تعدد المبادرات يعطل الحراك الإقليمي لتسوية الأزمة الليبية

أرغم تنافس القوى الكبرى على التموقع في المشهد الليبي وعودة تعدد الوساطات الدولية إلى الواجهة على «فرملة» الحراك الإقليمي لوقف إطلاق النار بمحيط العاصمة طرابلس، بينما كانت التحذيرات الأممية من دخول البلاد أتون حرب أهلية كافية للاستنفار على الحدود الجزائرية وتزايد ضغوط دول الساحل لفرض حل سياسي.

وبدا الموقف الدولي بثقل أميركي متغيرًا مؤخرًا، ما عزز من إمكانية أن يدفع بشكل سريع لوقف حرب العاصمة أمام تحرك سفير واشنطن، ودعوة الدول السبع الكبرى لمؤتمر دولي حول ليبيا، وتحذير الأمين العام للأمم المتحدة من حرب أهلية، وتصريح المبعوث الأممي مؤخراً بأن سبب الوضع الحالي هو الدعم الخارجي.

وفي وقت يرتقب أن تحتضن العاصمة الألمانية برلين المؤتمر الدولي المرتقب حول ليبيا، تشدد الدول الكبرى على ضرورة مشاركة الأطراف الإقليمية ودول جوار، في المؤتمر الدولي حول ليبيا، بينما يثير تهميش عقد مؤتمر ليبي – ليبي للأطراف الليبية أولاً حفيظة أطراف سياسية.

دول الجوار تفقد تأثيرها
ولا تترك كثرة المبادرات وتعدد الوساطات لأهداف استراتيجية لدول الجوار الليبي سوى دور هامشي أفقدها تأثيرها في حل الأزمة بالطرق السلمية لصالح قوى خارجية، جعلها تشكو من التدخلات الأجنبية وتنحو إلى مزيد من إجراءات صد الخطر القادم من حدودها.

وكثف رئيس أركان الجيش الجزائري من زياراته خلال الأشهر الأخيرة، كان آخرها هذا الأسبوع، إلى المنطقة الحدودية مع ليبيا في ورقلة وجانت أكبر وأغنى حقول النفط ومنشآت الغاز بالصحراء الجزائرية.

وكون بلاده تمر بمرحلة انتقالية حساسة منذ 22 فبراير الماضي أدت إلى تنحية الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، ألقى رئيس أركان الجيش الجزائري، أحمد قايد صالح، كلمة خلال زيارته ورقلة أمس الثلاثاء تستعجل إجراء الانتخابات الرئاسية، ورفضه أي تدخل خارجي في الأزمة السياسية.

ويترجم تصريح رئيس الحكومة الجزائرية، نور الدين بدوي، قبلها في مؤتمر طوكيو للتنمية في أفريقيا عن سبب دعم بلاده جهود إعادة الاستقرار إلى ليبيا تلك الهواجس الأمنية، مؤكدًا أن دعم هذه المقاربة «تفرضها التهديدات التي تعترض الأمن والاستقرار في المنطقة» مشيرًا إلى أن «مواجهة هذه التهديدات لا يمكن أن تكون من وجهة نظر الجزائر إلا جماعيًا وبشكل تضامني».

وأشار الوزير الجزائري إلى عمل بلاده على «دعم السلم في ليبيا من خلال جهود مكثفة لتقريب مواقف الأخوة الليبيين في سبيل تسوية سياسية دائمة للأزمة» في بلادهم.

وتنحو تونس التي تعرضت لهجمة إرهابية عند حدودها مع الجزائر، الأحد الماضي، إلى التحذير من «الملف الليبي وتداعياته المباشرة على تونس» وفق ما جاء على لسان وزير الشؤون الخارجية خميس الجهيناوي، خلال زيارة العمل إلى لاهاي يوم 2 سبتمبر.

وقبل أيام من موعد انتخابات الرئاسة، دخل المرشحون في منافسة حامية نقلت وعودًا بتنظيم أول زيارة إلى ليبيا في حال الفوز بكرسي قرطاج على حد قول المرشح للرئاسة وأمين عام حزب التيار الديمقراطي محمد عبو، في حين تعهد آخرون بالتقرب أكثر من الأطراف الليبية في شرق البلاد.

وفي المقابل، سعت دول الساحل الأفريقي إلى حشد دعم دولي من اليابان دون أن تبادر لحل الأزمة الليبية كونها أول المتضررين، عندما انعقد مؤتمر طوكيو حول التنمية في أفريقيا، حيث شكا رئيس النيجر محمد إيسوفو من الوضع بحوض بحيرة تشاد وليبيا والصومال، معتبرًا أن «هذه الصراعات، إن لم يتم حلها في الوقت المناسب، يمكن أن تقوض آفاق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في القارة».

كشف شبكة تبدأ في ليبيا وتعبر الساحل
في مواجهة كل هذه التهديدات يدعو إيسوفو أولاً إلى «حل المشكلة الليبية عاجلًا من خلال استعادة الدولة في ليبيا» يليها تنفيذ برامج تنمية المناطق الهشة لمكافحة الفقر والجهل.

وأيد رئيس مالي إبراهيم بوبكر كيتا، جارته النيجر زاعمًا أن الوضع في ليبيا «شوكة في موطئ قدم» لبعض البلدان الأفريقية، ولا سيما في منطقة الساحل، التي تواجه العنف.

بالنسبة للرئيس كيتا «من الواضح أن ليبيا، هذا البلد الشقيق والصديق، الذي أصبح في الجنوب سوقًا مفتوحًا للأسلحة الأكثر تطوراً، يلقي أدوات الكراهية والعنف والحرب في بلادنا، خاصة النيجر ومالي».

وقال إبراهيم بوبكر كيتا: «هذا العنف يعبر بوركينا فاسو للوصول إلى بلد كان يعتقد أنه آمن، بنين. لذلك هناك قلق اليوم لجميع الدول لإيجاد حل لقضية السلام والعنف والإرهاب في منطقة الساحل». داعيًا في هذا الصدد إلى تعبئة الموارد اللازمة لجعل قوات الساحل الخمس العسكرية «عملية أكثر».

ودعم حجج الرئيس كيتا نظيره البوركينابي روش مارك كريستيان كابوري حين : «إن ليبيا جرح خطير لمنطقة الساحل، فمن المهم إيجاد حل سياسي للوضع في هذا البلد».

وافتكت دول جنوب الصحراء الكبرى المجاورة لليبيا موافقة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بأن تتولى المنظمة الدولية تمويل قوة الساحل الأفريقية لمكافحة الإرهاب، التي شكلتها موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد.

وأضاف غوتيريس في مقابلة بثتها إذاعة فرنسا الدولية أن «جمهورية الكونغو الديمقراطية تمثل عامل اضطرابات أو استقرار للمنطقة بأكملها، والتخلي عن جمهورية الكونغو الديمقراطية سيكون انتحارًا ليس فقط من وجهة نظر الكونغوليين ولكن أيضًا من وجهة نظر مصالح المجتمع الدولي»، وذلك في رده بشأن مستقبل بعثة الأمم المتحدة في الكونغو (مونوسكو).

وشبه أمين عام الأمم المتحدة «الميليشيات» الأوغندية التي تنشر الرعب في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية بـ«الجماعات الإسلامية المسلحة في أفريقيا». وقال: «إن القوات الديمقراطية المتحالفة هي في رأيي اليوم جزء من شبكة تبدأ في ليبيا وتعبر الساحل وتذهب إلى منطقة بحيرة تشاد وتتواجد في موزمبيق».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *