“حرب الإبادة ” الجديدة في فلسطين المحتلة : نتائج أمنية ..ونتائج سياسية وثقافية خطيرة جدا.. بقلم كمال بن يونس

عندما تتحرك حاملات الطائرات ، وبينها حاملة طائرات معدة للحروب النووية واسلحة الدمار الشامل ، نحو سواحل فلسطين المحتلة غير بعيد عن ” سجن كبير” مساحته 300 كلم مربع ( حوالي نصف مساحة جزيرة جربة ) يتكدس فيه مليونان من المدنيين ، تطرح تساؤلات جدية على كل المختصين في الشؤون الدولية والمتغيرات الجيو استراتيجية ..

فهل يحتاج دعم جيش الاحتلال الذي يمتلك اسلحة دمار شامل فرنسية والمانية وبريطانية وامركية منذ عقود إلى ” حاملات طائرات ” وإلى زيارات عدد من أبرز رؤساء الدول والحكومات في اوربا وامريكا ؟

واذا كانت ” الثغرات الامنية ” داخل مؤسسات الجيش الاسرائيلي يوم 7 اكتوبر الماضي تاريخية وتستوجب محاسبة المسؤولين العسكريين والسياسيين عنها ، بدءا برئيس الحكومة ناتينياهو ووزرائه المتطرفين الذي يصفون العرب والفلسطينيين ب” الحيوانات” و” الوحوش ” ، فما هو مبرر ” عسكرة المنطقة ” بشكل غير مسبوق ؟

حاملات طائرات ؟

هل تحتاج قوت الاحتلال الى ” حاملات طائرات ” لقتل مزيد من الصحفيين والاطباء الاطفال والنساء والمدنيين وموظفي الأمم المتحدة وقصف مزيد من المستشفيات والمدارس والكنائس وسيارات الاسعاف ومخيمات اللاجئين؟

قطعا لا ..

لماذا كل هذه التعبئة اذن رغم ” نجاح ” قوات الامن والجيش التابعة حسب القانون الدولي للمحتل في تدمير الاف المساكن والمحلات التجارية ومحلات الخدمات وفي قصف المترجلين وراكبي السيارات اثناء تنقلاتهم ليلا ونهارا بين ” شمال قطاع غزة وجنوبه ” تنفيذا لاوامر جيش الاحتلال ؟

هل الهدف هو فعلا ” ارهاب ” الاطراف التي تدعم المقاومة الوطنية الفلسطينية واللبنانية ماديا وعسكريا أو سياسيا واعلاميا بدءا من حزب الله اللبناني وايران والعراق واليمن وسوريا وجزئيا تركيا وقطروالجزائر والمجتمع المدني في مصر والاردن وشمال افريقيا؟

حسب التقارير الجييو استرايتجية ومقالات في الصحافة الامريكية والاوربية والاسرائيلية يبدو ان المسألة اخطر بكثير ..لأن المعركة ليست فقط حول الاراضي المحتلة في 1967 في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية والجولان السوري ولبنان والاردن ..

الانتخابات الامريكية

مؤشرات عديدة تؤكد أن الرئيس الامريكي المنتهية ولايته بايدن وفريقه يريدان توظيف الحرب الحالية لمحاولة كسب دعم لوبيات السلاح والمال والاعلام واللوبي الصهيوني في امريكا وخارجها لمحاولة كسب الانتخابات القادمة ،خاصة بعد ان تراكمت الملفات الامنية والاخلاقية والقضائية لابنه ولعدد من المحسوبين عليه ، وبينها قضية المخدرات الثقيلة والاسلحة التي اتهم بها ابنه ..

لكن الاهم من هذا يبدو أن بعض ” اللوبيات ” في بلدان الحلف الاطلسي ” تريد أن تستغل الحرب الحالية لمحاولة تجسيم مخططها القديم الجديد حول ” تغيير خارطة المنطقة ” و” تقسيم مزيد من الدول العربية والاسيوية والافريقية ” تحت يافطات عديدة ترفع منذ شن حروب الخليج وأفغانستان وليبيا وسوريا قبل أكثر من ثلاثين عاما ثم في 2001 و 2003 وبعد ” ثورات 2011 “؟

نجاح عسكري وفشل سياسي

لكن الجميع يعلم أن واشنطن وحلفاءها كسبوا كل تلك الحروب عسكريا ..لكن النتائج الامنية والسياسية والثقافية والاخلاقية كانت مغايرة تماما للاهداف التي اعلن عنها بوش الاب وبوش الابن وطوني بلير ثم بايدن وفريقه ..

لقد سقطت حكومات طالبان في افغانستان وصدام حسين في العراق ومعمر القذافي في ليبيا وعلي عبد الله صالح في اليمن وضعف تأثير حكم بشار الاسد في سوريا ولبنان ..لكن قوات واشنطن والحلف الاطلسي هربت مرارا من المنطقة ..بما في ذلك من افغانستان والعراق ..

وسلمت هذه البلدان الى قيادات سياسية وعسكرية كانت دوما اقرب الى خصوم واشنطن والغرب من بينها طهران وقيادات “المقاومة الفسلطينية واللبنانية ” والاحزاب والاطراف السياسية ” القومية العروبية والاسلامية والوطنية “..

انتعاش التطرف والحركات الراديكالية

بل حصلت في بعض الدول ، بسبب غلطات قوات بعض الدول الغربية والحلف الاطلسي وساسته ، انتكاسات ثقافية واعلامية ومعرفية ، فانتعش التشدد والغلو وفكر ” المجموعات الراديكالية ” . وعلى الصعيد الشعبي تراجع تاثير المجتمع المدني ” الحداثي ” وانصار ” التيار العقلاني” لصالح الفكر السلفي والخطاب الديني التقليدي ..في نفس الوقت الذي انتعشت فيه تجارة المخدرات وعصابات التهريب للمواد المصنعة في الصين والهند والبلدان الاسيوية التي دخلت منذ عقود في سباق ضد الصناعات في الدول الاوربية وامريكا واليابان ..

ما هو المخرج من هذه الورطة اذن ؟

الدراسات الجيو استراتيجية التي تزخر بها مؤسسات الدراسات الرسمية الامريكية والاوربية والعالمية تؤكد أن العالم في حاجة فعلا الى نظام دولي وانظمة اقيليمة جديدة ..

لكن لا يمك فرض التغييرات على خارطة العالم عموما وخارطة العالم العربي الاسلامي خاصة بمجرد تكديس مزيد من الاسلحة وحاملات الطائرات في البحر الابيض المتوسط والخليج او في بحر الصين ومنطقة وسط اسيا ..

الحلول العسكرية والامنية قد تنجح مؤقتا ..

لكن نتيجتها قد تكون عكسية وخطيرة جدا ..اذا لم تقع تسوية الاسباب العميقة للتوترات والحروب في العالم وفي المنطقة انطلاقا من قرارات الامم المتحدة التي تعتبر ان كل الاراضي التي احتلتها تل ابيب بفي حرب 1967 ” اراض محتلة ” ..بما فيها مدينة القدس وكامل الضفة الغربية وقطاع غزة الفلسطيني والجولان السوري وبقية الاراضي المحتلة في الاردن ولبنان ..

فهل تعطى الكلمة للسياسيين والحكماء قبل فوات الاوان أم ينتصر منطق الاقصاء والاقصاء المضاد والساسة المتطرفين الذين لايتورعون في وصف مئات ملايين العرب و12 مليونا من الفلسطينيين عام 2023 بكونهم ” حيوانات بشرية “؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *