الامتحان الأخير ..قبل تغيير النظام السياسي؟ .. بقلم كمال بن يونس

مشهد سياسي جديد بعد المصادقة على حكومة الفخفاخ :

الامتحان الأخير ..قبل تغيير النظام السياسي؟

* العلاقة بين الرؤساء الثلاثة في الميزان

بقلم كمال بن يونس

تستلم الحكومة التونسية الجديدة مهامها بعد أزمة سياسية دامت أشهرا كادت تتطور إلى حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات جديدة .

وقد حسمت هذه الأزمة بعد أن صادق أكثر من نصف أعضاء البرلمان على التشكيلة التي اقترحها الياس الفخفاخ وعلى برنامجها رغم اعتراضات أكثر من ثلث النواب عليها ..

فهل سوف تصمد هذه الحكومة طويلا وتكون في حجم التحديات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والسياسية الخطيرة التي تواجهها ؟ أم تنهار بسرعة على غرار الحكومات العشرة التي تداولت على البلاد منذ انهيار حكم الرئيس زين العابدين بن علي قبل 9 أعوام ؟

وما هي نقاط قوة حكومة الفخفاخ ونقاط ضعفها مقارنة بالحكومات السابقة ؟

كشفت الاتهامات المتبادلة بين ال150 نائبا خلال جلسة المصادقة على ” حكومة الوحدة الوطنية” ، أن مشهدا سياسيا جديدا مهددا ب” هزات ” و ب” اعادة تشكل مع تغيير محتمل للنظام السياسي” مثلما أورد الخبير في القانون الدستوري الصادق بلعيد .

الحزام السياسي ..

وقد أكدت تصريحات عدد من نواب المعارضة وممثلي البرلمان الأحزاب التي تشارك في الحكومة ، مثل النائبين عامر العريض وسيد الفرجاني عن حركة النهضة ، تعمق الخلافات داخل ” الحزام السياسي ” لحكومة الفخفاخ بسبب حدة التناقضات الفكرية والسياسية بين بعض مكوناتها .

كما أكدت تصريحات نواب و قياديين من حزبي التيار والشعب اليساريين المشاركين في الحكومة اختلافات بينهم وبين بعض مكونات الائتلاف الحكومي الجديد رغم مشاركة زعامات من الصف الأول في الحكومة بينهم رئيس حزب التيار الديمقراطي اليساري محمد عبو ونائباه غازي الشواشي ومحمد الحامدي والقياديين في حزب الشعب القومي العروبي فتحي بالحاج ومحمد المسيليني.

وقدم الجناح اليساري والقومي في الحكومة انتقادات الى شركائهم الاسلاميين والليبيراليين فيها وإلى من وصفوهم ب” رموز المنظومة القديمة ” و” المتهمين في الفساد المالي والسياسي”.

قيادات من الصف الأول

في المقابل نوه الفخفاخ ومقربون منه ، مثل مستشاره فتحي التوزري والوزيرة لبني الجريبي، بنقاط قوة الحكومة الجديدة واعتبروا أن من بينها انفتاحها على عدة أحزاب وعلى أكثر من 10 شخصيات مستقلة فضلا عن “قياديين من الصف الأول ” في حركة النهضة مثل عبد اللطيف المكي ولطفي زيتون و المنجي مرزوق و الحبيب الكشو..

ولفت المستشار السابق في رئاسة الجمهورية طارق الكحلاوي أن الياس فخفاخ نفسه كان وزيرا للسياحة والمالية في حكومتي 2012-2013 ، واعتبر أنه بدوره ” صديق لراشد الغنوشي زعيم حركة النهضة قبل أن يصبح صديقا للرئيس قيس سعيد” رغم الاختلافات التي برزت بينهما مؤخرا بين الغنوشي وفخفاخ حول مشاركة حزب قلب تونس والدستوريين في الحكومة “..

بل إن الموالين للنظام السابق بزعامة عبير موسي زعيمة الحزب الدستوري الحر اتهموا الياس الفخفاخ ب” التبعية لحركة النهضة ” باعتباره كان وزيرا في حكومتها عامي 2012 و2013..

الاقتصاد الرقمي

من جهة أخرى يعتبر عدد من المراقبين وأعضاء الحكومة الجديدة وأنصارها ، مثل رئيس البرلمان الانتقالي ما بين 2011 و2014 مصطفى بن جعفر ، أن التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة أساسا اقتصادية ومالية واجتماعية . واعتبروا أن من بين نقاط قوة الياس الفخفاخ أنه يمتلك وعددا من وزرائه شبكة علاقات مالية دولية تؤهلهم لتوفير ما تحتاجه البلاد من استثمارات وودائع وقروض على المدى القصير والمتوسط ، تمهيدا لتحسين مناخ الاستثمار وفرص خلق الثروة وتحسين القدرة الشرائية للطبقات الشعبية والوسطى .

في نفس السياق اعتبر وزير الطاقة الجديد المنجي مرزوق ، وهو خبير دولي في الاقتصاد الرقمي ، أن من بين نقاط القوة في الفريق الحكومي الجديد أن بينه عددا من الخبراء العالميين في مجالات اقتصاد المعرفة وادخال الاصلاحات الرقمية في الادارة ومؤسسات المالية والجباية والطاقة والاتصالات ..

العلاقة بين الرؤساء الثلاثة

لكن السؤال الذي يؤرق الجميع بعد تشكيل هذه الحكومة يهم قدرتها على الصمود طويلا بسبب اختلاف ولاءات اعضائها : البعض موال لرأسي السلطة التنفيذية قيس سعيد والياس الفخفاخ ، والبعض الآخر لرئيس البرلمان وزعيم حزب النهضة راشد الغنوشي و حلفائه الذين يعترضون على الحد من سلطات البرلمان وعلى الدعوات الى توسيع صلاحيات قصر قرطاج و إلى ارجاع البلاد الى اعتماد ” النظام الرئاسي ” بحجة فشل ” النظام السياسي المعتمد منذ انتخابات اكتوبر2011 ” أي ” النظام البرلماني المعدل”.

فهل ينجح قادة البلاد في احتواء هذه الخلافات أو تأجيلها حتى تصمد الحكومة عاما أو عامين على الأقل ؟

إنه الامتحان الأخير للطبقة السياسية الحالية .. قبل اللجوء إلى تغيير النظام السياسي..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *