سليم لباطشة… اسم مجهول يقود أكبر تكتل للنقابات في الجزائر

سليم لباطشة، اسم مجهول لدى الشارع الجزائري ومحلّ خلاف لدى النقابيين، أصبح الأمين العام للاتحاد العام للعمال أكبر تكتل للنقابات في البلاد، ليخلف عبد المجيد سيدي السعيد الذي كان أحد أبرز مؤيدي الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

ويوم الجمعة الماضي، استيقظ قرابة 3 ملايين عامل جزائري منخرط في “المركزية النقابية”، على وقع انسحاب عبد المجيد سيدي السعيد من الأمانة العامة للاتحاد العام للعمال الجزائريين، التي وصل إليها سنة 1997 عقب اغتيال سلفه نور الدين بن حمودة، لينتهي عهد دام 22 سنة، تحول فيه اتحاد العمال إلى جهاز لدعم بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية وليس مدافعاً عن حقوق العمال.

وانتخبت المركزية النقابية بالتزكية، سليم لباطشة أميناً عاماً جديداً لها لولاية تمتد 5 سنوات، وفي أول تصريح له تعهد لباطشة، بتصحيح الأخطاء التي وقع فيها سيدي السعيد إذ كانت المركزية النقابية في عهده أكبر حليف للكارتل المالي، إذ أيد في العديد من المرات رئيس الكارتل سابقاً علي حداد القابع بسجن “الحراش”، على خلفية فتح القضاء لملف فساد ثقيل في حقه.

وفي تعهد لباطشة بإعادة الاتحاد إلى سكة العمل النقابي الذي يدافع عن مصلحة العمال أولاً وأخيراً.

وقال: “علينا الاستفادة من مسار التغيير الذي تعيشه الجزائر منذ 22 فيفري الماضي”، مضيفاً أن “القيادة السابقة للمركزية النقابية زاغت بالاتحاد عن طريقه وتحولت إلى جهاز سياسي أكثر منه نقابياً، يدعم السلطة الحاكمة، وتحولت إلى أكبر حليف لأرباب العمل، وهذا ما سنحاول تصحيحه، من خلال إعادة فتح أبواب “دار الشعب” (المركزية النقابية) أمام العمال والدفاع عن مصالحهم”.

وأضاف لباطشة ، أن “المهمة ستكون صعبة، وخاصة أن العمال فقدوا الثقة في الاتحاد العام للعمال، عقب التجارب السابقة، ولذا سنحاول خوض معارك نقابية من خلال فتح الملفات المجمدة وخاصة المتعلقة بقانون العمل الجديد، والعمال المفصولين من المؤسسات العمومية والقدرة الشرائية للعمال، وغيرها من الملفات التي طويت لسنين طويلة”.

بدأ لباطشة (52 عاماً) مساره العمالي، كنقابي في مصنع “لوناكو” للصناعات الغذائية مطلع التسعينيات من القرن الماضي، قبل أن يواصل التدرج ليصبح رئيس نقابة العمال داخل المصنع بعد أربع سنوات من النضال، ما فتح له أبواب الدخول إلى الاتحاد العام للعمال، من باب الاتحادية الجزائرية للصناعات الغذائية التي دخلها كنقابي صغير ممثلاً للمصنع الذي يعمل فيه.

وبعد 10 سنوات من العمل النقابي ترشح لباطشة لقيادة اتحادية عمال الصناعات الغذائية، ما أدخله دائرة المقربين من سيدي السعيد.

يقول نقابي متقاعد في اتحادية الصناعات الغذائية محمد عقباوي، إن “لباطشة عرف عنه حماسته للعمل النقابي في بداية مشواره النقابي، إذ قاد العديد من الحركات الاحتجاجية داخل مكان عمله، وحتى في مصانع أخرى عندما انتخب عضواً في اتحادية الصناعات الغذائية، وهي شهادة لا يمكن كتمانها، إلا أن الإشكال يكمن في المرحلة التي دخل فيها لباطشة المركزية النقابية، هنا تغير الأمر”.

و يضيف عقباوي ، أن “لباطشة تحول إلى آلة في يد سيدي السعيد يستعملها لإخماد غضب العمال في شعبة الصناعات الغذائية، إذ أصبح هو من يفاوض في مكان النقابات الفرعية، ويعاقب النقابيين الذين لا يؤيدونه، حاله حال كل النقابيين الذين تقربوا من السعيد”.

استغل لباطشة قربه من الأمين العام السابق للاتحاد العام للعمال، لينسج شبكة علاقات قوية من شخصيات سياسية ومسؤولة في الدولة الجزائرية، من بينها زعيمة اليسار التروسكية لويزة حنون، الأمينة العامة لحزب العمال حليفة سيدي السعيد، التي فتحت للباطشة أبواب الحزب فانخرط فيه مطلع الألفية، قبل أن يصل إلى البرلمان، بعدما ترشح في قائمة الحزب للانتخابات البرلمانية لسنة 2012 في قائمة حزب العمال في الجزائر العاصمة.

لكن حبل الودّ مع لويزة حنون سرعان ما انقطع سنة 2016، عندما حاول لباطشة استغلال الخلاف الذي نشب بين الأمينة العامة لحزب العمال والسعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق، ليقود حملة تمرد داخل الحزب، تدعو لانتخاب أمين عام جديد للحزب. وكاد لباطشة أن ينجح في مسعاه، لولا عودة الأمور إلى نصابها بين حنون والسعيد بوتفليقة، ليدفع النقابي لباطشة الثمن غالياً، ويقصى من الحزب نهائياً.

وصول لباطشة إلى قيادة أكبر تكتل نقابي في الجزائر، بقدر ما أفرح العمال لنهاية عهد سيدي السعيد الذي دام لأكثر من عقدين، زاد من حدة المخاوف وسط النقابيين، من حدوث “استمرارية مُقنعة” للفاسدين داخل المركزية النقابية ظاهرها التغيير في الوجوه والأسماء فقط.

إلى ذلك يقول رئيس فدرالية الصناعات القطنية بوعلام سغاطة، إن “رياح التغيير لم تهبّ بعد على المركزية النقابية، فمن فاز هو مقرب من سيدي السعيد وإحدى أذرعه سابقاً”.

وأضاف، أن “الأولى انتخاب ممثلي النقابات المنضوية في المركزية النقابية والمقدر عددها بـ35 نقابة، أميناً عاماً جديداً يمثل شرعية العمال”.

 

“العربي الجديد”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *