ماذا وراء رسائل السفير الأمريكي الجديد إلى التونسيين ؟ .. بقلم كمال بن يونس

توجهت الكلمة الرسمية التي ألقاها السفير الأمريكي الجديد بتونس دونالد ارمين بلوم في جلسة المصادقة على ترشيحه في الكنغرس بعدة رسائل الى التونسيين .

وكشف السفير بلوم أن برنامج عمله في تونس سيعتمد أساسا 3 أولويات: الملف الامني الجيو استراتيجي ، والملف الاقتصادي وملف الحريات السياسية والانتقال الديمقراطي .

· الملف الأمني كان على رأس أولويات الخطاب ، بأبعاده الجيو استراتيجية ، أي في علاقة بالمستجدات الامنية والعسكرية في ليبيا وسوريا والعراق ، وتحركات الحلف الاطلسي والقوات الامريكية وحلفائها ضمن ما عرف بالتحالف الدولي ضد تنظيم داعش الارهابي .

وكشف السفير الجديد أن من بين أولوياته دعم سياسات تونس الامنية والعسكرية وفي مجال مكافحة الارهاب والتعامل بحزم مع ملف العائدين من مناطق النزاعات المسلحة في ليبيا وسوريا والعراق بما في ذلك التحقيق معهم ومحاكمتهم وحبسهم .

وقد يكون هذا الوضوح الأول من نوعه .

وبحكم التجربة السابقة للسيد بلوم على رأس البعثة الامريكية في ليبيا قد تتوفر له د فرص أكثر من غيره لدعم التنسيق الامني مع السلطات الليبية وشركائها ، مثل الحلف الاطلسي والاتحاد الاوربية وأفريكوم …، بهدف مزيد التضييق على شبكات التهريب والارهاب في كامل شمال افريقيا ودول الساحل والصحراء والبحر الابيض المتوسط.

· الملف الثاني ، الذي وضعه في المرتبة الثالثة عند تقديم برنامجه لكنه نوه به مرارا خلال كلمته ، هو الانتقال الديمقراطي وانجاح الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة ودعم فرص الاصلاح السياسي .وقد أعلن عن عزم لمشاركة الولايات المتحدة في مراقبة نزاهة هذه الانتخابات ، بعد أن نوه بحسن سير انتخابات 2014 الرئاسية والتشريعية وبالانتخابات البلدية الماضية .

وأعلن السفير الامريكي ولاءه لنفس الخط الذي اتبعه اسلافه منذ 8 أعوام فنوه بانتفاضة جانفي 2011 واعتبرها محطة أعلن فيها الشعب التونسي” رفض الديكتاتورية واعادة رسم مسار البلاد نحو الديمقراطية “.

وبهذا الموقف الواضح وضع السفير بلوم حدا لما نسب اليه بصيغ غير رسمية عن كونه من ” الصقور” الذين اختارهم دونالد ترامب للقطع مع مسار التعددية والديمقراطية في تونس ودفعها نحو ” منعرج أمني عسكري” على غرار ما جرى في بقية دول ” الربيع العربي”؟؟

· الملف الثالث ، الذي وعد السفير الامريكي بأن يضعه على راس جدول أعماله في تونس اقتصادي اجتماعي .وقد تعهد السفيرالامريكي بدعم التنسيق مع تونس لجذب مزيد من المستثمرين الامريكيين وتحسين الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد ، إلى غير ذلك من الوعود التي يبدو أن أغلبها غير قابل للتطبيق لاسباب كثيرة من بينها صغر حجم السوق التونسية وتعثر مشاريع بناء الاتحاد المغاربي والمناطق الحرة العربية .

لكن الأهم في كلمة السفير الامريكي ، الذي نوه مرارا بالتجربة السياسية التونسية ، اطلاقه صيحة فزع حول “الإحباط الناجم عن البطالة وارتفاع تكاليف المعيشة والتفاوتات الجغرافية بما يعقد جهود الإصلاح التي تبذلها الحكومة بالشراكة مع صندوق النقد الدولي”.

وشملت “صيحة الفزع” ملفات الشباب ، وتعهد بدعم فرص الشراكة مع تونس من أجل تمكينه من الخروج من البطالة والتهميش وتمكينه من المساهمة في تنمية بلده …

النص الكامل وجه رسائل واضحة وأخرى مشفرة لكبار اللاعبين السياسيين في الحكم وفي المعارضة ..

فهل يحسن هؤلاء السياسيون في فهم تلك الرسائل فيستقبلون الذكرى الثامنة لانتفاضة الشباب وثورة 2011 ب” تحييد التاريخ ” وصرف كل الطاقات للبناء ..والقطع مع السياسات التي تسببت في مزيد دفع الشباب والأطفال نحو الحلول اليائسة وبينها الانتحار والجريمة والارهاب والهجرة غير القانونية والادمان على المخدرات ؟

لن تنجح أي سفارة ولا أي عاصمة دولية في تغيير واقع شباب البلاد واقتصاده وفي تحقيق أحلام شبابه في التقدم والتنمية ..إذا لم تصدر مبادرات في نفس الاتجاه عن كبار صناع القرار في البلد في مختلف مواقعهم ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *