خطاب محمود عباس في الأمم المتحدة ؛ خطوة إلى الأمام لكنها فشل في التنفيذ

صفقة القرن أو أي جزء منها لا ينبغي ان تكون مرجعية دولية للتفاوض كونها صفقة أميركية-إسرائيلية استباقية جاءت لتصفية القضية الفلسطينية. لن تجلب الأمن والسلام للمنطقة.

خطاب محمود عباس في الأمم المتحدة ؛ خطوة إلى الأمام لكنها فشل في التنفيذ

كانت هذه التصريحات جزءا من خطاب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في اجتماع لمجلس الأمن الدولي. حي كان يتحدث في اجتماع خصص لمناقشة خطة الولايات المتحدة الامريكية الأحادية الجانب المسماة بـ”صفقة القرن” ، فلقد أكد عباس على المعارضة الشديدة والواسعة لصفقة القرن بسبب أحاديتها وتعارضها مع القانون الدولي والقرارات الدولية المتعلقة بفلسطين.

واكد عباس ان صفقة القرن ألغت مطالب الشعب الفلسطيني في حقه المشروع في نيل حريته واستقلاله في دولته، وشرعت ما هو غير قانوني من استيطان ومصادرة الأراضي وضم للأراضي الفلسطينية.

كما اكد ابو مازن على نهج التسوية وزعم ان ” السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين ما زل ممكناً”. ونوه في تصريحات غريبة الى أن مضمون صفقة القرن ليس الذي يؤمن به ترامب. ووصف مقاومة الاحتلال بأنه عنف وإرهاب، وقال:”نحن نؤمن بالسلام ولن نلجأ أبدًا إلى العنف والإرهاب”.

واكد رئيس السلطة الفلسطينية على استمرار نهج التسوية، وقال، “بمجرد أن أجد شريكًا للسلام في إسرائيل (الأراضي المحتلة) يؤمن بالسلام تحت رعاية اللجنة الرباعية.

معارضة ليست بالقوية جداً

لاقت تصريحات محمود عباس ردود فعل متباينة. خاصة التيارات الفلسطينية التي لم ترحب بهذه التصريحات فحسب ، بل كانت تتوقع أيضاً أن يتخذ عباس موقفا أقوى بوصفه رئيساً للسلطة الفلسطينية.

في الحقيقة، كما أكد محمود عباس ان صفقة القرن هي خطة أمريكية – إسرائيلية اعدت من جانب واحد ولصالح إسرائيل، وفيها تم تجاهل ابسط حقوق الشعب الفلسطيني المنصوص عليها في قرارات الأمم المتحدة. وبالتأكيد هضمت العديد من حقوق الشعب الفلسطيني. في الواقع ، تم اعداد صفقة القرن فقط على أساس احتياجات إسرائيل ورغباتها.

إن السبب وراء معارضة أبو مازن لصفقة القرن ، في الواقع – كما أشار هو نفسه- هو المعارضة الفلسطينية والإقليمية والعالمية الواسعة لها، ووصول المجتمع الفلسطيني إلى ذروة الانفجار فمن الطبيعي ان لا تتمكن السلطة الفلسطينية السيطرة على الوضع. إن عدم سيطرة السلطة الفلسطينية على الوضع في المجتمع الفلسطيني يعني في الواقع إنهاء حياة السلطة الفلسطينية وتعزيز مواقف حركة المقاومة الفلسطينية.

يبدو ان أبو مازن قد عارض في خطابه صفقة القرن الموقف الذي قد يكون خيارا لا مفر منه واجبارياً ناجم عن ضغط الرأي العام الفلسطيني ، وحاول إلى حد ما من خلال الاعلان عن الاستعداد لبدء مباحثات مع الجانب الإسرائيلي تحت رعاية اللجنة الرباعية والأمم المتحدة لتخليص نفسه من ضغوط الولايات المتحدة الأمريكية.

لكن على أي حال، إن معارضة صفقة القرن والاعتراف بأن جميع المشاريع السابقة قد حُكم عليها بالفشل بسبب أداء الحكومات الصهيونية وخاصة الحكومة الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو ولم تحقق العدالة للفلسطينيين على الأقل، هي خطوة إيجابية من جانب محمود عباس واعتراف مؤلم ولكنه متأخر للغاية بالنسبة للشعب الفلسطيني.

يبدو أن محمود عباس يحاول أن يظهر نفسه متفائلاً بالحل السياسي أي مفاوضات التسوية، بينما يعترف أن الحل السياسي ومفاوضات التسوية لم تحقق حتى الآن اي نجاح يُذكر. لم تتمكن اللجنة الرباعية والأمم المتحدة حتى الآن من اتخاذ خطوة إيجابية في اتجاه تحقيق القرارات الدولية ، و الكيان الصهيوني يتجهل فعلياً جميع القرارات الدولية ، وعملية إصدار القرارات تظهر ايضاً التراجع المتكرر للأمم المتحدة امام المطالب الإسرائيلية.

التوقعات العملية من محمود عباس

لا يتوقع أن تسفر الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن عن أي نتائج خاصة، وأن فشل هذه الجلسة سيكون فرصة للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل لمواصلة متابعة سياستهما الأحادية الجانب بشأن القضية الفلسطينية وفي نهاية المطاف وضع الأمم المتحدة امام الامر الواقع. لذلك، كان يتوقع من محمود عباس على الأقل التحدث بقوة وحزم ضد الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وصفقة القرن الخطيرة.

كان توقعاً طبيعياً بأن يهدد ابو مازن في هذا الخطاب بالانسحاب من اتفاق أوسلو. الاتفاق الميت بسبب أداء إسرائيل – كما أشار هو بنفسه. أو كان يعلن صراحةً نهاية التعاون الأمني مع إسرائيل. وكذلك الحديث عن توجه الشعب الفلسطيني لنهج المعارضة المسلحة والمقاومة خاصة في الضفة الغربية.

المجتمع الفلسطيني، كما أشار محمود عباس، قد وصل إلى ذروة الانفجار، حيث تعتبر التحركات خلال الأسبوعين الماضيين علامة فارقة مهمة في هذا الصدد ، لذلك كان ينبغي له أن يستفيد من هذه التطورات لتحقيق أهداف المجتمع الفلسطيني.

يبدو أن عباس يرفض بشكل أساسي حل احل غير الحل السياسي انطلاقاً من التوصيف الذي وصفه، لذلك يواصل التصرف وفق السياق السابق مع الاعتراف بأنه لم يحقق أي نتيجة. بينما تشير استطلاعات الرأي إلى أن أكثر من ثلثي الفلسطينيين في الضفة الغربية يطالبون بالكفاح المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي، ومما لا شك فيه أن محمود عباس يمكنه من خلال إعادة النظر في سياساته وعبر قيادة المجتمع الفلسطيني يمكنه ايصال رغبة المجتمع الفلسطيني إلى مبتغاها في الكفاح ضد الاحتلال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *