رياض الشعيبي المستشار السياسي الجديد للغنوشي: لهذه الأسباب عدت إلى حركة النهضة

· الديمقراطية التونسية ستنتصر

· اوضاع العالم والعرب سوف تتحسن بعد ترامب

الاستاذ رياض الشعيبي المستشار السياسي الجديد الغنوشي كاتب وباحث جامعي تونسي في مؤسسة ” مركز الدراسات الاقتصادية والاجتماعية – سيريس ” التابعة للجامعة التونسية ، عرفه كثيرون باحثا في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية وفي الفلسفة ، أو عبر أطروحته عن ” تاريخ الافكار، القراءة الليبيرالية لتاريخ الفكر الاقتصادي والاجتماعي”.

كما عرف رياض الشعيبي سياسيا قياديا في حركة النهضة ما بين موفى الثمانينات من القرن الماضي و2013 تاريخ انسحابه منها وتأسيسه ” حزب البناء الوطني” الذي قرر مؤسسوه حله عشية انتخابات 2019 ودخلوا في مفاوضات مع رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي من أجل إعادة الالتحاق مجددا ب” الحركة الأم”.

الصحفي والكاتب كمال بن يونس التقى الاستاذ رياض الشعيبي وأجرى معه الحوار التالي لموقع عربي 21 حول مبررات عودته للنهضة في مرحلة كثرت فيها الانتقادات لقيادتها ، وسط أبناء عن عودة عدد من كوادرها القدامي بينهم حمادي الجبالي الامين العام السابق وأول رئيس حكومة تونسية بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011 :

· السؤال الذي يفرض نفسه منذ أن نشرت بلاغا عن عودتك الى النهضة ونشرت قيادتها في صفحتها الرسمية بلاغا يرحب بهذه العودة : لماذا هذا القرار؟ ولماذا الآن بالذات ؟

· الحوار انطلق بيني وبين الاستاذ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة منذ سنة ونصف..

كان مقررا أول الامر اندماج كوادر حزب البناء داخل النهضة ، وقد توصلنا إلى اتفاقات اولوية..

لكن الخطوة تعثرت وقتها بسبب ظروف موضوعية وظروف داخلية في حركة النهضة ..

عدنا إلى الحوار بدعوة من الاستاذ راشد الغنوشي في الربيع الماضي ..ثم قرر كوادر “حزب البناء الديمقراطي ” حل الحزب في صائفة 2019 عشية الانتخابات الرئاسية والتشريعية .

اصبح انضمام عشرات من كوادر حزب البناء السابقين ورئيس الحزب شخصيا الى النهضة قرارا فرديا ..

بعد حواراتنا توجه الاستاذ راشد في يونيو / حزيران عبر قناة تلفزية تونسية ( قناة نسمة ) بنداء علني إلى كل مناضلي حركة النهضة السابقين بالعودة الى العمل في صفوفها ..وهذا ما شجعني على متابعة سلسلة اجتماعات اسبوعية تقريبا مع الاستاذ راشد شملت قضايا فكرية وسياسية ..وكانت الحصيلة بيان حركة النهضة الذي اعلن عن عودتي وبلاغا اعلنت فيه عن قراري ، الذي يبرره حرصي على المساهمة في خدمة قضايا بلدي عبر حزب مؤثر انتميت اليه طويلا ، رغم بعض الخلافات التي تسببت في ابتعادي عنه حوالي 7 أعوام ..

الوضعية في البلاد وداخل النهضة تغيرت ..واعتقد أن فرص البناء والمساهمة في الإصلاح من داخل حزب مثل النهضة أفضل بكثير من الاستقلالية أو المراهنة على أحزاب صغيرة تأسست بعد الثورة وثبت أن دورها محدود جدا ..

عودة الى “بيت الطاعة “؟

· هل هي موجة عودة عدد من القياديين السابقين في حركة النهضة إلى ” بيت الطاعة “..بعد تجارب حزبية وسياسية خارجها على غرار ما حصل سابقا مع قيادة حزب الاصلاح والتنمية بزعامة محمد القوماني وبعض رفاقه ..وما يتردد عن عودة مرتقبة للامين العام السابق حمادي الجبالي ؟

+ بالنسبة للاستاذ حمادي الجبالي الامين العام السابق الذي عملنا معه في مواقع مختلفة قبل انسحابه أعتقد أن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي والسيد حمادي الجبالي شخصيا هما الأجدر بتوضيح هذه المسألة والاجابة عن تساؤلكم..

بالنسبة للصديق محمد القوماني ورفاقه في حزب الاصلاح والتنمية اعتقد أن الوضعية تختلف ، لأن أغلبهم خاض تجارب سياسية وحزبية كثيرة من بينها داخل الحزب الديمقراطي التقدمي مع السيد أحمد نجيب الشابي والمرحومة مية الجريبي ..الخ

كما خاض القوماني تجربة تأسيس حزب الاصلاح والتنمية مع نخبة من المناضلين السياسيين وشاركوا في الانتخابات باسم هذا الحزب ، وقد جمعتنا بعد 2013 مبادرات سياسية شارك في بعضها زعماء حزب المؤتمر من اجل الجمهورية التاريخي والاحزاب التي خرجت من رحمه ، مثل المنصف المرزوقي و محمد عبو وعبد الرؤوف العيادي ..

لكن القوماني التحق بالنهضة منذ 2017 مع بلقاسم حسن القيادي السابق في عدة احزاب قومية عربية ويسارية معتدلة ..وأعتقد ان مساره مختلف عن مساري لأني كنت قياديا في حركة الاتجاه الاسلامي ثم في حزب النهضة منذ حوالي 30 عاما ..ولم اغب عنها الا 7 أعوام ..

وفي كل الحالات فإن انفتاح قيادة النهضة على الخبرات والنخب من بين مناضليها السابقين أو من الأحزاب الاخرى مؤشر ايجابي ..

التخوفات من ” المنظومة القديمة “؟

+ السؤال الذي يفرض نفسه مجددا : لماذا نقدتم مع المنصف المرزوقي وأخرين المسار السياسي لحركة النهضة في 2013 وبعد انتخابات 2014 بعد مصالحتها مع الباجي قائد السبسي و حزب النداء ولماذا عدتم اليوم إلى صفوفها ؟

++ كانت لدينا تجارب في 2013 وبمناسية انتخابات 2014 مع رموز حزب المؤتمر السابقين مثل المصنف المرزوقي ورؤوف العيادي ومحمد عبو ..

كانت لدينا تخوفات من عودة المنظومة القديمة للحكم ومن هيمنة رموز نظام زين العابدين بن علي على البلاد بسبب تحالف النهضة مع الباجي قائد السبسي وحزبه ..لذلك دعمنا بقوة ترشيح المنصف المرزوقي في انتخابات 2014..

كما شاركنا بعد ذلك في تحركات ” المعارضة الراديكالية ” ونظمنا وقفات وتحركات احتجاجية مثل ” وين البترول “..الخ

لكننا منذ 2017 حسمنا موقفنا بعدم إعادة ترشيح المنصف المرزوقي وبالسير في اتجاه ” الواقعية “.

قيادة حزب “التيار الديمقراطي” نفسها اخذت مبكرا مسافة من المنصف المرزوقي ومن ” الحراك ” وبعض المقربين منه ..ونحن تميزنا عنهم جميعا وسرنا في اتجاه اكثر واقعية وبراغماتية وعقلانية وابتعدنا عن الأحزاب التي كنا نصفها ب” الثورية ” ..

* لماذا ؟

++ تجربة العمل المشترك مع اصدقائنا في الاحزاب” الثورية ” تمثلت أساسا في سلسلة من الاجتماعات الدورية ..

لكننا توجناها برسالة في موفى 2014 بعثنا بها الى السادة المنصف المرزوقي زعيم ” الحراك ” ورؤوف العيادي زعيم حزب ” الوفاء” ومحمد عبو زعيم “التيار”…وأعلمناهم بأننا لا يمكن أن نواصل العمل المشترك لاسباب عديدة من بينها أننا اكتشفنا أننا نختلف في ثقافتنا السياسية وليس في بعض المواقف فقط ..

الخلاف مع ” الراديكاليين “؟

· حول ماذا اختلفتم أساسا ؟

++ أعلمناهم أننا نؤمن مثلهم بمقولات الثورة والتغيير..لكننا مع التغيير الحقيقي والعقلاني والاصلاحي ..ولم نكن متحمسين الى الراديكالية التي تصل الى العدمية ..فاعددنا رسالة تؤكد التميزعنهم وعن بعض خياراتهم ومواقفهم ..

* بعد مغادرتكم النهضة كانت لديكم مبادرة مشتركة اخرى مع السادة حمادي الجبالي ولطفي المرايحي ومصطفي بن جعفر و محمد عبوومحمد القوماني قبل التحاقه بالنهضة ..

++ فعلا شاركنا في عدة مبادرات بين أحزاب وشخصيات ..وكان من بين أهدافنا التحضير لانتخابات 2019..لكننا اقتنعنا أن الأسلم إعادة فتح حوار مع قيادة حركة النهضة ..

بعد أعوام

** السؤال الذي يفرض نفسه : لماذا عدت إلى حركة اختلفت مع قيادتها قبل 7 أعوام وانتقدتها في وسائل الاعلام في مرحلة من المراحل؟

++السياق السياسي للبلاد ولحركة النهضة تغير ما بين 2013 و2020.. واعتقد أن الديمقراطية التونسية سوف تنتصر رغم كثير من الثغرات والنقائص والصعوبات ورغم فشل النخب السياسية في تحقيق المطالب الاجتماعية والاقتصادية التي رفعها شباب ثورة 2010-2011..

الاوضاع تغيرت وطنيا ودوليا..وستتغير لصالح انصار الاصلاح والتغيير بعد الانتخابات الامريكية القادمة ..وخاصة في صورة فشل دونالد ترامب ..

اتضح اليوم ان اغلب التشكيلات الحزبية التي تشكلت بعد الثورة تعثرت ومحدودة التأثير في المشهد السياسي ..وان الكيانات التي صمدت هي تلك التي تاسست قبل الثورة ..

ليس هناك شكل اخر للعمل السياسي غير العمل الحزبي ..مع نقائصه ..

من جهة اخرى نسجل أن البلاد لا تزال لم تحقق الاستقرار السياسي ومازالت في مرحلة بناء ..والاحزاب في مرحلة تشكل ..بما في ذلك النهضة ..

النهضة تعيش انتقالا مهما ..ظاهريا يبدو ساكنا ..

ونعقتد أن الانتقال قي المرحلة القادمة قد يكون اعمق ..ومن المفيد المساهمة قي هذا الانتقال ..وصياغة برامج ..

تجارب حركة النهضة فيها مراكمة رغم نقائصها ..وقد قررنا أن ننخرط في هذا الجهد..

والمجال مفتوح بالنسبة للاخوة في حزب البناء المنحل ولكل المناضلين السابقين في النهضة الذين يريديون الالتحاق بها مجددا مثلما ورد في حوار الاستاذ راشد الغنوشي مع قناة نسمة التلفزية في يونيو / حزيران الماضي ..

قصتي مع النهضة

· لماذا انتصرت لتجربتك مع النهضة على تجارب أخرى ؟.

++ علاقتي بالنهضة قديمة وتعود الى الحركة التلمذية في1984 ثم الى الحركة الطلابية الجامعة 1989

عندما كنت طالب فلسفة في كلية الاداب في القيروان..

وقد حكومت في السنة الثانية في الجامعة وسجنت لمدة عام ونصف ..ثم انتقلت الى شعبة الفلسفة في كلية الاداب والعلوم الانسانية في 9 افريل في العاصمة ..

لكن بعد مدة قصيرة اي في 1995 اثيرت ضدي قضية “إعادة بناء تنظيم النهضة السري” فبقيت في حالة فرار لمدة 3 سنوات فرار ثم اعتقلت وقضيت 3 اعوام سجنا …ضمن قضايا مساجين حركة النهضة .

عدت الى شعبة الفسلفة في 2000 وحصلت الى الاجازة في 2004..

ثم عدنا في 2004-2005 الى إعادة بناء تنظيم حركة النهضة رفقة بعض القياديين مثل الاساتذة صالح بن عبد الله البوغانمي وسمير ديلو وكمال الحجام ونور الدين البحيري ..

وتعزز الفريق بعد الافراج عن قياديين بارزين مثل الاخوة الصحبي عتيق ورضا السعبيدي وحمادي الجبالي وعلي العريض و..ما بين 2005 و2010.

ورغم حصولي على شهادة الماجستير في الفلسفة عام 2007 طردت مجددا من التدريس في معهد الناظور في زغوان في 2010..بسبب تقارير امنية كشفتها لي وزارة التربية في عهد الطيب البكوش بعد الثورة والتي قررت إعادة ادماجي ضمن طاقم اساتذة الفلسفة ..

بعد الثورة مباشرة استانفت التدريس وكنت عضوا في مجلس الشورى الاول الذي كان يضم 19 عضوا واسندت رئاسته الى الصحبي عتيق .

وكنت في الهيئة التأسيسية الاولى لحزب حركة النهضة التي تضم 27 شخصية برئاسة الاخ علي العريض ..كما كنت عضوا في مكتب المجلس الذي يضم 6 شخصيات..كان مكتبنا برئاسة علي العريض يعمل الى جانب المكتب التنفيذي الذي يضم رئيس الحركة والامين العام حمادي الجبالي وقياديين اخرين ..

بعد فترة وجيزة أسسنا ” مكتب الكوادر” الذي انفتح على كل الكوادر التونسية القريبة من حركة النهضة ..وقد اشرفت عليه قم وقع انتخابي رئيسا للجنة التحضيرية للمؤتمر التاسع ( 2012)..وساهمت مع نخبة من الاخوة في انجاح المؤتمر ..

مشاريع الاصلاح ؟

· لكن عودتك اليوم الى حركة النهضة ، وربما إلى قيادتها ، مع قياديين سابقين قد تفسر من قبل المراقبين بكونها ” محاولة لتهميش عريضة المائة قيادي ” الذين أصدروا مؤخرا لائحة مطولة وللعرائض التي صدرت قبل ذلك ووجهت انتقادات الى بعض مستشاري رئيس الحركة و” بعض المتنفذين ” حوله الذين يتهمون بتعطيل خطة الاصلاح التي ناقشها المؤتمران التاسع والعاشرفي 2012 ثم في 2016..

** الخيارات كثيرة أمام حركة النهضة منذ مدة طويلة ..وهناك من يدعم تسييرها بطريقة أقرب الى “النظام الرئاسي”..يما يعني اعطاء صلاحيات واسعة لرئيس الحركة ول”مؤسسة رئاسة الحركة “..

وهذا الخيار كان مقبولا في مرحلة السرية ..

الخيار الثاني الذي ازداد انصاره بعد الثورة اقرب الى “النظام البرلماني والقيادة الجماعية” ..واذا سلمنا أن “رئيس الحركة مؤسسة بذاته ” فإن ..التحدي هو احداث التوازن بين دور مؤسسات المكتب التنفيذي ومجلس الشورى أو برلمان الحركة ..

هذا الحوار ليس جديدا وكان محور نقاش وخلاف داخل المؤتمرين التاسع والعاشر..

هناك وجهات نظر مختلفة ومحترمة ..

وفي كل الحالات فإن رئيس المكتب التنفيذي ورئيس الحركة ليس لديه قرارسيادي داخل المكتب بل تتخذ القرارات بالتشاور..

الان برزت اولويات اخرى طرحتها لوائح داخلية من بينها “لائحة المائة” ..

واعتقد أنه عندما تبرز خلافات فإن كل طرف يمكن ان يقدم حججا ..وقراءات وتاوليات ..من نص ” الوحدة والتجديد” الذي وقعها 14 شخصية في الربيع الماضي ثم وثيقة المائة ..حول ” التداول والتمديد ” ..

في المقابل هناك من يعتبر ان الخلاف حول شخصية رئيس الحركة ثانوي مقارنة بالخلافات حول مستقبل المؤسسات ..واصلاحها واحتمال تكليف مكتب تنفيذي جديد يضم شخصيات اعتبارية بصلاحيات واسعة ..

سيناريو الانقسام ؟

· ما هو رأيكم في وجهة النظر التي تحذر من سيناريو الانقسام والانشقاقات داخل النهضة على غرار ماجرى في بقية الأحزاب التونسية والعربية وخاصة في الأحزاب الايديولوجية؟

++ يمكن تجنب سيناريوهات الانشقاق والتصدع

إذا سلمنا ب3 مبادئ :

– أولا : كل مشاريع الاصلاح يمكن أن تناقش مادام ليس هناك طرف يقول انه ضد الديمقراطية والاحتكام اليها .

– ثانيا : فض المشاكل الداخلية داخل المؤسسات وتجنب الكشف عنها لوسائل الاعلام .. لأن ردود الفعل تكون عكسية من قبل غالبية كوادر الحركة ومناضليها في تلك الحالة ..

– ثالثا : في كل حزب يبقى الحوارالالية المثلى لحل الخلافات ..بعيدا عن كل أشكال المغالبة والتهديد ..

صحيح أن هناك انقسام داخل النهضة حول مستقبل راشد الغنوشي ودور مؤسسات الحركة بعد المؤتمر القادم لكن هذه القضية الخلافية يمكن حسمها عبر الحوار وحلول توافقية بعيدا عن كل صيغ المغالبة ..

صحيح أن البعض داخل “مجموعة المائة” ليس راضيا على تركيبة لجنتي الاعداد المادي والمضموني ..

لكن ” تصدير الخلاف الداخلي ” الى وسائل الاعلام قد يعني ترجيح خيار ” المغالبة “..بينما يمكن للحوار ان يؤدي الى توافقات جديدة واستبعاد التصدع والصدام بين “منتصرين” و”منهزمين” ..

التفاؤل مطلوب .. والعالم يتطلع الى المتغيرات الاقليمية والدولية بعد مؤشرات الانفراج السياسي في ليبيا وعودة الحراك الشعبي في عدة دول عربية ..وبعد الانتخابات الامريكية التي يؤمل أن ينتصر فيها أعداء الغلو والتطرف ..


كمال بن يونس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *