القيام بتقييم موضوعي لأداء الفريق الحكومي و أكّدنا في عديد المرات أن التقييم لا يكون من خلال إلقاء تقديرات عامة في المطلق بل على أساس معطيات موضوعية بعيدا عن الشعارات العامة التي يراد من ورائها تسجيل نقاط سياسية على حدّ تعبيره .
و اعتبر الشاهد أن الأزمات الاقتصادية و المالية و الاجتماعية التي تمر بها البلاد من تراجع للنمو و الاستثمار و السياحة و عجز للميزان التجاري و تفاقم للبطالة و انخرام للمالية العمومية …، تراكم سنوات مضيفا أن حكومته ليست المسؤولة عنه بل تحملت مسؤوليتها و اتخذت القرارات الضرورية.
و أشار إلى أن “الحكومة وجدت منذ البداية اختلالا كبيرا على مستوى المالية العمومية وغياب شبه كلي لنمو اقتصادي حقيقي”.
و أعتبر أن “السياسات الاقتصادية للحكومة لم تعط أكلها بعد لافتا الى ما قال انه تحسن في مؤشرات الاستثمار و التصدير وتسجيل تحسن في العديد من القطاعات على غرار الصناعات الميكانيكية و الكهربائية و النسيج و الفلاحة و السياحة”، موضحا ان تحسن هذه المؤشرات جعل مؤشر النمو في حدود 2.8 بالمائة في الثلاثي الثاني من سنة 2018. وقال “لو لا الارباك السياسي لكان بإمكان تونس تحقيق نسبة نمو أفضل”.
و تابع الشاهد “المحور الثاني الذي اشتغلت عليه الحكومة هو تعافي المالية العمومية اذ تم التقليص في نسبة عجز المالية العمومية من 7.4 بالمائة إلى حدود 4.9 بالمائة”، مشددا على أنه ليس من باب المبالغة ان يكون تقليص هذا العجز من أهم الاجراءات التي قامت بها حكومته “لأنه بالتحكم في العجز أنقذنا البلاد من مخاطر سيناريو كارثي”.
كتلة الائتلاف الوطني أول الداعمين للشاهد
أكدت هاجر بالشيخ أحمد النائبة في البرلمان عن كتلة الإئتلاف الوطني، بأن عدد النواب الذين سيصوتون اليوم على منح الثقة لأعضاء الحكومة الجدد المقترحين ضمن التحوير الوزاري كافٍ .
و ينص الفصل 143 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب في مطته الأخيرة أنه “يتم التصويت على الثقة بتصويت وحيد على كامل أعضاء الحكومة و المهمة المسندة لكل عضو و يشترط لنيل ثقة المجلس الحصول على موافقة الأغلبية المطلقة من الأعضاء” مع الإشارة إلى أن الأغلبية المطلقة داخل المجلس هي في حدود 109 أصوات (50 +1) من مجموع 217 نائبا. كما يضبط هذا الفصل برنامج عمل الجلسة العامة المخصصة لمنح .الثقة للحكومة.
من جهته قال رئيس الكتلة مصطفى بن أحمد إن أعضاء الكتلة لهم موقف واحد من التركيبة الجديدة لحكومة يوسف الشّاهد و سيتمّ مبدئيا التصويت بالإجماع للحكومة ، على حدّ قوله.
و أضاف أنّ كتلته مع الاستقرار الحكومي و ستقيّم أداء الحكومة بعد أن يسلّم الوزراء الجدد مهامهم.
حركة النهضة مع القديم و الجديد .. و حضور في جلسة منح الثقة بصفر غيابات !!
حضرت حركة النهضة في جلسة منح الثقة اليوم بـ68 نائبا و هو ما وصفه النائب عن الحركة زهير الرجبي سابقة لم تتحصل عليها أية حكومة من قبل.
و وصف حكومة الشاهد 3 بحكومة” الخبرة و الطموح”، مشددا على أن الحركة مع تركيبة الحكومة القديمة و اعضائها الجدد المقترحين في التحوير الوزاري، قائلا ” سنشد على أيديكم و سنمنحكم الثقة اليوم … ”
و شدد الرجبي على “ضرورة الابتعاد عن التجاذبات السياسية ونسيان الانتماءات الجهوية والحزبية والانصراف إلى حلحلة مشاكل التونسيين في مجالات الصحة والبطالة والوضعيات الهشة والبنية التحتية”.
نداء تونس : التحوير محاولة انقلابية … لن نصوت للحكومة.. و بقاء وزرائنا في الحكومة يعني خروجهم من النداء
رئيس كتلة نداء تونس بالبرلمان سفيان طوبال قال إن مقاطعة نواب كتلته لجلسة منح الثقة لحكومة الشاهد الجديدة هي استمرار لسلسلة المقاطعات التي أعلنت عنها الكتلة منذ ثلاثة أسابيع مضيفا أنّ نواب كتلة النداء لن يمنحوا الثقة لهذه الحكومة سواء بعدم الحضور أو بالتصويت ضدّها .
و أضاف طوبال : هذا التحوير سياسي بالأساس و محاولة انقلابية لأنه لا يعكس نتائج الانتخابات التشريعية معيبا على الشاهد عدم استشارة “الحزب الفائز في انتخابات 2014” في هذا التعديل الحكومي معتبرا أن هذا التحوير تقنيا لم يمسّ اهتمامات التونسيين حيث لم يشمل أي وزارة في الشأن الاقتصادي من تجارة أو صناعة أو فلاحة أو طاقة أما ما تتالى على البلاد من أزمات اقتصادية و اجتماعية .
و أفاد أن نداء تونس ينتظر نتائج منح الثقة لاتخاذ القرار المناسب في حق أعضاء الحزب المشاركين في تشكيلة الحكومة الجديدة.
من جهته شدد النائب شاكر العيادي على وجود إخلالات شكلية واضحة و خرق للدستور في التحوير الوزاري الذي أقره رئيس الحكومة، منتقدا تقارب يوسف الشاهد من حركة النهضة.
و قال العيادي إن التحوير الوزاري المعلن لم يقدم الجديد و لم يمس المسألة الاقتصادية و الاجتماعية، ملاحظا غياب التجربة والكفاءة لدى الوزراء الجدد.
و اعتبر شاكر العيادي، أنّ التحوير الوزاري، جاء لإرضاء بعض الأحزاب السياسية، مضيفا ”ماناقص يوسف الشاهد كان يلبس تصويرة الحمامة على الكوستيم”.
يشار إلى أن حركة نداء تونس رفعت قضية لدى المحكمة الادارية لإبطال الجلسة العامة المنعقدة اليوم و المخصصة للتصويت على منح الثقة للوزراء و كتّاب الدولة المقترحين ضمن التحوير الوزاري الأخير.
و أشارت عديد المصادر الى ان من بين المؤيدات التي ضمّنها نداء تونس في شكايته عدم إدراج الموقع الرسمي لمجلس نواب الشعب قرار عقد جلسة عامة لمنح الثقة و عدم ذكر موعدها مثلما يفرض ذلك نظامه الداخلي.
المعارضة : حكومة محاصصة حزبية لا سياسات اقتصادية لها
قال النائب بمجلس نواب الشعب عن الجبهة الشعبية الجيلاني الهمامي، إنّ الخطاب الذي ألقاه رئيس الحكومة يوسف الشاهد خلال الجلسة العامة التي خصصت لمنح الثقة لحكومته، ”في واد و السياسات المتّبعة في واد أخر و هذا دليل على أن الحكومة تبيع الوهم و المشاكل الرئيسية لم يتحدث عنها”.
و أكّد الجيلاني الهمامي، أنّ ”يوسف الشاهد قدم وعودا سبق و أن قدمها في أوت 2016 و لم يتحقق منها شيء”.
و اعتبر الجيلاني الهمامي، أنّ ”التحوير الوزاري الذي أقره يوسف الشاهد مبنيّ على العبث والإستقرار الوحيد المرجو منه هو إستقرار رئيس الحكومة”، مضيفا ”هذه الحكومة ستبيع مؤسسات البلاد، وهي بالأساس حكومة مع التطبيع مع الصهيونية”.
من جهته اعتبر النائب بمجلس نواب الشعب عن حزب التيار الديمقراطي نعمان العش، أنّ ما جاء في الكلمة التي ألقاها رئيس الحكومة يوسف الشاهد خلال الجلسة العامة اليوم تم سماعه في أكثر من مرة لكن دون أي فعل يذكر، معتبرا أنّ الشاهد و أعضاء حكومته يبيعون الوهم و الكلام للشعب.
و وصف العش، الحكومة بـ ”حكومة العبث و المحاصصة الحزبية”، مضيفا في ذات السياق أنّ يوسف الشاهد ”جدّد ثوبه لإيجاد عذرية جديدة” عبر هذا التحوير، على حد قوله.
اتحاد الشغل : اختاروا من تريدون .. لكننا لن نكتفي بالمشاهدة إزاء أمن و استقرار البلاد
الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل قال معلقا على التحوير الوزاري إنه لا رأي للاتحاد في هذا التركيبة و لهم أن يختاروا من يريدون بما أن الدستور يخول لرئيس الحكومة ذلك.
و أضاف في هذا الإطار ‘ نحن نتمنى لهم النجاح، و نجاحها نجاح لتونس أما إذا بقي الوضع على ما هو عليه فعلى كل طرف أن يتحمّل مسؤولية خياراته’.
و لكنه في المقابل أعلن أن الاتحاد لن يسكت و لن يكتفي بالمشاهدة طالما أن أمن و استقرار و نجاحات تونس تهمه و فوق كل اعتبار، و هذه الحكومة تتحمل مسؤولية اختياراتها لكن لن تكون قراراتها الموجعة على حساب الطبقة العاملة..’