جدل حول اتفاقية ‘الأليكا’ … هل تصمد تونس أمام اقتصاد أوروبا؟

مغرب نيوز- عزيزة بن عمر

كثر الحديث في الفترة الأخيرة عن مفاوضات تونس مع الاتحاد الأوروبي بخصوص اتفاقية التبادل الحر و المعمق مع الاتحاد الأوروبي “الآليكا” .

الاتفاقية تواجه انتقادات واسعة من قبل منظمات المجتمع المدني و القوى السياسية المعارضة خاصة من الاتحاد الوطني للفلاحة و الصيد البحري و عدد من الهياكل المهنية.

و يخشى منتقدو هذا الاتفاق خصوصا تفاقم العجز التجاري التونسي الكبير أصلا، ومستوى تهرب ضريبي كبير والمنافسة غير المشروعة للمنتجين الصناعيين والزراعة الأوروبية خصوصا في مجالات الحبوب والحليب واللحوم، بينما تؤكد حكومة الشاهد أنها لن توقع اتفاقا لا يتماشى مع مصلحة البلاد

نعمان العشّ : نحن نفاوض حول إتفاقية الأليكا ولكننا لم نهيّئ فلاحتنا لتكون لها القدرة التنافسية في هذا المجال

مصلحة تونس

وتعقيبا على الجدل الدائر بسبب اتفاقية الأليكا، أكد رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، الأحد، أنّه لا يوجد أي اتفاق أو إجراء نهائي بخصوص “اتفاقية الأليكا” التي تجمع بين تونس والاتحاد الأوروبي.

والأليكا هي اختصار لمشروع اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق بين تونس وأوروبا.

وقال الشاهد، في كلمة له الأحد “لن يقع إمضاء أي اتفاق لا يحافظ على مصلحة تونس وعلى مصلحة الفلاحين والبحارة”.

وانتقد رئيس الحكومة التونسية ما وصفها بالمزايدات قائلا “نحن في الدفاع عن سيادة الوطن لا نأخذ دروسا من أحد، وقد أثبتنا ذلك بالممارسة”، مزضحا أنّ “المفاوضات ما زالت في مستوى الشروط و المبادئ العامة و إحصائيات لمستوى التجارة المتبادلة”.

و أضاف الشاهد أنّ أيّ اتفاق بهذا الخصوص “لا بدّ له أن يأخذ بعين الاعتبار الفارق التنموي بين الجانبين ومبدأ التدرّج، وأن يتضمّن حزمة واضحة من الإجراءات المصاحبة لهذا التمشي نظرا لحاجة قطاع الفلاحة والصيد البحري إلى الدعم والمساندة المالية في عديد المجالات”

اقتصاد غير جاهز

و يرى خبراء اقتصاديون أن الاقتصاد التونسي لن يكون قادرا على منافسة اقتصاديات أوروبية تتمتع بالاستقرار.

و في هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي، عزالدين سعيدان “لمغرب نيوز” إن “الاقتصاد التونسي لا يزال في مرحلة التعافي وغير جاهز في الوقت الراهن لمنافسة الاقتصاد الأوروبي القوي”.

و يشير سعيدان إلى أن اتفاق الأليكا سيلغي جميع الضرائب المفروضة على المنتجات الزراعية و البحرية و الخدمات، ما يعني تبادلا تجاريا حرا بين الطرفين الأوروبي و التونسي.

و من منظور الخبير الاقتصادي فإن “الأليكا ستسهم في تدمير قطاع الزراعة الذي يمثل نحو 10 في المئة من الناتح المحلي، بالنظر إلى المصاعب التي يعيشها الفلاح التونسي”.

وحسب المتحدث ذاته فإن “الزراعة المحلية تعتمد على أساليب عمل بدائية مقارنة بالزراعات الأوروبية، كما لم يتم بعد دمج الزراعة بالتكنولوجيات الجديدة، ما يجعل الحظوظ غير متوازنة بين الطرفين”

“إلغاء الضرائب بين الجانبين سيؤدي إلى إغراق السوق التونسية بالمنتجات الأوروبية، مقابل إفلاس الفلاحين المحليين وبالتالي ضرب قطاع حيوي ساهم بشكل كبير في الحفاظ على الاقتصاد التونسي في السنوات الأخيرة”.

في المقابل، يشير المتحدث ذاته إلى أن “توقيع الاتفاقية بعد استرجاع الاقتصاد التونسي لعافيته سيسمح للمنتجين التونسيين بالولوج إلى سوق يضم 500 مليون مستهلك”.

كما ستساهم هذه الاتفاقية في “تسريع المصادقة على تشريعات جديدة تساعد على تحسين مناخ الاستثمار في البلاد” يستطرد سعيدان.

عبد المجيد الزار : الاتحاد معترض على الاتفاقية بصيغتها الحالية

و قال رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة و الصيد البحري،عبد المجيد الزار إن الاتّحاد اعترض على توقيع اتفاقية التبادل الحر و المعمق مع الاتحاد الأوروبي “الآليكا” بصيغتها الحالية نظرا لوجود العديد من الإشكاليات فيها.و أفاد في تصريح ” لمغرب نيوز” إن الفلاّح الأوروبي مدعّم بإمكانيات فنيّة تضاهي أضعاف ميزانية تونس و مستفيد أكثر من الفلاّح التّونسي، و لا يمكن لهذا الأخير أن يتنافس مع نظيره الأوروبي نظرا للتّفاوت في الامتيازات.
و بيّن الزار أن أوروبا بصفة عامة تتميّز بالإنتاج الدّاخلي للموارد الفلاحيّة، بينما تونس معظمها قائمة على التّوريد، مبيّنا أنّ الفلاّح الأوروبي قادر أن يأتي لتونس و يتنقّل بكل حريّة ويكتشف الموارد الفلاحية، بينما الفلاح التونسي يجب أن يتحصّل أوّلا على “الفيزا”.
ونظرا لهذه الفوارق و التفاوت في الإمكانيات، أكّد الزار أن الاتّحاد طالب بإعادة تأهيل للقطاع الفلاحي و العاملين فيه، للوصول إلى نفس القدرة التّنافسيّة مع الاتّحاد الأوروبي، للحديث في توقيع الاتّفاقيّة.

إدارة الملف

من جانبه قال رئيس كتلة الولاء للوطن في البرلمان رياض جعيدان، الأربعاء، إن “الآليكا ليس لها أي معنى في قاموس مجلس نواب الشعب”.
وافاد في تصريح إذاعي أن المجلس مغيب تماما عن هذه الاتفاقية و أنهم يأخذون المعلومة في ظروف صعبة جدا، وفق تعبيره.
و أشار جعيدان إلى انه تم إمضاء اتفاقية أدوية مع الاتحاد الاوروبي بمقتضاها تكون أسعار الأدوية مثيلة للأسعار في اوروبا، حسب قوله.
وشدد بان مجلس نواب الشعب ليس له أي رقابة على الاتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي، متابعا القول:”نحنا نتبعوا أكهو”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *