التسميات الجديدة في قصر قرطاج : الرئيس يعطي الأولوية لملفي ليبيا و الجزائر .. بقلم كمال بن يونس

** تسمية عسكريين و سياسيين مختصين في ملف الشؤون المغاربية

 

تعاقبت التحركات واجتماعات التشاور رفيعة المستوى في مقرات الأحزاب الفائزة في الانتخابات البرلمانية بهدف احتواء الخلافات الحادة حول تشكيل الحكومة القادمة والجهة التي سترأسها : هل تكون شخصية حزبية أم مستقلة وهل تنفتح هذه الحكومة على الخبراء المستقلين أم تكون أساسا حكومة سياسيين بزعامة الأحزاب الفائزة بالمراتب الأولى في انتخابات 6 أكتوبر الماضي وعلى رأسها حزب النهضة .

وقد تقابل أمس قياديون من حزب النهضة بزعامة راشد الغنوشي ونائبه رئيس الحكومة السابق علي العريض ورئيس اللجنة السياسية نور الدين العرباوي والوزير زياد العذاري مع قياديين من حزب ” الشعب” العروبي التي يتزعمه البرلماني زهير المغزاوي ومع حزب تحيا تونس الذي يتزعمه رئيس الحكومة يوسف الشاهد ..

وكان الغنوشي ورفاقه التقوا قبل ذلك زعيمي حزب التيار الديمقراطي اليساري محمد عبو وغازي الشواشي .وكشفت تصريحات قيادات حزبي الشعب والتيار الديمقراطي معارضة قيادتهما لمقترح تكليف حركة النهضة برئاسة الحكومة القادمة ، واشتراطها تعيين شخصية سياسية مستقلة أو خبيرا له ” اشعاع وطني”.

مبادرات من قرطاج

في الأثناء تابع الرئيس التونسي قيس سعيد ” افتكاك زمام المبادرة ” من الطبقة السياسية التقليدية فتابع اجتماعاته الماراطونية مع زعماء أغلب الاطراف السياسية الحزبية والمستقلة وممثلين عن المجتمع المدني . وشملت تلك الاجتماعات حسب التصريحات التي عقبتها ملفات تشكيل الحكومة وسيناريوهات تطوير المشهد السياسي .

في نفس الوقت ارتفع نسق التحركات في قصر رئاسة الجمهورية بعد أن قرر الرئيس قيس سعيد ورئيس الحكومة يوسف الشاهد تغييرا أسفرعن ابعاد وزيري الدفاع عبد الكريم الزبيدي والخارجية خميس الجهيناوي ووكيل وزارة الخارجية حاتم الفرجاني .

كما وضعت مؤسسة الرئاسة حدا لنقاط الاستفهام حول أولويات قيس سعيد و فريقه السياسي والعسكري والأمني في قرطاج ووجهت رسالة واضحة حول وفائها لأحد أبرز تعهداته في حملته الانتخابية باعطاء أولوية مطلقة لملف ليبيا والعلاقات التونسية الليبية من جهة والتونسية المغاربية من جهة ثانية .

وتقرر بعد يوم واحد من بلاغ اقالة وزيري الدفاع والخارجية تعيين 3 مسؤولين كبار سبق لهم أن عملوا ديبلوماسيين في ليبيا وتحملوا خلال الأعوام الماضية مسؤوليات سياسية وعسكرية في متابعة الملف الليبي بابعاده العسكرية والامنية والسياسية .

كانوا في ليبيا و الجزائر

فقد عين الديبلوماسي المخضرم السفير طارق بالطيب المسؤول عن ملف ليبيا في مكتب وزارة الخارجية سابقا وزيرا رئيسا للديوان الرئاسي . وقد سبق له ان التقى مرارا فايز السراج وخليفة حفتر وعبد الله الثني وخالد المشري وبقية الزعماء الليبيين.

وتعتبر خطة الاشراف على الديوان الرئاسي في تونس أهم مسؤولية في قصر قرطاج بعد منصب رئيس الدولة ، يكلف صاحبها بالتنسيق بين رئيس الجمهورية والحكومة وكل مستشاري الرئاسة وبقية مؤسسات الدولة .

ويخلف السفير طارق بالطيب على رأس مكتب الرئيس المستشار السابق نبيل عجرود الذي عينه الريس الراحل قائد السبسي في هذه الخطة قبل أسابيع من وفاته.

كما شملت التعيينات في قصر قرطاج خطة مستشار الامن القومي التي كلف بها رئيس أركان جيش البر السابق والمستشار العسكري التونسي في ليبيا سابقا محمد الصالح الحامدي. وعوض الحامدي الأميرال كمال العكروت الذي شغل الخطة لمدة 5 أعوام في عهد الرئيس الراحل قائد السبسي والرئيس المؤقت محمد الناصر.

كما عين العميد خالد اليحياوي مديرا عاما جديدا للإدارة العامة للامن الرئاسي خلفا للعميد مراد مرادع .

وتم تعويض المستشار مدير المراسم في رئاسة الجمهورية منذ 2011 السفير منذر بن مامي بالديبلوماسي السابق في الجزاير وليبيا طارق الحناشي ، وسبق له ان تولي خطة قنصل في مدينة بنغازي الليبية سابقا والمستشار منذ مدة في ديوان وزير الخارجية خميس الجهيناوي .

الاعلام و القانون و الأمن

واختار الرئيس الجديد ضمن فريق مستشاريه سيدتين احداهما رئيسة نقابة الصحفيين سابقا رشيدة النيفروقد كلفها بحقيبة الاعلام والثانية الخبيرة القانونية نادية عكاشا وقد عينها مستشارة قانونية . وعين السفير السابق عبد الرؤوف بالطبيب وزيرا مستشارا في قصر الرئاسة .

وفهم المراقبون من التعيينات الجديدة التي اقرها قيس سعيد ربح الوقت وتدارك مسار تعثر المشاورات من اجل تشكيل الحكومة عبر تجديد ما يسميه مراقبون في تونس منذ 30 عاما ” حكومة القصر” أو ” حكومة الظل في قرطاج” ، أي منذ أحدث الرئيس الاسبق زين العابدين بن علي ادارة موسعة في قصر قرطاج تعنى بكل الملفات وتراقب عمل الحكومة و تتابع عمل كل المؤسسات الامنية والعسكرية والاقتصادية عن بعد .

وبحكم اعتماد قطاعات واسعة من جهات الجنوب التونسي ومحافظات الغرب والوسط الفقيرة على الشراكة مع ليبيا والجزائر والبلدان المغاربية يبدو أن قيس سعيد أراد أن يثبت لناخبيه وفاءه لتعهداته باعطائه ألوية لوقف الحرب في ليبيا وازمتها السياسية ولتفعيل العلاقات التونسية المغاربية.

لكن مشروعه سيظل رهين موعد تشكيل تنصيب البرلمان والحكومة الجديدين قبل موفى الشهر الجاري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *