البنك الإسلامي للتنمية ينظَم لحملة إنقاذ العراق من أزمته المالية

أكدت موافقة البنك الإسلامي للتنمية على تقديم 3 مليارات دولار للعراق في شكل منح وقروض ميسرة، وجود إرادة سياسية دولية لمنع إفـلاس البـلاد التي تنتظـر الحصـول على نحو 15 مليار دولار، رغـم أن الـوضع الاقتصـادي لا يؤهلهـا للحصـول على تلـك القروض.

أعلن البنك المركزي العراقي أمس أن البنك الإسلامي للتنمية أعطى موافقة مبدئية على قروض ميسرة ومنح بقيمة 3 مليارات دولار للعراق لمساعدته في التعامل مع الانخفاض الحاد في إيرادات النفط.

ولم يذكر بيان البنك المركزي أي تفاصيل بشأن الفوائد المترتبة على القروض أو موعد بدء استحقاق السداد. وكان العراق قد اتفق مع صندوق النقد الدولي في وقت سابق من الشهر على قرض تحت الطلب بقيمة 5.4 مليار دولار.

وأعلن وزير المالية هوشيار زيباري الاتفاق في الأسبوع الماضي. وقال إن قروض صندوق النقد قد تتيح للعراق الحصول على 15 مليار دولار أخرى من المساعدات الدولية على مدار الأعوام الثلاثة المقبلة.

ويفصح التوجه المفاجئ من المؤسسات المالية الدولية لإنقاذ العراق من أزمته المالية الخانقة عن إرادة سياسية دولية، لأن الوضع الاقتصادي في العراق لا يدعم تقديم كل تلك القروض في ظل فوضى السياسات الاقتصادية وشلل النشاط الاقتصادي التام.

وكان كبار مسؤولي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي قد زاروا بغداد وأعلنوا عن تعهدات كبيرة وتخفيف الشروط التي تطالب بها عادة في منح القروض. وأعلن مسؤولون أميركيون أن دول الخليج ستساهم في تقديم المساعدات المالية للعراق لمنع انهيار الدولة بسبب عدم قدرتها على الوفاء بالتزامات الميزانية التشغيلية المتضخمة وارتفاع فاتورة الحرب ضد تنظيم داعش.

 ويكشف قرض البنك الإسلامي للتنمية، ومقره مدينة جدة السعودية، عن موافقة سياسية من قبل كبار المساهمين في البنك، وهم الدول الثرية في مجلس التعاون الخليجي. ويعاني العراق من أزمة مالية خانقة بعد أن تراجعت إيرادات الموازنة بسبب تراجع أسعار النفط، ولم تعد تكفي لتمويل الميزانية التشغيلية، التي تقدم رواتب لنحو 7 ملايين موظف في أجهزة الدولة المترهلة.

وأظهرت وثيقة لصندوق النقد الدولي أن من المتوقع أن يواجه العراق فجوة تمويل تصل إلى 17 مليار دولار في العام الحالي، ما لم يتمكن من تدبير المزيد من الأموال. ويعاني العراق عجزا كبيرا في موازنة العام الحالي نتيجة تراجع أسعار النفط منذ يونيو، رغم محاولات البلاد المستميتة لزيادة الصادرات النفطية، التي تعتمد عليها الموازنة بشكل شبه كلي، بسبب عدم وجود أي موارد أخرى للدخل.

ويبلغ حجم الإنفاق في موازنة العام الحالي نحو 95 مليار دولار، وهي تتوقع عجزا بقيمة تزيد على 21 مليار دولار. وكان الاقتراض من الخارج والداخل أحد السبل التي لجأت إليها الحكومة لمواجهة ذلك العجز.

ومن المرجح أن ينفجر عجز الموازنة لأن متوسط أسعار معظم الخامات العراقية منذ بداية العام الحالي أقل من السعر الذي اعتمدته الموازنة، والذي يبلغ 45 دولارا للبرميل.

وأطلق البنك المركزي العراقي في 10 مايو الجاري، عملية بيع لسندات محلية بقيمة تعادل نحو 1.29 مليار دولار، لكنه لم يعلن حتى الآن عن حجم الإقبال عليها في ظل انهيار ثقة المواطنين بأجهزة الدولة بسبب استشراء الفساد فيها. ويلقي العراقيون باللوم على الطبقة السياسية في تدمير الاقتصاد العراقي وتبديد مئات المليارات من الدولارات في السنوات الماضية.

ويرى محللون أن حزمة المساعدات تأتي لإنقاذ الدولة العراقية التي تبدو على شفا الانهيار مع تصاعد الاحتجاجات والاعتصامات المطالبة بتشكيل حكومة جديدة من التكنوقراط البعيدين عن المحاصصة الطائفية ومحاسبة الفاسدين.

وقالت وكالة موديز للتصنيف الائتماني هذا الأسبوع، إن القرض الذي وافق صندوق النقد الدولي على تقديمه للعراق سيؤثر إيجاباً على السيولة النقدية في البلاد، التي تواجه ارتفاعا كبيرا في تكاليف الحرب ضد تنظيم داعش بالتزامن مع تراجع العوائد النفطية. وضغطت تلك التطورات على احتياطي البلاد من النقد الأجنبي الذي هبط من نحو 74 مليار دولار في عام 2013، إلى نحو 50 مليار دولار في العام الجاري.

ويرزح العراق تحت وطأة عقود نفطية مجحفة أبرمها حسين الشهرستاني الرئيس السابق للجنة الطاقة الوزارية في حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. وتعطي تلك العقود لشركات النفط نحو 21 دولارا مقابل إنتاج كل برميل، إضافة لدفع مصروفات الشركات، دون تحديد سقف واضح، الأمر الذي يلتهم معظم عوائد صادرات النفط تقريبا. وأوقفت حكومة إقليم كردستان تسليم النفط للحكومة العراقية منذ منتصف العام الماضي، بسبب خلافات على توزيع مخصصات الإنفاق في الموازنة.

وتسابق الحكومة الزمن لزيادة انتاجها النفطي الذي تقول إنه ارتفع إلى نحو 4.7 مليون برميل يوميا، ضمنها انتاج إقليم كردستان، وهي تسعى لتوقيع المزيد من عقود النفط مع شركات عالمية لرفع إنتاج البلاد من الخام إلى نحو 8 ملايين برميل يوميا في السنوات القليلة المقبلة.

لكن محللين يقولون إن زيادة الإنتاج تحتاج لاستثمارات كبيرة في البنية التحتية المتهالكة، وهو ما لا يملكه العراق. ويحاول العراق إعادة التفاوض على عقود للاستثمار وتنمية حقول نفطية جديدة مع شركات عالمية. ومن المفترض أن يسدد هذا العام 23 مليار دولار نفطا لشركات أجنبية، لكنه يقول إنه سيتمكن فقط من سداد 9 مليارات دولار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *