اسيا العتروس: 13 أوت 1956 -13 أوت 2017… تونسية.. وسأعيش حتى حلمي لن يموت

كم نتمنى أن يتجه التفكير هذا العام الى تكريم زعرة السلطاني تلك المرأة العظيمة التي لن نوفيها حقها مهما فعلنا , انها أم الراعيين الشهيدين مبروك وخليفة السلطاني اللذين أقدم تنظيم “داعش” الإرهابي على ذبحهما وحرق كبد والدتهما في مناسبتين..واذا كنا ندرك أنه لا شيئ يمكن أن يخفف مصاب أم استهدفت في فلذتي كبدها فقد يكون في هذا التكريم الرمزي في عيد المرأة أيضا اعتراف وتكريم لكل أمهات الشهداء الذين دفعوا حياتهم ثمنا حتى يعيش غيرهم من التونسيين و في ذلك ايضا ما يمكن ان يعزز القناعة بأنه هناك دولة مهما ضعفت أو تراجعت تحترم كل مواطنيها وتصون كرامة الجميع .. موعد 13 أوت هذا العام سيكون له طعم مغاير ووقع مختلف بات يستوجب تسليط الأضواء على الكثير من الملفات المغيبة التي لا يمكن أن تطمسها الأجواء الاحتفالية الرسمية هذا الحدث الوطني وبما تحقق قبل أيام من تتويج لجهود أنصار حقوق المرأة في مجلس النواب بالتصويت على نص قانون يجرم العنف ضد المرأة ..مبروك وخليفة السلطاني حكاية لا يجب أن تطوى أو تغيب عن انظارنا و اهتماماتنا وبقدرانتصارنا لهذه الام الثكلى وبقدر التضامن الرسمي والشعبي معها بقدر توفر الإرادة و الجهود منع تكرار ما حدث و تجنب الاسوا ..علمونا في المدرسة ان نردد ما قاله الشابي نموت نموت و يحيا الوطن و ان الأوان ان نقول نحيا ويحيا الوطن و يحيا الحلم فينا ..
مأساة أم الشهيدين بدأت بالتأكيد مع الفقر والجهل ولكن أيضا مع غياب العدالة الاجتماعية والحيف وانتهت مع الإرهاب والتطرف , ولولا الفقر لما اضطرت للعيش بين الجبال ولما حرم أبناؤها من فرصة التعليم ولما ذهبوا ربما ضحية الإرهاب ..مأساة أم الشهيدين التي يجب أن تظل عالقة في الاذهان في عيد المرأة بل و في كل أيام السنة , هي مأساة من حرموا من حق التعليم وحق الحياة في بلد راهن منذ فجر الاستقلال على مجانية و تعميم التعليم وقد وجدوا أنفسهم رعاة للغنم في مناطق معزولة يتربص بها الارهابيون الذين اتخذوهم رهائن ..هذه الأسباب وغيرها من شأنها أن تدفع جديا الى تكريم أم الشهيدين لانها بكل بساطة جزء من المجتمع التونسي بكل تناقضاته الصارخة بكل التفاوت الجهوي فيه ولانها يجب أن تظل نصب أعيننا لتذكرنا بالحقائق المؤلمة من حولنا والازمات المستعصية في بلادنا بعد نحو سبع سنوات على الثور ..
لقد ارتبط موعد 13 أوت في أذهان أجيال متعاقبة من التونسيين بمجلة الأحوال الشخصية وما تحقق معها للمرأة التونسية من مكاسب ولكن أيضا للعائلة وللمجتمع التونسي بفضلها فالمرأة هي المدرسة التي تغنى بها حافظ ابراهيم و قال فيها وأن الام مدرسة اذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق وهو ما أدركه وتلقفه مبكرا الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة ووجد في دعم رفاق النضال من رجال الدين المتنورين واصلاحيين الاجتماعيين ورجال السياسة و الفكر والثقافة دعما بدونه ما كان بالإمكان ربما في ذلك الوقت الذي كانت تونس بالكاد تخرج من معركتها ضد الاستعمار لتبني مثل تلك الأفكارالاستباقية الثورية في مجتمع إسلامي تقليدي تحكمه العقلية الذكورية المتوارثة ليعمد الى اعلان وتقنين حقوق المرأة و تضمينها مجلة الأحوال الشخصية والغاء تعدد الزوجات الذي لا يزال امرا ساريا في اغلب المجتمعات العربية والإسلامية حتى اليوم وتقنين الطلاق أمام المحاكم و تحديد سن الزواج بما يحمي الفتيات من الزواج المبكر..
وهي من القوانين الرائدة التي استوجبت جرأة استثنائية لتكريسها في المجتمع التونسي المكبل بفقره وكثرة علله التي خلفها الاستعمار..ولا شك أن الأهم في كل تلك القوانين كان ولا يزال في اعتقادي مرتبط باجبارية ومجانية التعليم سلاح تونس اليوم وغدا هو السلاح الذي تطورت بفضله الشعوب التي امنت به و راهنت عليه , وأخفقت غيرها من الشعوب والمجتمعات التي تجاهلته وقللت من شأنه …
– معركة ما بعد تجريم العنف ضد المرأة
لا شك أن مصادقة مجلس نواب الشعب بالاجماع في 26 جويلية الماضي قبل أسابيع على موعد العيد السنوي للمرأة التونسية خلال جلسة عامة على مشروع القانون الاساسي عدد 60-2016 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة برمته ب 146 صوتا دون احتفاظ أو اعتراض وذلك بعد ثلاث جلسات عامة ماراطونية استغرقها نقاش هذا القانون خطوة إضافية لصالح المرأة التونسية بمشاركتها حيث أن هذا القانون لم يكن منة ولا هدية ولم يكن أيضا من دون جهود مضنية من جانب النواب الذين تمسكوا بالتعديلات التي أدخلت عليه او كذلك من جانب نشطاء المجتمع المدني في مواجهة كل محاولات الارتداد عليه من أجل صدورهذا القانون في شكله الحالي الذي يسعى للقضاء على كل اشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي تماما كما أن التوصل الى الترفيع في سن الاهلية الجنسية من 13 الى 16 سنة حماية لضحايا العنف الجنسي يعد استكمالا لما تضمنته مجلة الأحوال الشخصية لضمان كرامة المرأة وتحقيق المساواة المنشودة ..
على أن الحقيقة أن هذه المكاسب القانونية على مدى العقود الستة التي ارتبطت بدولة الاستقلال ثم بالثورة وبرغم أهميتها وبرغم كل ما تمنحه للمرأة التونسية من حقوق تفخر بها فانها لا تلغي في الحقيقة عديد النقائص ولا تسقط المخاوف وكل ما من شأنه أن يدعو للانشغال بشأن كل التحديات الاجتماعية التي تحيط بمجتمعنا وتهدده في مكاسبه بل وحتى في هويته وانتمائه أمام تلك العقليات الظلامية التي كنا نخالها اندثرت من البيئة التونسية المغاربية الافريقية المتوسطية الصافية المنفتحة والبعيدة عن كل أنواع التطرف والتشدد الغارقة في الجهل والحقد الاعمى ..
نقول هذا الكلام وفي البال تلوح عديد المخاطر القادمة بعد سنوات من الاهتزازات ولارتدادات والفوضى التي رافقت الثورة الشعبية للقطع مع التسلط والفساد والاستبداد والتي لا نراها حتى الان انخرطت جديا في الإصلاحات المطلوبة في عديد القطاعات التي بدونها لا يمكن استعادة البوصلة المفقودة .
واذا كان جيلي قد ترعرع على أرض دولة الاستقلال ونشأ في أحضان المدرسة العمومية ونهل من عطاء جيل من المربين والأساتذة الذين اجتمعت فيهم كل الخصال العلمية والثقافية والإنسانية فكانت مدرسة وعنوان لاجيال متعاقبة من التونسيين من مختلف الطبقات الاجتماعية الفقيرة والمتوسطة والثرية .فقد كانت المدرسة العمومية حتى وقت قريب الخط الذي اقترب معه التونسيون لتحقيق المساواة .و لعل الهدف الأساسي لدولة الاستقلال و لجيل الاستقلال الذي و ان اختلف في عديد المسائل السياسية فقد اتفق حول مسألة التعليم و مجانية و اجبارية التعليم التي نوشك أن نخسرها وهي خطوة تحسب له عندما انتشرت المدارس من المدن الى القرى والأرياف وتنافست كل العائلات على تعليم ابناءها و توفير الكتاب لاطفالها و انتظار فرحة السيزيام مناظرة ختم الشهادة الابتدائية ثم الباكالوريا مناظرة ختم الشهادة الثانوية والاستعداد للدخول الى الجامعة .وكان لكل عائلة حكاية مع التضحيات الجسام للاباء و الأمهات لكسب الرهان فمن كان مقتدرا لم يتردد في بيع الأرض والزيتون لتعليم ابناءه في الجامعة و حتى ارسالهم الى الخارج ومن امتلكت ذهبا أيضا لم تبخل به على ابناءها ففي طلب العلم يهون كل شيئ , و من لم يملك ذهبا و لا زيتونا عمل ليلا نهارا من اجل ذلك أمهات سهرن خلف النول يصنعن الزرابي والاغطية الصوفية لبيعها أو يمتهن التطريز و الحياكة و تربية المواشي و الدواجن لتوفير احتياجات الأبناء للنجاح في الدراسة .كان للكرامة عند التونسي عنوان و الكتاب قبل الخبز دائما و ليس أحيانا ..
عقلية التونسي بين الجمود و التراجع و التطور
أمور كثيرة تغيرت اليوم في عقلية التونسي التي فقدت الكثير من تقديسها للمدرسة و لرفعة التعليم , ولاشك أن في ارتفاع نسبة المنقطعين مبكرا عن التعليم والتي تجاوزت قبل سنتين110 الاف دون سن السابعة عشرة ما بات يشكل تحديا خطيرا أمام ظهور تلك العقلية السلبية لدى شريحة مهمة من الشباب الذي بأنه من تعلم كمن لم يتعلم لا مستقبل له وهوالشعارالمفلس الذي بات يردده كثيرون “تقر ما تقراش مستقبل ما ثماش” والذي يجد له مبررات كثيرة أمام تفاقم الأرقام في صفوف العاطلين عن العمل بين جيوش من خريجي الجامعات الذين يجدون أنفسهم مه نهاية كل سنة جامعية على قارعة الطريق وهوما يؤكد ضرورة التعجيل بإصلاح المنظومة التربوية المتدنية التي فقدت الجودة التي كانت تميزها فتراجع مستوى الطالب وضاع ما كان يميز خريجي الجامعة التونسية من مستويات مرموقة ..
لسنا نبالغ اذا اعتبرنا أن أكبر ثروة لتونس كانت ولا تزال في طاقاتها و قدراتها البشرية وسواعد وعقول ابناءها ..كان ذلك قبل أن تتراجع مكانة المدرسة العمومية و تدخل المدرسة ثم المعاهد ثم الجامعات الخاصة على خط التنافس و يتراجع الرهان على المدرسة العمومية فتفقد الكثير من خصوصياتها و مردوديتها أيضا ..و للأسف نقول ان مدارس كان في المرتبة ذاتها مع المدرسة التونسية في سبعينات القرن الماضي باتت اليوم نموذجا عالميا يحتذى لانها حافظت على الرهان و حافظت على المدرسة العمومية ونقصد هنا المدرسة الفنلندية التي باتت موضوع اهتمام كل دول العالم .وقد استمرت المدرسة الفنلندية في تجربتها و دعمت المدرسة العمومية و خلال زيارة الى هذا البلد امكن لنا التعرف على أسباب وسر النجاح السياسة التربوية في هذا البلد الذي لا يوجد فيه مدارس خصوصية و حيث يجلس ابن الوزير و ابن رجل الاعمال و ابن العامل امام نفس المدرس و يتعلمون في نفس الظروف و ياكلون من نفس الطعام الذي يقدم للجميع ..و قد راهنت فنلندا على الاستثمار في رجال التعليم بكل مستوياتهم فوفرت لذلك كل الإمكانيات من اجل مدرسة متطورة مواكبة للعصر تشجع على الخلق والابداع الابتكار منذ السنوات الأولى ..
-لماذا نجحت فنلندا ولماذا فشلنا ..بلد جمع قيم الإسلام بدون مسلمين
دأبوا على تعليم الأطفال وهم يلعبون فغرسوا في الأجيال الفنلندية وعلى مدى العقود الخمس الماضيةكل أسباب النجاح و التفوق على غيرهم من المجتمعات
فنلندا التي تستعد للاحتفال بمرور مائة عام على استقلالها باتت عنوانا لاكثر التجارب الناجحة في التعليم العمومي في العالم في بلد راهن على تربية الأجيال و استثمار افضل ما لديه لضمان جودة و رقي التعليم كل ذلك في أجواء من الرفاهية للجميع بما يحفز التلميذ و منذ سنواته الأولى على استكشاف المعارف و يدفع الاطار التربوي لتقديم افضل ما لديه لكسب ثقة النشئ و لكن أيضا ثقة الراي العام الذي يكن لهذه المهنة احتراما معلنا و لا يخفي الفنلنديون افتخارهم بذلك .التعليم طريق لتحقيق العدالة و ضامن لاستمرار تطور المجتمع و الاستعداد لمستقبل مختلف ستختفي منه مهن و تظهر أخرى في عالم يتجه الى الرقمنة في كل مجالاتها ..لا عجب اذن ان تكون المؤسسات التربوية بمختلف مراحلها منذ مرحلة المحضنة الى الجامعة فضاءعلميا شاملا يجمع بين الرفاهية والعولمة والثقافة والذوق الرفيع بما يضمن للمجتمع الفنلندي موقعه بين الدول الراقية .بل الحقيقة ان هذه الشروط تكاد تتوفر في مختلف انحاء هذا البلد حيث يثيرك ما تتميز به مدنه و شوارعه من نظافة وانسجام يحدث ذلك دون أن تنتبه الى وجود عمال النظافة او عربات النظافة و ربما يحرصون على القيام بذلك ليلا , تماما كما تثيرك درجة الانضباط و الحرص على احترام مواعيد وسائل النقل حيث لا تدافع و لا مكان للكلام البذيئ ولا ما يمكن ان يخدش الحياء او يزعج المواطن او الزائر .
ليس سرا ان المؤسسة التربوية الفنلندية ما انفكت تستأثر بالاهتمام بعد النجاحات التي تحقق لهذاالبلد الذي احتل المرتبة الخامسة في العالم حسب تقرير بيزا قائمة أفضلو اجود أنواع التعليم حتى اندولا أوروبية و بينها فرنسا باتت تبحث كيفية الاستفادة من المثال الفنلندي الذي قد يبدوفي أذهاننابعيد المنال و لكنه في الحقيقة أقرب ما يكون الى واقعنا .و لاشك أنه عندما تتوفر الفرصة للاطلاععن كثب عن هذه التجربة سندرك في الحقيقة كم كانت المدرسة التونسية العمومية قريبة من تحقيقهذا التميز في ثمانيات القرن الماضي لولا ما أصاب المؤسسة التونسية من تراجع عن الثوابتوافتقارالمسؤولين للنظرة الاستباقية حول مدرسة المستقبل .و بالعودة الى سر نجاح المدرسةالفنلندية التي باتت نموذجا للكثير من الدول الراغبة في التطور يكمن أولا في دمقرطة التعليم بمعنىاجبارية و مجانية التعليم منذ سن السابعة و لكن أيضا تعميم التعليم بحيث يكون لكل الأطفال حيثمايكونون في المدن او الأرياف و سواء ينحدرون من أوساط ميسورة أو معدمة يتوفر لهم نفس التعليمفالتعليم في فنلندا عمومي و لا مكان في هذا البلد للتعليم الخاص باستثناء المدارس الأجنبيةالمخصصة لابناء الديبلوماسيين او غيرهم .تماما كما تحرص المؤسسات التربوية في هذا البلد علىضمان افضل و اجود أنواع التعليم للجميع و توفير بيئة مدرسية تتوفر فيها كل الأسباب المطلوبةلتكوين الأطفال افضل تكوين .و البداية طبعا تبدا بتوفير كل الأسباب الصحية و توفير الطعام لكلالتلاميذ على مدار السنة دون تمييز أيضا بحيث يتم تدريبهم على الطعام الصحي و كل ما يتوفرللتلاميذ في المؤسسة التربوية مجاني حيث تحرص الدولة على توفير الأفضل للجميع دون استثناء.اما السبب التالي او الشرط الذي لا يقل أهمية عما سبق فيتعلق و هذا الأساس بتكوين المربيين منمختلف المستويات حيث يكون المربي المكلف بالسنوات التي تسبق المدرسة حاصلا على شهادةالماجستيرثلاث سنوات جامعية في حين يكون المربين في المدارس الابتدائية من الحاصلين علىالماستير خمس سنوات .و يتم اختيار المؤهلين لتعليم و تربية الأجيال من بين افضل الطلبة و حسباحدث الاحصائيات فان 6 بالمائة فقط يتم اختيارهم لهذا الاختصاص و يكون ذلك بعد الخضوعلاختبارات متعددة لضمان توفر المهارات لمربي الأجيال القادمة والطريف ان اغلب المنتمين لقطاعالتعليم من النساء .و لا وجودفي المدرسة الفنلندية لدروس خصوصية و المربي او المدرس يتولىتعليم و تدريس كل المواد حسب التكوين الذي تلقاه و له ان يجتهد في تقديم الإضافات المطلوبةخارج اطارالبرنامج وحسب احتياجات كل التلميذ .والمدارس كما الجامعات ورياض الأطفال اشبهبالمخابر المفتوحة لاستقراءو بحث افضل ظروف التعلم و استقراء مدرسة المستقبل و مجتمعالمستقبل .
في المقابل فان المربين يتقاضون مرتبا يعتبرعاليا مقارنة بغيره من القطاعات العمومية و للمربيمكانة مهمة في المجتمع الفنلندي وهو محل احترام و تبجيل و يحظى بثقة واسعة من الاولياء كماالتلاميذ الذين يخضعون لاختبارات شهرية لتقييم مدى تقدمهم في شتى المواد و دون أن يكون ذلكمرتبطا بالاعداد وهي طريقة لتحفيز التلاميذ على المعرفة .و للمربي الدور الأساسي في تجاوز حالةالضعف اوالتراجع عن بقية التلاميذ ان وجدت بعيدا عن الأساليب العقابية التقليدية أوالاقصاء او التهميش .ووجود مشكلة ما لدى التلميذ تعني ان هناك مشكلة في الاطار التربوي الذي سيتجند للاحاطة به واكتساب ثقته في محيطه مجددا .
“علم الأطفال وهم يلعبون “شعار تعلمناه أطفالا في المدراس ولم نر له تطبيقا في الحياة المدرسيةولكنه اليوم جزء أساسي من نجاح التجربة التعليمية في فنلندا هذا البلد الذي لا نكاد نعرف عنه الاالقليل اذ لا نعلم لفنلندا موقعا يذكرعلى الساحة الدولية والإقليمية ولا هوأيضا بالقوة العسكرية و لكنفنلندا استقطبت الاهتمام عندما تصدر طلبتها قائمة الطلبة المتفوقين في مجمل الاختبارات التيشاركوا فيها في اغلب المواد العلمية والأدبية حسب تقارير بيزا لمنظمة التعاون الاقتصادي للتنميةOCDEوهوما جعل الأنظار تلتفت الى البحث عن سرنجاح هذه التجربة في بلد تتصف الحياة فيهابالكثير من التعقيدات بالنظرالى صعوبة المناخ وامتداد الشتاء وموسم الثلوج اشهرا طويلا لا يعرفمعها الفنلنديون الشمس الا أياما معدودة ..الى هنا تنتهي المقارنة و الحال أنها لا تنتهي لان التجربة الفتلندية في عديد المجالات جديرة بالتمعن والدراسة لا سيما فيما يتعلق بالإصلاح الإداري وبالشفافية وبمكافحة الفساد ..
خلاصة القول أن المرأة التونسية اليوم تقف أمام اختبارات مصيرية وهي لا تتوقف عند حدود القوانين والتشريعات التي ترتبط بقضايا المرأة ولكن بما هو أوسع وأشمل في المشروع الاجتماعي التونسي وما يقتضيه من مراجعات جدية وإعادة تحديد قائمة الأولويات وحصرالتناقضات الصارخة التي باتت تأكل المجتمع التونسي وتهدد وحدته وتماسكه وتضمن تنوعه وتعايشه السلمي بين مختلف مكونات التونسي كل ذلك مع استفاقة خطرالعروشية والجهوية المدمرة وما يمكن أن تحمله في طياتها من فتن تجد في تلك العقليات المتحجرة ما يدفعها لتطل برأسها كالافعى تنثر سمومها في أكثر من مناسبة تتحول الى مواجهات دموية وتصفيىة للحسابات والانتقام بين أبناء البلد الواحد وأحيانا بين أبناء القرية الواحدة وأبناء الجهة الواحدة ..لهذه الأسباب وغيرها سيكون من الاجحاف الاستهانة بما تحقق للمرأة التونسية من مكاسب ولكن الأكيد أن ما تبقى من المعركة سيكون الأكثر تعقيدا فاذا كانت صياغة القوانين و المصادقة بداية المعركة فان قلب المعركة مرتبط بتغييرالعقليات المتجمدة للقبول بانسانية المرأة التي منها حقها في الحياة وحقها في التعليم و تقرير المصير لتكون متساوية مع الرجل في الحقوق والواجبات والارث ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *