انقسام في حزب ”نداء تونس”.. مؤتمران و رئيسان للجنته المركزية… أي مصير لنداء تونس في الانتخابات ؟

مغرب نيوز – عزيزة بن عمر

لا أحد من مؤسسي «نداء تونس» إبان 2013 كان يتوقع أن يؤول مشروع حزب إنقاذ البلاد كما أطلق عليه حينها إلى «أزمة تونس» بكل ما في الكلمة من معنى.
فالحزب الذي نافس حركة النهضة في انتخابات 2014 من أجل تغيير الأوضاع إلى الأفضل كما ورد في شعارات التأسيس الأولى غرق في مشاكله و أزماته و صراعاته الداخلية و زج بالبلاد و مؤسسات الدولة معه في صراعات متتالية وفي نفق مظلم على امتداد 3 سنوات.
فبينما تسعى أغلب الأحزاب خلال سنة انتخابية حامية المنافسة، إلى الدخول في تحالفات جديدة وجلب شخصيات وطنية لصفها لتقوية هياكلها، استعدادا لخوض المعترك الانتخابي للتشريعية و الرئاسية خاصة بعد بروز قوى جديدة في الساحة السياسية، لا يزال نداء تونس يعاني من الانقسامات داخله.
حيث تتواصل أزمة الشرعية داخل الحزب و هو ما يعمق التساؤلات بشأن كيفية مشاركته في الانتخابات المقبلة التي لم يعد يفصل عنها سوى أشهر قليلة، و عمّا إذا كان أحد الشقين سيقدم قائمات منافسة للشق الثاني.

و في حين يتجه شق سفيان طوبال لملمة شتات النداء، يتحرك شق حافظ قائد السبسي لتفادي الوقوع في عزلة بعدما اعترفت الحكومة بشق طوبال.

و أفاد الناطق الرسمي باسم حزب حركة نداء تونس (شق المنستير)، منجي الحرباوي، بأنه تم صباح الجمعة الماضي إيداع مراسلة لدى مكتب الضبط بمجلس النواب موجهة إلى رئيس المجلس محمد الناصر تتضمن إعلاما بتغييرات في كتلة نداء تونس البرلمانية (38 نائبا).

و أوضح الحرباوي، في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء أن هذه التغييرات تأتي تبعا لقرار المكتب السياسي للحزب المنعقد في أواخر الأسبوع قبل الماضي، و الذي تم خلاله التصويت بالإجماع على إقالة عضو مجلس النواب سفيان طوبال من نداء تونس، بما يفقده عضويته بالكتلة البرلمانية للنداء وبالتالي رئاستها.

و لا يبدو شق المنستير مهتما كثيرا بمسألة المشاركة في الانتخابات وسط حديث متزايد عن إمكانية تدخل الرئيس الباجي قائد السبسي لتأجيلها بحجة عدم جاهزية البلاد لإجراء انتخابات في الوقت الراهن.

و عقد النداء مؤتمرين انتخابيين في أفريل الماضي أفضيا لانتخاب رئيسين للجنتين مركزيتين، حيث جرى اختيار حافظ قائد السبسي لرئاسة اللجنة المركزية في مؤتمر عقد بمدينة المنستير، فيما تم اختيار طوبال لنفس المنصب في مؤتمر آخر عقد بمدينة الحمامات.

و أعلن التيار الذي يتزعمه طوبال ” لمغرب نيوز”، اعتراف الحكومة بالملف القانوني للحزب على حساب التيار الثاني الذي ندد بهذا الاعتراف و اعتبره غير قانوني، وسط حديث عن تحالف مرتقب بين شق طوبال و حركة تحيا تونس المحسوبة على رئيس الحكومة يوسف الشاهد.

و أكد رئيس اللجنة المركزية للحزب، سفيان طوبال أن “حافظ قائد السبسي ورقة تم طيّها و تجاوزها، وبالتالي فإن وجوده مرحب به شرط أن يكون هذا التواجد متوافقا مع حجم شعبيته التي أفرزتها نتائج المؤتمر، أي أنه لن يكون في الصفوف الأمامية”.

و بشأن إمكانية ترشيح الشاهد للرئاسية، يشدد على أن “الوضع الاقتصادي صعب و نحن منذ مدة ننتقد الأداء الحكومي، ونرى أنه يجب الإسراع بإحداث تغيير في عناصر الحكومة وخاصة المسؤولة عن الملف الاقتصادي و التقصير الحالي يقع على عاتق الفريق الحكومي بأكمله لا الشاهد بمفرده، ولذلك قد نرشحه للرئاسية إذا ما تم التوافق عليه”.

و يضيف طوبال “نحن نفرق جيدا بين الرئيس قائد السبسي و نجله و نستبعد تورط قائد السبسي الأب في مجمل ما لف فعاليات مؤتمر النداء، إلا عبر دعوات لم الشمل للعائلة الندائية”

و يتابع “في ما يتعلق بموقفنا إذا ما غير الباجي قائد السبسي قراره الراهن وترشَح للرئاسيات، فنحن ربما نوافق على ذلك إذا كانت ثمة حاجة معنوية لها و لكن، و بشكل عام، هناك متغيرات عدة بالساحة تختلف جذريا عن المعطيات التي دفعتنا لترشيح قائد السبسي للرئاسة عام 2014، الرجل ربما لا يكون المرشح ذا الثقل الذي نلتف حوله”.

و يبحث شق طوبال، عن تكتلات جديدة قبيل أشهر قليلة من الانتخابات التشريعية و الرئاسية، في مقّدمتها محاولة لم شتات نداء تونس التاريخي عبر فتح سلسلة مفاوضات أيضا مع حركة مشروع تونس التي يقودها محسن مرزوق قصد الالتقاء والتقاطع في تفاهمات تفضي إلى الاتفاق على مرشح رئاسي واحد.

و رغم الانشقاقات التي شهدها الحزب خلال السنوات الماضية و تراجع شعبيته، فإن طوبال أكد أن حزبه سيكون هو المنافس الحقيقي لحركة النهضة.

و شدد “النداء لم ينته… و المنافسة ستكون بيننا و بين النهضة بالانتخابات، لا بين النهضة و تحيا تونس كما يتصور البعض… فـتحيا تونس حزب جديد، و ليست له أي تجارب انتخابية… أما النداء فهو الأصل”.

و تابع “الانقسامات التي تعرض لها الحزب كانت على مستوى القيادة لا على مستوى الآلة الانتخابية بالشارع… و تلك الآلة لا تزال موجودة، ربما تقلصت قليلا، إلا أنها لا تزال موجودة، و حصلنا بفضلها على المركز الثاني في الانتخابات البلدية الأخيرة، وبإذن الله و مع دعواتنا إلى التوحد سنكون في المقدمة”.

و حول ما إذا كان يتوقع أن تؤثر نوايا الإدارة الأميركية بتصنيف تنظيم “الإخوان المسلمين”، كمنظمة إرهابية على حظوظ “النهضة” في الانتخابات، قال “بالطبع صدور القرار الأميركي سيؤثر كثيرا على حظوظ حركة النهضة رغم نفيها المتكرر لوجود أي رابط بينها و بين الإخوان المسلمين”.

و أضاف “إنهم ينفون رغم وجود شخصيات و قيادات نهضوية في عمق هيكل التنظيم الدولي للإخوان والاتحاد العام لعلماء المسلمين”.

مثل هذا المشهد المتضارب ضربة جديدة من شأنها أن تعصف بما تبقى من النداء بإيعاز من مؤسس الحزب الذي لم يقدر كبح طموح وعناد ابنه علاوة على حرب التموقعات، فالحزب الذي تمكن في مرحلة قصيرة، كسب الانتخابات التشريعية والرئاسية، أمام حركة النهضة ذات القواعد الانتخابية الثابتة يتهاوى اليوم بتدمير نفسه بنفسه من خلال صراع حلفاء الأمس الذين يتصارعون فيما بينهم في إحالة إلى ما يشبه النيران الصديقة.

طبيعة الصراعات تختزل وتفسر عمق الإشكال و مُجمل الاضطرابات التي تم تطويعها لخدمة أجندات سياسية بمقاربات خاطئة، أملتها حسابات شخصية تتسّم بالانتهازية مما جعل هذه الحركة تتلاشى شيئا فشيئا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *