الانتخابات التشريعية، البناء، الفكرة، و الفوضى… بقلم شهاب الغربي

الرؤية الاقتصادية و التنموية او الصراع السياسي الأيديولوجي .

+الصراعات الخلاقة التي تغذي الخلافات القديمة الجديدة لن تبني المستقبل .

+تونس الجديدة و اتفاقات المستقبل هل ستكون لمصلحة تونس المستقبل .

انتهت الانتخابات التشريعية التونسية لسنة 2019 محددة الخيارات التونسية الجديدة للتونسيين و معلنة فوز حركة النهضة و قلب تونس لتسيير البلاد مدة الخمس سنوات قادمة. الرؤية الآفاق و التحالفات ؟ مازالت أغلب الأحزاب تعلن نتائجها النهائية لانتخابات2019 والتي لخصت عديد الخيارات السياسية التي كانت خاطئة في مسار الانتقال مثل ان هذه الانتخابات كان يجب أن تسبق الأخرى باعتبارها الأهم و هذا ما كان ليشكل مشهد جديد في مجلس النواب، فان الانتخابات الثانية عادة ما تكون اقل أهمية من الاولى و هو ما غذى التفكير التونسي بهذه الفكرة .

النتائج أكدت رجوع حركة النهضة الإسلامية للواجهة و رجوع التحديات الأيديولوجية الخطرة للمجتمع، فانطلق البعض بوصف المشهد المريع الذي يسيطر على مشهد الانتخابات بأنه الفيصل بين مجتمع معولم او مجتمع محافظ …لكن الحقيقة الاكيد انها مخالفة لكل من يرى الامر من هذه الزاوية العقائدية دون النظر إليها من الناحية السياسية الاقتصادية، فبروز حركة الاخوان و قلب تونس الليبرالي يعني بناء مشهد جديد يعتمد الراسمالية الجديدة سيدعم قطعا الخيارات الاجتماعية و الاقتصادية لتونس بعد الثورة و التوجه المطلق نحو البنك الدولي و صناديق التنمية الدولية مع تنفيذ شروطها و خاصة خياراتها في ما يخص الوضيفة العمومية و صناديق الحيطة الاجتماعية و الدعم و ما ادراك ما الدعم. ان كل خيارات جديدة للتوافق ستبنى على هذا الأساس العملي في ظل تضاعف الديون المستمر و العجز في الميزان التجاري للدولة . فلا تتعجب من هنا فصاعدا من ائتلافات ستجمع عبير براشد و القروي بصعيد. الخيارات كانت دائما حول المصالح و الاقتصاد .

ان الصراعات التي ستنشأ مستقبلا بين خلافات بين هذا المشروع، تونس الاجتماعية و اتحاد الشغل…و لن نشهد قطعا منه الكثير نتيجة الخسارة المدوية لليسار التونسي و ضعف تواصله مع المنتخبين إضافة إلى الانقسام المتواصل و هشاشة هياكله… ماهية المستقبل و السياسة الاقتصادية ؟ بعد صدور نتائج الانتخابات و الفوز المدوي للاحزاب الرأسمالية مع السيطرة التامة على المشهد الإعلامي و المؤسساتي للدولة لن نشهد قطعا في المستقبل اي معارضة تذكر لما يلقب بالإصلاحات و شروط البنك الدولي و سنذهب حتما نحو توجه وحيد لتشكيل حكومة تحمل الأفكار ذانتها لتنفيذ البرنامج نفسه ، وهو بعث روح جديدة في البناء الرأسمالي و الانفتاح و الخوصصة مع دعم المؤسسات الخاصة للتشغيل و التنمية و كذلك المبادرات الفردية. ان كل هذه البرامج لن تشهد في المستقبل اي تعطيلات برلمانية و ستمرر بدون أصوات مناهضة لها ، و مع ضعف المشهد الإعلامي و الاتصال و حالة الطوارىء المعلنة فسيعيش الشارع نوعا من الهدوء الطويل لغاية صنع الخارطة الجديدة للدولة التونسية مدة 30 سنة القادمة حسب نفس خيارات التونسيين التونسيين.

ان من لم يشارك في هذا التأسيس لا اعتقد شخصيا ان يكون له مكان في مستقبل السياسة التونسية، فهو الخيار للمؤسسات العالمية، العربية و حتى التونسية مع أرباب السياسة في هذه البلاد الذي يدعمون هذا التوجه الإصلاحي الانفتاحي . موافقة التونسيين على تبني هذا المشروع تأكدت في الخيار الانتخابي الأول ثم الثاني وهو التخلي عن الخيارات الاجتماعية المتبعة منذ بعث دولة الاستقلال و التوجه نحو الانفتاح الاقتصادي و الاجتماعي و رفع يد الدولة عن كل المؤسسات منها الحيوية، مع دفع المبادرة الخاصة . هذا الخيار وان يبدو غير ضاهر في برامج الأحزاب و في خطاباتها فهو نقطة الخلاف الكبيرة بين الأشقاء منذ الثورة و هو اساسا سبب القضاء على زعماء اليسار الاجتماعي التونسي و تشويه و تقسيم ما تبقى لتشكيل هذا المشهد المرضي لكافة الأطراف، و بالطبع دائما حسب خيارات التونسيين . ان تونس اليوم وهي لا تزال في مرحلة البناء الديموقراطي او الانتقال، كما يريدون تسمية المسار، لازالت تشهد ضعفا فادحا في البناء المؤسساتها و تنتظر بفائق الصبر اكتمال المشروع السياسي وتاسيس المؤسسات الدستورية المنقوصة…

حسمت تونس من خلال تشريعيتها مستقبل تجهيز أمتها و خياراتها الأيديولوجية، الإقتصادية، الاجتماعية، و السياسية ولن يبقى غير تراهات الوطن، الدين، كرة القدم و المسلسلات الفاشلة .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *